اليمن يصعق "إسرائيل" و"أمريكا" ويفرض معادلة تاريخية

YNP _ حلمي الكمالي :

بعد استيلاء اليمن على سفينة إسرائيلية واقتيادها من عرض البحر الأحمر إلى الساحل اليمني، رداً على المجازر الصهيونية في قطاع غزة، يوجه اليمن أخطر وأقوى ضربة في خاصرة الكيان المحتل منذ تأسيسه، في عملية نوعية هي الأكبر والأضخم في تاريخ المواجهة مع الاحتلال الصهيوني، كما يوجه صفعة مدوية للإسرائيلي والأمريكي ومن معهما.

لا شك أن العملية النوعية والإستراتيجية، التي جاءت بعد تهديدات صريحة أطلقتها القوات المسلحة اليمنية قبل أيام قليلة، باستهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، تؤكد صدق تهديدات صنعاء وقدرتها الفائقة على تنفيذها في التوقيت المناسب وفي المكان المحدد، متجاوزةً كل الصعوبات الميدانية واللوجستية.

ولكن ما يجب ملاحظته أيضاً في هذه العملية التاريخية، هو في تفاصيل هذه العملية التي تمنحها استثنائية غير مسبوقة، خاصةً وأننا أمام عملية استيلاء لسفينة عملاقة محاطة بأساطيل حماية بحرية بينها حاملات طائرات وبوارج أمريكية وبريطانية وفرنسية وإسرائيلية، وليست عملية قصف للسفينة من مسافة بعيدة.

وفقاً للعلوم العسكرية، فإن عملية قصف السفينة بالصواريخ الموجهة أو الطائرات المسيرة أسهل بكثير من عملية الاستيلاء عليها كما حدث في العملية اليمنية التي شهدت إنزالاً جوياً على ظهر السفينة الإسرائيلية قبل اقتيادها إلى الساحل اليمني؛ بالذات في هذه الظروف غير العادية وغير التقليدية مع كثافة التحشيدات العسكرية للبحرية الأمريكية والإسرائيلية بالقرب من البحر الأحمر.

بالتالي، فإن ما حدث يؤكد أن القوات المسلحة اليمنية باتت تمتلك قدرات عسكرية واستخباراتية عالية قادرة على رصد الأهداف وتتبعها في أي نقطة بحرية، ما يعني أيضاً أن القوات اليمنية أصبحت صاحبة الكلمة الفصل في البحر والجو والبر، وهو ما شاهدناه جميعاً اليوم وخلال تسلسل الأحداث الماضية.

هذا التفوق الإستراتيجي، يمنح اليمن اليوم ومستقبلاً، القدرة على فرض سيادتها الكاملة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والسيطرة على زمام الأمور في أية معركة بحرية مرتقبة في حال قرر الإسرائيلي والأمريكي الرد على العملية اليمنية التي أسقطت خرافة الجيش الذي يقهر، وعرت هشاشة البحرية الأمريكية في الوقت ذاته.

الصراخ الإسرائيلي الذي عقب الاستيلاء على السفينة الإسرائيلية، دليل على أهمية العملية اليمنية ومدى تأثيرها المتوقع على اقتصاد الاحتلال، وهذا ما أقره المسؤولين والخبراء الإسرائيليين بينهم المدير التنفيذي لمعهد جي إف آي للأبحاث الإسرائيلية نير غولدشتاين.

حيث سارع للتأكيد بأن "نتيجة استيلاء ‎الحوثيين على سفينة جالكسي سيتم إلغاء الخطوط إلى "‎إسرائيل" واستيراد المنتجات من البحر ومن المتوقع أن يزداد هذا الاتجاه بشكل كبير ويضر بالأمن الغذائي الإسرائيلي"، موضحاً أن أكثر من 70 ٪ من طعام الاحتلال يتم استيراده عن طريق البحر.

لذلك، من المتوقع أن تتصاعد الأزمات الإقتصادية لدى كيان الاحتلال الإسرائيلي بعد الاستيلاء على السفينة الإسرائيلية، حيث بدأت الكثير من الشركات الدولية الامتناع عن الذهاب إلى الموانئ الإسرائيلية، فيما ضاعفت شركات التأمين، تكلفة الحماية أضعاف مضاعفة وصلت إلى 300 % وفق تقديرات رسمية.

هذه الضربات المدوية التي خلفتها العملية اليمنية، سترهق اقتصاد العدو الصهيوني، وستعمق أزماته في ظل ارتفاع كلفة العدوان الإسرائيلي على غزة، وإعلان حكومة الاحتلال مؤخراً اقتراضها 6 مليارات دولار، وربما على الصهاينة الإستعداد لطوابير الخبز وللأزمات المعيشية، والتي سبق وأن خلفتها عبر وكلائهم في البلدان العربية.

إلى ذلك، فقد استطاع اليمن الجريح والمحاصر تغيير المعادلة الإقليمية برمتها، وفرض حصاراً على الكيان الصهيوني، من خلال عملية تاريخية ستظل عالقة في أذهان الجميع مدى التاريخ، في وقت ماتزال العديد من الدول والأنظمة العربية، تلهث خلف الإسرائيلي والأمريكي داعمةً لمشاريعه وجرائمه بحق الدم العربي والمسلم.