أمريكا تترك سفنها مكشوفة أمام صواريخ الحوثيين وغياب صارخ لحلفائها في البحر الأحمر

YNP /  إبراهيم القانص -

يبدو أن سلطات صنعاء قرأت فكرة التحالف الأمريكي البحري جيداً وسبرت أغواره، ولم تتخذ قرارها إلا بعد دراسة كل الاحتمالات والمديات التي يمكن أن يتحرك خلالها البيت الأبيض في إطار التزامه بدعم إسرائيل، وتنصيب نفسه وكيلاً مدافعاً عنها ضد أي هجوم، وهو ما يظهر في تصريحات مسؤولي صنعاء المصبوغة بالثقة والشجاعة في اتخاذ قرار حظر ملاحة السفن الإسرائيلية، حتى ارتفع صراخ الكيان وداعميه الدوليين والإقليميين بمجرد ظهور الأثر السلبي على اقتصاد الاحتلال.

 

الخطاب الأخير لقائد أنصار الله، عبدالملك الحوثي، الأربعاء الماضي، قلل من شأن تحالف واشنطن الجديد، ونصح الدول الغربية والأوروبية ألّا تنجر وراء التهور الأمريكي، كون هذه التحركات مجرد خدمات تقدمها واشنطن للكيان المحتل ولا علاقة لها بالملاحة الدولية، لكن المثير للإعجاب هو أن توقعات صنعاء بفشل التحالف بدأت تتكشف في واقع أنه لا يزال يراوح مكانه ولم يتقدم خطوة واحدة، قياساً بالضجيج الإعلامي الذي رافق إعلان تشكيله.

 

تقارير غربية وأوروبية قالت إن التحالف الذي أعلنته الولايات المتحدة لحماية السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، تحت عنوان حماية الملاحة الدولية، يواجه انتكاسة خطيرة، وفراغاً قيادياً تسبب بحالة من الارتباك والفوضى، حيث لم تتفاعل الدول التي أعلنت واشنطن انضمامها بالشكل المطلوب، وبعضها ترفض العمل تحت القيادة الأمريكية، وبعضها غادر التحالف.

 

موقع "جي كابتن" الفرنسي، قال إن "عملية "حارس الازدهار"، وهي المهمة المحورية التي تقودها واشنطن لتأمين ممرات الشحن التجارية بالبحر الأحمر، تواجه انتكاسة خطيرة، مشيراً إلى أن تقاريره الأخيرة سلطت الضوء على مسائل مثيرة للقلق، أهمها الغياب الصارخ للحلفاء الرئيسيين عن هذه المبادرة، بما فيها أستراليا".

 

وذكر الموقع الفرنسي أن "مما زاد الوضع تعقيداً أن البحرية الفرنسية، وهي حجر الزاوية في التحالف، سحبت دعمها، وركزت اهتمامها على مساعدة السفن المملوكة لفرنسا، وليس مؤكداً ما إذا كان الانسحاب دائماً أم مجرد تحول مؤقت في الأولويات نحو المصالح الوطنية الفرنسية، لكن هذه الخطوة جاءت في وقت تواجه القيادة الأمريكية انتقادات متزايدة في أوساط مالكي السفن الأمريكيين، لترك البحّارة مكشوفين بشكل خطير داخل نطاق قوات الحوثيين، بدون حماية كافية".

 

الموقع تساءل: " ما هي السفن التي تستحق الحماية، في قلب هذه الدراما؟ ففي حين أظهر الفرنسيون نية واضحة لإعطاء الأولوية لمصالحهم في مجال الشحن البحري، كان نهج الولايات المتحدة ترك السفن التي ترفع العلم الأميركي عالقة في المنطقة، والتي ظلت- بعضها لمدة أسبوع كامل- في انتظار المرافقة.

 

وأشار الموقع إلى أن هذا التطور "يمثل تحولاً كبيراً في الديناميكيات الجيوسياسية للأمن البحري في أحد أكثر الممرات البحرية حيوية في العالم، حيث يسلط القرار الفرنسي الضوء على أزمة متنامية في الشحن البحري تضع الأولوية الوطنية والإقليمية قبل الاحتياجات العالمية، في حين تركز واشنطن على حماية جميع أنواع الشحن- بما في ذلك السفن المملوكة لمنافسين مثل الصين- على حساب الأسطول المتضائل من السفن التجارية التي ترفع العلم الأمريكي"، مضيفاً أن إعلان التحالف كان بمثابة إشارة إلى جهد موحد ومشاركة واسعة النطاق، لكن لم تنضم سوى عشر دول، ولم يساهم حلفاء مثل كندا وهولندا إلا بعدد قليل من ضباط الأركان".

 

ووفق الموقع، فإن "الحلفاء البحريين الرئيسيين مثل أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية امتنعوا عن الانضمام"، موضحاً أنه "وعلى الرغم من ادعاءات البنتاغون بوجود عشرة شركاء صامتين إضافيين، ظل خبراء الشحن متشككين بشأن فعالية هؤلاء المساهمين السريين، لا سيما في حماية السفن بشكل فعّال في مثل هذه البيئة عالية المخاطر".

 

وأكد الموقع أنه "أعقب هذا الإعلان القوي ارتباك، حيث شعرت شركات الشحن بأنها تُركت في الظلام، قائلة إنه لا يُعرف سوى القليل من التفاصيل العملية بشأن المبادرة التي أطلقتها واشنطن، أو ما إذا كانت ستشارك بشكل مباشر في حالة وقوع المزيد من الهجمات المسلحة في البحر".

 

ولفت الموقع إلى أنه "كان من الصعب للغاية الوصول إلى قلب هذه القصة بسبب إخفاقات القيادة، والارتباك واسع النطاق بين الحلفاء وقادة صناعة الشحن فيما يتعلق بالتحالف، موضحاً أن "الفوضى والارتباك اللذين يعتريان التحالف الأمريكي سوف يستمران، حتى يتم معالجة الفراغ القيادي الحالي بشكل فعّال".