ما علاقة العمليات اليمنية في البحر الأحمر بتوتر العلاقات بين بايدن ونتنياهو ؟

YNP /  إبراهيم القانص - 
أثار الرئيس الأمريكي جو بايدن علامات استفهام كثيرة، بتصريحاته الأخيرة التي أظهرت خلافاً شديداً بينه وبين رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، إذ بدأ بايدن انتقاد قتل الجيش الإسرائيلي المدنيين الفلسطينيين في غزة فيما وصفه بـ"القصف العشوائي"، كما ألمح إلى أن دعم إدارته للكيان في هذه الحرب أوشك أن يسقط الولايات المتحدة أخلاقياً أمام العالم.

وقال بايدن، في إطار انتقاده نتنياهو وأعضاء ائتلافه المتشدد، خلال الأيام الماضية، بسبب رفضهم حل الدولتين، إن إسرائيل بدأت تفقد الدعم الأمريكي والأوروبي، ولم يقف عند ذلك، بل أكد أن ما تفعله إسرائيل خطأ غير مبرر، وفي سياق مقارنة أوردها خلال نصيحته لتل أبيب بالتوقف عن هذا الخطأ، اعترف بايدن بأن بلاده أخطأت باحتلالها أفغانستان، عقب أحداث 11 سبتمبر عام 2002م، وأنه لم يكن هناك مبررات لما فعلته أمريكا.

وأكد الرئيس الأمريكي أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ورفاقه، لا يريدون حل الدولتين، مؤكداً أنهم "يريدون فقط الانتقام من جميع الفلسطينيين"، منوهاً بأنه لا يمكن لرئيس حكومة الكيان القول إنه لا توجد دولة فلسطينية على الإطلاق في المستقبل.

لكن بايدن، ووسط هذا الهجوم على إسرائيل ومسؤوليها، يستدرك ويقول إنه "لو لم تكن هناك إسرائيل لاخترعوها"، الأمر الذي أثار الكثير من علامات الاستفهام، بشأن ما إذا كانت هذه سردية جديدة بالاتفاق بين بايدن ونتنياهو، لصرف أنظار العالم عن مرحلة جديدة من الإسناد الأمريكي لإسرائيل، ربما تكون أكثر وبالاً على الفلسطينيين، ويرى مراقبون أن ذلك قد يكون منطقياً، وقد تكون الإدارة الأمريكية مضطرة لفعله بهذه الطريقة نتيجة تصاعد الانتقادات الشعبية على مستوى دول العالم لدعمها العلني قتلة الأطفال والنساء في غزة، خصوصاً بعد استخدامها حق الفيتو في مجلس الأمن ضد قرار كان سيُتّخذ بوقف الحرب.   

ويؤكد المراقبون أن انفجار الخلافات بين بايدن ونتنياهو، أبعد من أن يكون حقيقياً، خصوصاً أن مسؤولين أمريكيين كباراً صرحوا بنقيض الانتقادات، حيث قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، الأربعاء الماضي، "إن خطوات اتخذها الجيش الإسرائيلي لمنع سقوط ضحايا من المدنيين الفلسطينيين في غزة قد تذهب أبعد مما كانت ستفعله الولايات المتحدة لو كانت في مكان إسرائيل".

وأشار كيربي إلى الخريطة التي نشرها الجيش الإسرائيلي، في وقت سابق من هذا الشهر، لتنبيه المدنيين بشأن الأحياء التي يخطط لمهاجمتها حتى يتم إخلاؤها مسبقاً، بقوله: "هذا في الأساس يعني إرسال إشارات بشأن ضرباتك. هناك عدد قليل جداً من الجيوش الحديثة في العالم التي ستفعل ذلك. لا أعرف ما إذا كنا نحن سنفعل ذلك".

وجاءت هذه التصريحات بعد يوم واحد من انتقادات الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي قال في اليوم السابق إن إسرائيل تفقد الدعم العالمي لها في الحرب ضد حماس بسبب "القصف العشوائي"، الأمر الذي جعل مراقبين يعتبرون ما قاله كيربي مجرد تخفيف من وطأة تصريحات بايدن، فيما اعتبره آخرون سردية جديدة ترمم الشقوق التي ظهرت على الوجه الأمريكي ورآها العالم بأكمله، ومن ناحية أخرى قد تكون واجهة تخفي خلفها المزيد من القتل والدمار في غزة وغيرها من المدن الفلسطينية المحتلة.

على الصعيد نفسه، يرى محللون أن التغير في الموقف الأمريكي تجاه إسرائيل نتج عن ضغوط دولية، تصاعدت وتيرتها عقب القرار الذي اتخذته حكومة صنعاء بإغلاق البحر الأحمر ومضيق باب المندب أمام الملاحة الإسرائيلية، وتأثير عمليات احتجاز السفن وإجبارها على تغيير مساراتها في الضغط على القوى العالمية الداعمة للكيان، خصوصاً أن صنعاء أكدت الاستمرار حتى يتم إدخال ما يحتاجه أبناء غزة من الغذاء والوقود والدواء. 

وكان رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبدالسلام، كشف عن اتصالات من أطراف دولية فاعلة، تدعم وقف إطلاق النار في غزة، وقال في منشور على موقع إكس: "على خلفية العمليات البحرية نتلقى اتصالات ورسائل من دول فاعلة تؤكد دعمها لوقف إطلاق النار بغزة، والتزامها بالعمل لإدخال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني"، مؤكداً: "مع تشجيعنا لكل المواقف المطالبة بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات فإننا نؤكد أهمية ترجمة هذه المواقف على أرض الواقع"، وأضاف "سيبقى موقف اليمن ثابتاً إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة".
العمليات اليمنية في البحر الأحمر، أثارت أيضاً قلق شركاء الولايات المتحدة الأمريكية الخليجيين، الذين يدفعون أموالاً طائلة لواشنطن مقابل الحماية، وبشكل أو بآخر يعتبر الدعم الأمريكي لإسرائيل سبباً رئيساً في العمليات ضد السفن الإسرائيلية، ولذلك كان مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، جيك سوليفان، في السعودية، الخميس، لبحث وقف عمليات صنعاء بالطرق الدبلوماسية- حسب وكالة بلومبيرغ- وبعيداً عن العنف الذي كانوا ينوونه من خلال السعي لتشكيل تحالف عسكري يتولى الرد على قوات صنعاء.