خوانما باريلا، دكتور محاضر في الروبوتات في قسم الهندسة الميكانيكية في "جامعة غلاسكو كالدونيان" في اسكتلندا، أنشأ برنامجاً حاسوبياً يحدد على نحو سريع الجزيئات المتوافقة مع بعضها البعض، وفي مقدوره تالياً أن يسرع كثيراً عملية البحث (لا سيما في مجال الكيمياء).
وتعاون الأستاذ الأكاديمي مع البروفيسور لي كرونين، من "جامعة غلاسكو" في إسكتلندا، لإنشاء هذا البرنامج الحاسوبي الذي يضع تصوراً للشكل الذي تتوزع فيه الإلكترونات حول الجزيئات وتفاعلاتها.
وعبر استخدام هذه المعلومات، يكون في متناول البرنامج الحاسوبي أن ينشئ جزيئات تتلاءم مع بعضها البعض بسلاسة، في عملية شبهها الدكتور باريلا ببناء مجموعة من أشكال "الليغو".
هكذا، يحلل البرنامج الحاسوبي المبتكر شكل الجزيئات ثم يجد جزيئات أخرى تنسجم معها بشكل متناغم.
الدكتور باريلا تحدث عن ابتكاره فقال إن هذه المعلومات "تكتسي أهمية بالغة في عملية تطوير أدوية أو مواد جديدة"، وأن العثور على جزيئين متطابقين تماماً أشبه "بالعثور على إبرة في كومة قش".
وأضاف أنه "من خلال برنامجنا الحاسوبي، تستطيع أجهزة الكمبيوتر أن تساعدنا في اكتشاف جزيئات "ضيفة" جديدة تكمل الجزيئات "المضيفة" (في كيمياء الضيف والمضيف يقوم جزيء (المضيف) بربط جزيء آخر (الضيف) بشكل انتقائي وتثبيته)، حتى في ظل محدودية المعرفة المسبقة بالنظام الجزيئي.
"لقد اختبرنا طريقتنا ونجحنا في تحديد عدد جديد من الجزيئات "الضيفة" لجزيئات "القرعيات"cucurbiturils [كما تسمى في كيمياء الضيف والمضيف وتحمل جزيئين ضيفين في تجويفها] وجزيئات "أقفاص معدنية عضوية" metal-organic cages [لأن بنيتها تشبه القفص] على حد سواء.
"يقود هذا الاكتشاف إلى تبسيط عملية العثور على جزيئات مفيدة، من ثم توفير الوقت والمال في البحث العلمي، خصوصاً في البحوث الخاصة بتطوير الأدوية."
وأضاف الدكتور باريلا: "لقد صببت تركيزي على فهم الجزيئات بناءً على شكلها وحجمها، وليس على الذرات" (تتشكل الجزيئات حين تتحد الذرات لتشكل بنية والتي هي أساس بناء المادة).
"لقد طورت نظاماً حاسوبياً يتعرف إلى الجزيئات بناءً على شكلها فحسب، على غرار تجميع مكعبات الليغو"، أوضح الدكتور باريلا.
وعمل الأستاذ المحاضر على تدريب جهاز تشفير تلقائي باستخدام بيانات مأخوذة من أكثر من 130 ألف جزيء، ما سمح لنموذج الذكاء الاصطناعي الخاص به بتعلم المعلومات الضرورية لمطابقة الجزيئات.
وقال: "بفضل هذه المعرفة، استخدمت خوارزمية تحسينية optimisation algorithm كي أعثر على الحجم الأفضل المناسب لجزيء معين".
"في البداية، تستكشف الخوارزمية الأشكال العشوائية للجزيئات، ثم تعمل على تحسينها بغية العثور على التطابق الأفضل لها، على غرار قولبة الطين"، يشرح الدكتور باريلا.
"بمجرد تحديد الحجم الأمثل، أستخدم نموذجاً آخر من الذكاء الاصطناعي يسمى "جي بي تي" GPT كي أحول الحجم التمثيلي هذا إلى ذرات فعلية"، يضيف.
وفي رأي الدكتور باريلا، "هذه الخطوة بالغة الأهمية في استخدامات الكيمياء التطبيقية، حيث يحتاج علماء الكيمياء إلى معرفة الذرات الموجودة في الجزيء كي يتمكنوا من التعامل معها على نحو مجدٍ".