لماذا وسّعت صنعاء قرارها ليشمل أيَّ سفينة متجهة إلى إسرائيل ؟  

YNP / إبراهيم القانص -

وسَّعت صنعاء قرار حظر عبور السفن الإسرائيلية من البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ليشمل جميع السفن المتوجهة إلى إسرائيل ومن مختلف الجنسيات، وهو ما أعلنه المتحدث الرسمي باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، مساء أمس السبت، في بيان عسكري متلفز تداولته غالبية القنوات الفضائية ووسائل الإعلام.

 

القرار الأخير لصنعاء لم يكن استعراضاً للعضلات أو للمزايدة الإعلامية، ويكفي للتأكد من ذلك مراجعة مجريات المرحلة الأولى من القرار، وكيف دخلت حيّز التنفيذ بإجراءات عملية أسفرت عن احتجاز سفينة إسرائيلية ومهاجمة اثنتين، وإجبار البقية على تغيير مساراتها، وهنا سؤال يفرض نفسه، لماذا وسَّعت صنعاء قرار الحظر ليشمل السفن المتوجهة لإسرائيل من أي جنسية كانت؟

 

العميد سريع قال في بيانه، إن القرار اتُخذ من أجل رفع الحصار عن قطاع غزة، وستظل السفن المتوجهة إلى إسرائيل هدفاً مشروعاً لقوات صنعاء حتى يتم إدخال كل ما يحتاجه أبناء القطاع من غذاء ودواء، الأمر الذي يشير ضمنياً إلى أن الكيان الإسرائيلي وجد من يأتيه بكل احتياجاته، فخلال اليومين الماضيين حاولت بريطانيا تنفيذ بعض أساليب الاحتيال على قرار صنعاء في مرحلته الأولى، المتمثلة في منع مرور السفن الإسرائيلية والمرتبطة بالكيان عبر البحر الأحمر وباب المندب، كأن تكون السفينة التي تنقلها غير إسرائيلية ولا مرتبطة بالكيان الغاصب، لكن الحيلة تكمن في أن يكون جزء من حمولتها متجهاً إلى إسرائيل.

 

وبأسلوب احتيال مشابه، حاولت دول عربية توصيل ما تحتاجه إسرائيل من المؤن، مثل السعودية والإمارات، حيث أقامت هذه الأخيرة جسراً برياً لنقل البضائع بين ميناءي دبي وحيفا، يمر عبر السعودية والأردن، لكن القرار الأخير لصنعاء وضع حداً لكل هذا التواطؤ الداعم لإسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني. 

 

قرار صنعاء سبب ارتباكاً كبيراً في أوساط الكيان، فمجلس الحرب الإسرائيلي في حالة انعقاد منذ أعلن العميد سريع بيانه، مساء أمس، وفي مُقَدَّم دواعي حالة الانعقاد البحث عن طريقة للتعامل مع الحصار الذي فرضته صنعاء على الموانئ الإسرائيلية من جهة البحرين الأحمر والعربي.

 

مستشار الأمن القومي للاحتلال، تساحي هنغبي، اعترف عبر وسائل إعلام إسرائيلية بأن ما يفعله الحوثيون هو حصار بحري على إسرائيل، وهدد في تصريح للقناة 12 العبرية، بأن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أبلغ الرئيس الأمريكي والمستشار الألماني إذا لم يتحركوا ضد الحوثيين فسيتحرك هو عسكرياً.

 

من جانبه، قال رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق "أمان" إن التهديد اليمني يُعدُّ مشكلة للأمن القومي الإسرائيلي وتهديداً خطيراً على المستوى الاستراتيجي لحرية الملاحة الإسرائيلية، لكن الولايات المتحدة الأمريكية "تدرك أن تصعيد التوتر في البحر الأحمر من خلال شن أي هجوم على اليمن قد يؤدي إلى ما تخشى منه ومعها دول الغرب، بمعنى إذا كان اليمن بوقوفه مع فلسطين يمثل بالنسبة لهم مشكلة فإن التعامل السلبي مع هذه المشكلة سوف يؤدي إلى مشكلة أكبر"، وفق الباحث في الشؤون العسكرية العميد عبدالله بن عامر، نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي التابعة لوزارة الدفاع بصنعاء.

 

العميد عبدالله بن عامر أكد، في سلسلة منشورات على منصة إكس، أن "الجانب الاسرائيلي سوف يتحرك، لأن القرار اليمني سيؤثر بشكل سلبي على موقفه، سواء في الاقتصاد أو حتى الجانب العسكري، ولهذا نتوقع صدور مواقف إسرائيلية"، مضيفاً أن "لجوء إسرائيل إلى الولايات المتحدة وقادة الدول الغربية أيضاً، سيدفع بتلك الدول إما للدفع بإسرائيل إلى وقف عدوانها وفتح المجال لتدفق الغذاء والدواء إلى غزة، أو تنصاع لتوجيهات تل أبيب بشن عدوان على اليمن، وبالتأكيد لن تقدم على الخيار الثاني لأسباب عدة، يصعب شرحها وتناولها هنا"، حسب قوله.

 

وأضاف بن عامر أن "قول إسرائيل: إذا لم تتحركوا فسوف نتحرك، يُعدّ جزءاً من الضغط على تلك الدول الداعمة لها، وهنا سوف تبدأ إسرائيل بدراسة إمكانيات الرد على اليمن، وبالتأكيد سوف تدرس كل الخيارات وتناقشها، وسوف تجعلها تتورط، لأن اليمن بالتأكيد يمتلك خيارات أيضاً للرد على أي رد".

 

وتوضيحاً لبعض التساؤلات عن كيفية أو إمكانية تنفيذ ما جاء في بيان قوات صنعاء بشأن توسيع الحظر على كل السفن المتوجهة إلى إسرائيل، أكد العميد عبدالله بن عامر أن "اليمن لم يسبق أن اتخذ قراراً لم يكن قادراً على تنفيذه، وقد أثبتت الأيام والأسابيع الماضية مستوى القدرة اليمنية على منع الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي، رغم الإجراءات الاحتيالية والتهديد العسكري".