"طوفان الأقصى" تفرز قوائم العار.. وصنعاء تتصدر "قائمة الشرف"

YNP /إبراهيم القانص - 

اختلفت مواقف الأنظمة العربية إزاء القضية الفلسطينية، وأصبحت أكثر وضوحاً وانكشافاً منذ بدأت معركة "طوفان الأقصى"، فمنها من أعلن تأييده الكامل ووقوفه إلى جانب القضية الفلسطينية،

لكن هذه المواقف لم تتجاوز حدود البيانات التي تلوكها وسائل الإعلام، وهي غالباً مواقف بروتوكولية الغرض منها امتصاص الغضب المتصاعد لدى الشعوب العربية التي لا تزال وفيّة لقضية العرب المحورية، ومن الدول العربية من أعلنت مواقفاً متقدمة من التأييد والمساندة للفلسطينيين، والمشاركة الفعلية في المعركة ضد حرب الإبادة التي يشنها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في غزة، وهي بالطبع دول محور المقاومة.

 

صنعاء، التي أصبحت من أبرز عواصم دول محور المقاومة، سجلت واحداً من أكثر المواقف تقدماً وفاعلية، إذ أعلنت دخولها خط المواجهة بعمليات هجومية ضد الجيش الإسرائيلي بالصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيّرة، والتي كان آخرها يوم أمس الأربعاء، حسب البيان الذي أصدرته قوات صنعاء والذي قالت فيه إنها أطلقت عدداً كبيراً من الطائرات المسيرة، مؤكدة أنها وصلت بالفعل إلى أهدافها في عمق الاحتلال الإسرائيلي، وفق البيان.

 

في المقابل هناك من أعلن وقوفه الكامل إلى جانب إسرائيل ضد الفلسطينيين، بعد ما ظل عقوداً يؤيد القضية ظاهرياً للاستهلاك الإعلامي، مثل الإمارات التي أعلنت تأييدها رسمياً لإسرائيل عبر مندوبها في مجلس الأمن.

 

السعودية تتخذ موقف الإمارات نفسه المؤيد للكيان الإسرائيلي، حتى وإن لم تعلنه رسمياً، لكنه يظهر في تصرفاتها على الأرض، حيث اعترضت دفاعاتها الجوية واحداً من صواريخ قوات صنعاء أُطلق باتجاه الكيان المحتل، ضمن التزاماتها غير المعلنة بمعاهدة التطبيع التي لم يبقَ سوى إعلانها رسمياً، بالإضافة إلى أن موقفها يظهر في منشورات الناشطين والكُتَّاب المقربين من النظام ومن ولي العهد محمد بن سلمان، الذين يحرضون ضد الفلسطينيين، حيث دعا الكاتب السعودي رواف السعين، دول الخليج إلى طرد الفلسطينيين ومنعهم من دخول أراضيها.

 

وأثارت تصريحات الكاتب السعودي المقرب من النظام استنكاراً واستهجاناً كبيرين في أوساط الناشطين، الذين ووصفوه بالمتصهين الذي يساند الكيان في جرائمه ضد الإنسانية، معتبرين موقفه انسجاماً مع تطبيع النظام السعودي مع الكيان الإسرائيلي،

 

وتعليقاً على حديث السعين، قال المغرد السعودي الشهير "مجتهد"، ساخراً: "من قال ليس عندنا حرية تعبير.. هذا الصهيوني يمارس حرية التعبير ولم يتعرض لأي مضايقة من السلطة"، مستدركاً أن "الحقيقة أسوأ من ذلك، الحقيقة أنه لا يمارس حرية تعبير بل مكلف من السلطة بأن يتحدث بهذه اللغة".

 

وفي سياق الموقف السعودي المعادي للفلسطينيين والمؤيد لإسرائيل، كشف ناشطون سعوديون معارضون، عن اعتقالات طاولت معتمرين داخل الحرم المكي في السعودية، بسبب تضامنهم مع الفلسطينيين ومناهضتهم للحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، مؤكدين توقيف الأجهزة الأمنية السعودية عدداً من المعتمرين من جنسيات مختلفة- في الحرمين المكي والمدني- بسبب ارتدائهم "الشال الفلسطيني". 

 

الناشطون أوضحوا أن الأجهزة الأمنية السعودية احتجزت المعتمرين في غرف منفردة لمدة 6 ساعات، وعاملتهم بطريقة مهينة، ولم تطلق سراحهم إلا بعد توقيعهم تعهدات بعدم تكرار ذلك، مهددةً إياهم بالسجن في حال عبروا عن ذلك التضامن بأي مظهر.

 

وكان حساب "معتقلي الرأي" كشف قبل أيام ان السلطات السعودية اعتقلت مواطناً بريطانياً من أصول باكستانية على خلفية رفعه علم فلسطين، خلال مباراة الملاكمة التي أقيمت في المملكة، السبت الماضي، ضمن فعاليات موسم الرياض.

 

ومنذ وقت مبكر- قبل معركة "طوفان الأقصى"- تنتهج السعودية سياسة معادية للقضية الفلسطينية، حيث اعتقلت عدداً من رجال الدين والصحافيين والكُتّاب والأطباء والأكاديميين والناشطين المناصرين والمدافعين عن القضية الفلسطينية، ومن أبرزهم الدكتور سلمان العودة، اعتُقل في التاسع من سبتمبر عام 2017م، حيث وجهت له 37 تهمة منها السعي في الإفساد المتكرر، عدم الدعاء لولي الأمر بما فيه الكفاية، وكذلك الصحافية مها الرفيدي، التي اعتُقلت في 28 سبتمبر 2019م، والخبير الاقتصادي عصام الزامل، الذي تم اعتقاله في سبتمبر 2017، في أحد المطارات السعودية أثناء عودته من أحد المؤتمرات الدولية الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية، والكاتب والأكاديمي عبدالله المالكي، الذي تم اعتقاله في 12 سبتمبر 2012 بتهم تتعلق بنشاطه الثقافي وحيازة كتب غير مصرح بها، وكذلك الطبيبة والناشطة لينا الشريف التي اعتقلت في مايو 2021م، والباحث الشرعي الذي لا يزال معتقلاً حسن فرحان المالكي، والمدون داوود العلي الذي أاعتقل في ديسمبر 2020، على خلفية منشورات انتقد فيها التطبيع مع إسرائيل، وقد حكم في سبتمبر 2022 بالسجن 25 عاماً، ومن المعتقلين بسبب مناصرة فلسطين الأستاذ الجامعي ورجل الدين عوض القرني الي اعتُقل في 9 سبتمبر 2017، وأيضاً الأستاذ الجامعي علي بادحدح الذي تم اعتقاله في 12 سبتمبر2017م.

 

الدبلوماسي الأمريكي السابق دينيس روس، كشف حقائق مخزية بشأن مواقف الحكام العرب من القضية الفلسطينية وخصوصاً ما يحدث الآن في غزة من إبادة جماعية لسكان القطاع، حيث أكد أن إسرائيل وأمريكا ليستا الوحيدتين اللتين ترغبان في تدمير حركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، بل هناك قادة عرب يرغبون أيضاً في القضاء على الحركة.

 

وذكر روس، في مقال نشره في صحيفة "نيويورك تايمز"، أنه تحدث مع مسئولين عرب، خلال الأسبوعين الماضيين، وأخبره كل واحد منهم "أنه لا بد من تدمير حماس في غزة".

 

وأوضح روس أن أولئك المسئولين العرب الذين تحدثوا إليه صرحوا له بمواقفهم "على انفراد"، مشيراً إلى أن "مواقفهم العلنية على خلاف ذلك؛ لأنهم يدركون أنه مع استمرار انتقام إسرائيل وتزايد الخسائر والمعاناة الفلسطينية، فإن مواطنيهم سوف يغضبون"، مؤكداً أنهم يتظاهرون بأنهم يدافعون عن الفلسطينيين من واقع حاجتهم إلى ذلك لامتصاص غضب شعوبهم، حيث قال: "أولئك الزعماء يحتاجون إلى أن يُنظر إليهم على أنهم يدافعون عن الفلسطينيين، على الأقل خطابياً".