YNP: تقرير- مارش الحسام
مُنيت إسرائيل بخسائر اقتصادية وعسكرية وبشرية، إثر عدوانها على غزة وعملية "طوفان الأقصى" التي شنتها كتائب "القسام" الذراع العسكرية لحركة "حماس" الفلسطينية، والتي اندلعت فجر السبت السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وتلقى الاقتصاد الإسرائيلي ضربة قاسية، ونزح عشرات الآلاف من مناطق سكنهم شمالي وجنوبي البلاد، إضافة إلى بقاء الآلاف داخل الملاجئ، فضلا عن الخسائر البشرية التي خلفتها الحرب.
أشارت تقديرات البنك الإسرائيلي إلى أنّ المواجهات السابقة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية لم توقف عجلة الاقتصاد كما فعلت الحرب الجارية، التي استدعى خلالها الجيش الإسرائيلي 300 ألف جندي احتياطي، ما يعطّل اقتصاد إسرائيل بالكامل من سياحة وحركة مطارات.
وتُقدّر خسائر الاقتصاد الإسرائيلي بسبب الحرب على قطاع غزة بمليارات الدولارات، وبحسب تحليل أنجزه مصرف "هبوعليم"، وهو أحد أكبر بنوك إسرائيل، فإنّ حجم هذه الخسائر قد يناهز منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع 27 مليار شيكل، أي ما يصل إلى نحو 6.8 مليار دولار.
واستندتْ توقعات البنك لخسائر الاقتصاد الإسرائيلي إلى ما تكبَّده في حرب لبنان الثانية عام 2006، بحسب بيانات معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، التي أشارت إلى أنّه خسر نحو 2.4 مليار دولار (9.4 مليار شيكل)، خلال الحرب التي دامت 34 يوماً.
وقدّر البنك الإسرائيلي ذاته خسائر العملية الإسرائيلية المسماة "الرصاص المصبوب"، التي شنَّتها إسرائيل ضدّ الفلسطينيين في ديسمبر/كانون الأول عام 2008، بنحو 835 مليون دولار، أي ما يعادل 3.3 مليار شيكل إسرائيلي.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، مساء الأربعاء، عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين إن الحرب على غزة ممتدة وستتضمن مناورة برية داخل القطاع، مضيفة أن رواتب 300 ألف جندي احتياط استدعاهم الجيش الإسرائيلي للمشاركة في الحرب على غزة، ستبلغ نحو 2.46 مليار دولار.
وأوضحت الصحيفة أن تلك التكلفة الباهظة للحرب تعد جزءًا واحدًا من جملة نفقات ضخمة يتوقع أن تتكلفها ميزانية وزارة الحرب الإسرائيلية، ناهيك عن تعويض المدنيين الإسرائيليين عن الأضرار التي لحقت بهم جراء عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حركة "حماس" فجر السابع من الشهر الجاري.
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن إسرائيل تخسر يوميا نحو 246 مليون دولار.
وذكرت الصحيفة أن إسرائيل خسرت في الأيام الخمسة الأولى من اندلاع الحرب على غزة نحو مليار دولار، وخسرت الأسهم الإسرائيلية نحو 20 مليار دولار، مع تراجع قيمة الشيكل إلى أدنى مستوياته منذ العام 2014.
--- 50 مليار دولار تكلفة العدوان على غزة
رجح مسؤول كبير في وزارة المالية الإسرائيلية، أمس الخميس، أن بلاده ستضطر لإنفاق مبالغ كبرى لتمويل الحرب ضد المقاومة الفلسطينية عما قدره بنك إسرائيل هذا الأسبوع، مشيرا إلى أن التكلفة لن تتجاوز ما حدث خلال جائحة كورونا والتي بلغت نحو 50 مليار دولار.
وأضاف المسؤول في إدارة المحاسب العام في الوزارة التي تدير تمويل وديون الحكومة للصحفيين في إفادة "لا أعتقد أنها ستتجاوز ما أنفقناه خلال كوفيد لكني أعتقد أنهم (في البنك المركزي) متفائلون أكثر مما يجب" بشأن تكاليف الحرب.
وقدّر البنك المركزي يوم الاثنين أن عجز الموازنة في 2023 سيبلغ 2.3% من الناتج الإجمالي المحلي و3.5% في 2024، مقابل تحقيق فائض 2022 في حال بقي الصراع مقصورا على قطاع غزة ولم يمتد لجبهات أخرى.
والأربعاء صرح وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بأن الميزانية الحالية لإسرائيل "لم تعد مناسبة" بسبب حرب غزة وسيجري تعديلها.
وأضاف أنه لم يقيم بعد التكاليف غير المباشرة على الاقتصاد الذي دخل حالة شلل جزئي بفعل التعبئة الجماعية لجنود الاحتياط والهجمات الصاروخية الفلسطينية المكثفة، وقدر التكلفة المباشرة للحرب بمليار شيكل (250 مليون دولار) يوميا.
ووصف سموتريتش خفض ستاندرد آند بورز للتوقعات إلى "سلبية" من "مستقرة" بأنه "مثير للقلق"، لكنه قال إنه لا يتوقع أن يحدث عجز كبير في إسرائيل برغم الأزمة.
--- التقشف لمواجهة العجز:
يؤكد اتحاد أرباب الصناعة أن سوق العمل التابع للكيان الإسرائيلي، يتكبد أسبوعياً بسبب الحرب خسائرَ تتجاوز 1.2 مليار دولار، إذ لا وجود لأيدٍ عاملة، ولا يتوجه العمال إلى أماكن العمل حيث خلت سوق العمل من 1.3 مليون عامل خلال أول أسبوعين من الحرب حسب التقديرات التي اطلع عليها "بقش"، نتيجة تعطيل جهاز التعليم والجامعات والكليات، والتعبئة الواسعة لقوات الاحتياط.
وتتمثل الخسائر والأضرار الإسرائيلية في: التكاليف المباشرة للقتال، ودفع التعويضات عن الأضرار التي لحقت بالممتلكات، والمساعدات المالية للعائلات والمصالح التجارية، وفقدان إيرادات الكيان بسبب أضرار النشاط الاقتصادي.
ومن المنتظر أن يقفز العجز في موازنة الدولة إلى 3% وحتى 4% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العام 2023، مقارنةً بتوقعات العجز قبل الحرب البالغ حوالي 1.5%، وفقاً لتقديرات صحيفة "كلكليست" العبرية الاقتصادية.
ويؤكد مسؤولون إسرائيليون صعوبة أن تقوم وزارة المالية بتجنيد الأموال من صناديق الاستثمار لتغطية العجز بغضون شهرين على سبيل المثال، وهو ما سيدفع الوزارة لاعتماد "سياسة التقشف" وتقليص الميزانيات بمختلف الوزارات الحكومية، وخفض الإنفاق في الموازنة العامة للكيان، وإلغاء كافة الاتفاقيات المالية للأحزاب المشاركة بالائتلاف الحكومي.
وقد يسجل اقتصاد الكيان عجزاً في 2024 بنسبة 4% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أربعة أضعاف عجز 2023، مما سيضطر بحكومة الكيان إلى توفير نحو 3 مليارات دولار من سوق السندات المحلية، بالإضافة إلى جمع نحو 6.25 مليارات دولار من الأسواق الخارجية.
ويؤكد بنك هبوعليم -أحد أكبر البنوك الإسرائيلية- أن هناك "أزمة نفسية" لدى الجمهور الإسرائيلي وأن تأثيراتها السلبية بدأت بالفعل، مشيراً إلى أن الناس قللوا إنفاقهم الاستهلاكي بسبب حالة عدم اليقين والأجواء المتوترة الراهنة.
ويمثل الإنفاق الاستهلاكي أكثر من نصف النشاط الاقتصادي، لذا فإن الضرر الذي يلحق بالاقتصاد سيكون كبيراً، وفقاً للبنك.
الى ذلك قالت صحيفة غلوبس الاقتصادية العبرية، أن الزراعة في شمال دولة الكيان الإسرائيلي تتعرض لضربات شديدة بعد الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمزارع والزراعة في منطقة حدود غزة، وهو ما سيؤدي بالأسواق الإسرائيلية إلى زيادة أسعار السلع الغذائية والرئيسية، وسط تعطل إنتاج المزارع والمصانع.
ولليوم الـ21 يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي شن غارات مكثفة على قطاع غزة أدت إلى تدمير أحياء بكاملها، واستشهد على إثرها أكثر من 7 آلاف فلسطيني، جلهم أطفال ونساء، وأصيب أكثر من 17 ألف شخص.
وفجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري أطلقت المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب القسام عملية "طوفان الأقصى"، ردا على اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى بالقدس المحتلة.