حميد الشرعبي
بدأت السعودية عملية اجتثاث لحليفتها الصغيرة ردا على رعونتها في اعلان الانسحاب. في عدن، المدينة التي تتخذها الامارات قاعدة لقواتها، تجرى عملية واسعة للقضاء على مظاهر الوجود الإماراتي هنا .
طمس لشعارات ابوظبي على جدران شوارع عدن ، انزال اعلام دولة الامارات، وحتى تمزيق صور رموز هذه الدولة، لكن اكثرها تلذذ وضع صور ولي عهد ابوظبي محمد بن زايد ورئيس دولة الإمارات خليفة بن راشد على متن شاحنة نفايات "قمامة" والتجوال بها في شوارع المدينة، والقهر ان تلك الشاحنات لا تزال تلبس شعار الهلال الاحمر الاماراتي .
تأجيج الغضب
قد تبدو هذه الاعمال في ظاهرها تعكس ثورة شعبية لطالما انتظرها الاهالي الذي سمتهم القوات الاماراتية والفصائل الموالية لها سوء العذاب.. ثمة انين في كل منزل بسبب السطوة التي حكم بها الضباط الإماراتيين المدينة التي عرف اهلها بالسلام لعقود. اختطاف، قتل، تعذيب، اخفاء قسري أضف إلى ذلك انتشار تجارة المخدرات و اغتصاب الفتيات والرجال على حد سواء.
هذه المظاهر كانت ولا تزال تؤرق الاهالي هنا وهي لا تختلف عما تفعله القوات السعودية عبر اذرعها بالأهالي في مدينة سيئون أو محافظة المهرة ،لكن الفارق ان السعودية استندت إلى هذه الغضب لتأجيجه والقضاء على أي وجود مستقبلي لأبوظبي التي تحاول العودة عبر اذرعها المحلية كما تقول التقارير الغربية لا سيما وأن هذه الاعمال- سالفة الذكر- تتزامن مع وصول طلائع قوات سعودية إلى عدن قادمة من خارج الحدود تحت مسمى "حماية نواب هادي" .
زيارة سرية
قبل هذا الوجود كانت السعودية التي استدعى مسئوليها وزير الداخلية في حكومة هادي لزيارة سرية كانت قد سربت محاضر تحقيقات تظهر علاقة الامارات بكل الجرائم التي شهدتها عدن وابرزها ملف الاغتيالات بحق أكثر من 30 أمام وخطيب جامع. فاقمت تلك التسريبات غضب الاهالي مما هيئ الطريق لدخول السعودية التي تتحضر لتوجيه ضربة قاضية لأبوظبي، فهي وكما يقول القيادي في الانتقالي عبدالسلام عاطف جابر وضعت الانتقالي الذي شكلته الامارات في 2016 كرديف يشرعن وجودها أمام خيارين أم الحاق قواته المعروفة بـ"الحزام الامني والنخب" بقوات هادي الموالي للسعودية أو تسليم اسلحته وتسريح عناصره.
مخاوف الانتقالي
يدرك الانتقالي حجم الخطر السعودي على مستقبله وهو الان يحاول التقارب مع الرياض تاركا ابوظبي تغرق في وهمها.. هذا ما حاول رئيس الدائرة الخارجية في المجلس الانتقالي، احمد بن فريد العولقي ابرازه في مقابلته الاخيرة مع قناة ابوظبي. كان يحاول مذيع الامارات تنطيقه بإعلان الانفصال بالقوة لكن بن فريد قاطعه وشرع بسرد مخاوفه فالانتقالي وقبل كل شيء يخشى فشل اعلانهم هذا مالم يكون مسنودا سعوديا، كما يقول، ناهيك عن ضرورة توافق سياسي بين القوى اليمنية.. هذه التغيرات في توجه الانتقالي الذي عززته الامارات بأكثر من 90 الف مقاتل خلال السنوات الماضية دفع ابوظبي لتحريك ملفات اخرى فهي وكما تتحدث تقارير نشرتها صحف غربية لن تتخلى عن اليمن بسهولة وستعمل على اشعار الرياض بحجم الفراغ الذي خلفته خصوصا في المناطق الجنوبية التي تسعى ابوظبي العودة إليها من بوابة الاذرع المحلية..
استدعاء يناير
تعمل الإمارات حاليا وفق سياسة "علي وعلى اعدائي" محاولة تفجير صراعات في كل محافظة جنوبية. يبرز ذلك بدفعها لاحد قادة انتقالي الضالع، يحي غالب الشعيبي، لتفجير الملف الاكثر دموية في تاريخ الجنوب والذي لا تزال تداعياته تلاحق القوى الجنوبية إلى اليوم. تحدث الشعيبي عن ملف يناير من العام 1986 عندما اختلف الرفاق وانقسموا "طغمة وزمرة" محولين حياة الجنوبيين إلى جحيم على صدى القتل بالهوية والدفن احياء. كانت الضالع وشبوة المعادلة وهاهي ابوظبي تحاول اعادة الاحقاد بينهم بتصريحات اطلقها الشعيبي في وجه ابن شبوة وابرز شخصياتها الاجتماعية أحمد مساعد حسين الذي اتهمها الشعيبي بمصاص دماء والتلذذ بقتل ودفن اهله احياء .. لم يفعل مساعد شيء يستحق كل ذلك النقد والاتهامات سوى انه هاجم التحركات الاماراتية في شبوة لتفجير اقتتال قبلي لطالما عانت منه المحافظة النفطية، لكن يبدو أن الامارات تخطط لإحياء الصراع الجهوي وباعتراف مساعد نفسه.تلك واحدة من اوراق الاماراتي التي تخطط بها لقلب الطاولة في الجنوب مستقبلا، أما الاخرى وهي الاشد فتكا فتتمثل بإعلان قائد القوات الاماراتية راشد الخلفي من ابين عن تحضيرات بلاده لتطهير المحافظة من "الارهاب". لم يحدد الخلفي الذي أكدت صحف اجنبية كالجارديان والواشنطن بوست اتفاق بلاده مع جماعات ارهابية كالقاعدة وداعش بحكم تقارب اهدافهما في قتال صنعاء ماذا يقصد بالإرهاب، لكن تزامن زيارته لمعسكرات الموالين له في ابين مع عودة وزير داخلية هادي من الرياض بعد رفض الاخير زيارة ابوظبي تشير إلى أن القاعدة سلاح لتأديب ابين التي ينتمي إليها الميسري وهادي ويحتفظان هنا بفصائل مسلحة بعضها اجنحة في القاعدة وداعش نفسها.