موسكو تعلن سيطرتها على ماريوبول بالكامل وزيلينسكي: الوضع كارثي

لا تزال أصوات المعارك وصفارات الإنذار تعلوان في أوكرانيا، وقد طال القصف الروسي كييف ومحيطها، وذلك بعد إعلان القوات الروسية طرد القوات الأوكرانية من قلب ماريوبول و"تحريرها بالكامل"، ولم يتبق سوى عدد قليل من المقاتلين الأوكرانيين في مصنع للصلب بالمدينة الساحلية الجنوبية الواقعة تحت الحصار، بحسب موسكو.

 

وقالت وكالة "تاس" للأنباء نقلاً عن وزارة الدفاع الروسية، إن القوات الأوكرانية التي ما زالت تقاتل في ماريوبول ستنجو بنفسها إذا ألقت سلاحها ابتداء من الساعة السادسة صباحاً بتوقيت موسكو  الأحد 17 أبريل .

وفجر الأحد، أعلنت وزارة الدفاع الروسية على "تلغرام"، أن "صواريخ جو عالية الدقة دمّرت مصنعاً للذخيرة قرب بلدة بروفاري في منطقة كييف".

في المقابل، أعلنت السلطات الأوكرانية، الأحد، تعليق الممرات الإنسانية لإجلاء المدنيين من شرق أوكرانيا في غياب اتفاق مع الجيش الروسي على وقف إطلاق النار.

وقالت نائبة رئيس الوزراء إيرينا فيريشوك على "تليغرام"، "هذا الصباح، فشلنا في التفاوض مع المحتلين على وقف إطلاق النار على ممرات الإخلاء. لهذا السبب، للأسف، لن نفتح ممرات إنسانية اليوم".

روسيا والتوجه الأوروبي لأوكرانيا

وفي السياق ذاته، قالت الاستخبارات العسكرية البريطانية، الأحد، إن روسيا حريصة على إجبار أوكرانيا على التخلي عن توجهها الأوروبي - الأطلسي، وتأكيد هيمنتها الإقليمية، حتى مع تحول تركيز العمليات الروسية إلى شرق أوكرانيا.

وأفادت وزارة الدفاع البريطانية في نشرة دورية بأن القوات الروسية مستمرة في إعادة نشر المعدات القتالية وأجهزة الدعم من بيلاروس في اتجاه شرق أوكرانيا، بما في ذلك المواقع القريبة من خاركيف وسيفيرودونيتسك.

وأضافت أن المدفعية الروسية تواصل قصف المواقع الأوكرانية في أنحاء شرق البلاد، حيث تخطط روسيا لاستئناف هجماتها.

عقوبات مقبلة تستهدف "سبيربنك"

في الأثناء، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لصحيفة ألمانية، إن العقوبات المقبلة التي سيفرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا ستستهدف البنوك، لا سيما "سبيربنك" وكذلك النفط.

وأضافت رداً على سؤال من صحيفة "بلد أم سونتاج"، خلال مقابلة نشرت، الأحد، بشأن تحديد النقاط الرئيسة للجولة السادسة المزمعة من العقوبات، "نحن نتطلع بشكل أكبر إلى القطاع المصرفي، لا سيما سبيربنك الذي يمثل 37 في المئة من القطاع المصرفي الروسي. وبالطبع هناك قضايا تتعلق بالطاقة".

ولم يفرض الاتحاد الأوروبي حتى الآن عقوبات على أكبر بنك روسي لأنه إلى جانب "غازبروم بنك" يعد إحدى القنوات الرئيسة لدفع ثمن النفط والغاز الروسيين اللذين تشتريهما دول الاتحاد الأوروبي على الرغم من الصراع في أوكرانيا.

وقالت أيضاً، إن الاتحاد الأوروبي يعمل على "آليات ذكية" حتى يمكن إدراج النفط في العقوبات المقبلة.

وقد فرّ أكثر من خمسة ملايين شخص من أوكرانيا منذ بدء الهجوم الروسي في 24 فبراير ، وفق الأمم المتحدة.

وضع "كارثي"

وأعلنت روسيا أن المقاتلين المتبقين، الذين تقول إنهم "أوكرانيون وأجانب"، محاصرون في مصنع أزوفستال للصلب. ونقلت تاس عن ميخائيل ميزينتسيف، مدير المركز الوطني الروسي لإدارة الدفاع، قوله إن الوضع في المصنع "كارثي".

وضربت صواريخ روسية العاصمة الأوكرانية كييف وعدداً من المدن الرئيسة الأخرى، السبت، بينما قالت موسكو، إن قواتها طهرت المنطقة السكنية بماريوبول بالكامل.

ولم يتسن التحقق بشكل مستقل من حقيقة سيطرتها على ماريوبول التي شهدت أعنف قتال في الحرب وأسوأ كارثة إنسانية، وستكون أول مدينة كبرى تسقط في أيدي القوات الروسية منذ الحرب في 24 فبراير (شباط).

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تصريح صحافي، "الوضع صعب للغاية" في ماريوبول.

وتابع، "جنودنا محاصرون والجرحى محاصرون. هناك أزمة إنسانية... ومع ذلك الرجال يدافعون عن أنفسهم".

صواريخ على منطقة لفيف

وبينما شنت روسيا المزيد من الهجمات بعيدة المدى بعد إغراق سفينتها الحربية الرئيسة في البحر الأسود، قالت موسكو، إن طائراتها قصفت مصنعاً لإصلاح الدبابات في العاصمة حيث سمع دوي انفجار وشوهد دخان في منطقة دارنيتسكي الجنوبية الشرقية.

وقال الجيش الأوكراني، إن طائرات حربية روسية أقلعت من روسيا البيضاء وأطلقت صواريخ أيضاً على منطقة لفيف بالقرب من الحدود البولندية، حيث أسقطت الدفاعات الجوية الأوكرانية أربعة صواريخ كروز.

ولم تتضرر المدينة الغربية نسبياً حتى الآن من الصراع وهي بمثابة ملاذ للاجئين ولوكالات الإغاثة الدولية.

مصنع إيليتش للصلب، الذي تقول موسكو إنها استولت عليه، الجمعة، وهو واحد من مصنعين عملاقين للمعادن تحصن فيهما المدافعون في أنفاق ومخابئ تحت الأرض.

وتحول المصنع إلى أنقاض، مع عدم بروز أي علامة على وجود مدافعين هناك. وفي الخارج تناثرت ما لا يقل عن ست جثث لمدنيين في الشوارع القريبة.

ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الدفاع قولها، اليوم، إنها "طهرت بالكامل" المنطقة السكنية في ماريوبول من القوات الأوكرانية وحاصرت "فلول" المقاتلين في مصنع آزوفستال للصلب. وأضافت الوكالة، أنه حتى السبت، فقدت القوات الأوكرانية في المدينة الساحلية المحاصرة أكثر من أربعة آلاف فرد.

قصف مصنع لصيانة المركبات العسكرية

وفي وقت لاحق، اتهم زيلينسكي روسيا "بمحاولة تدمير الجميع عمداً" في ماريوبول، وقال إن حكومته على اتصال بالمدافعين عن المدينة، لكنه لم يتطرق إلى ادعاء موسكو بأن القوات الأوكرانية لم تعد موجودة في المناطق السكنية.

وقال حاكم إقليم خاركيف في الشرق، إن شخصاً واحداً على الأقل لقي حتفه وأصيب 18 في هجوم صاروخي.

وفي ميكولايف، وهي مدينة قريبة من الجبهة الجنوبية، قالت روسيا، إنها قصفت مصنعاً لصيانة المركبات العسكرية.

وجاءت الهجمات في أعقاب إعلان روسيا، الجمعة، أنها ستكثف الضربات بعيدة المدى رداً على أعمال "تخريبية" و"إرهابية" لم تحددها، وذلك بعد ساعات من تأكيدها غرق سفينتها الرئيسة في البحر الأسود، موسكفا.

وتقول واشنطن وكييف، إن السفينة التي أصبح غرقها رمزاً لتحدي أوكرانيا أصيبت بصواريخ أوكرانية. وتقول موسكو إنها غرقت بعد حريق، وإنه تم إجلاء طاقمها المؤلف من 500 فرد.

ونشرت وزارة الدفاع الروسية مقطع فيديو لقائد البحرية الأميرال نيكولاي يفمينوف أثناء لقائه في ساحة عرض مع حوالى 100 بحار قالت، إنهم من أفراد الطاقم.

وبعد شهر ونصف الشهر من الهجوم الروسي على أوكرانيا، تحاول موسكو الاستيلاء على الأراضي في الجنوب والشرق بعد الانسحاب من الشمال بعد هجوم واسع على كييف تم صده في ضواحي العاصمة.

وتركت القوات الروسية التي انسحبت من الشمال بلدات تناثرت فيها جثث المدنيين، وهو دليل على ما وصفه الرئيس الأميركي جو بايدن، الأسبوع الماضي، بالإبادة الجماعية، في محاولة لمحو الهوية الوطنية الأوكرانية.

وتنفي روسيا استهداف المدنيين وتقول، إن الهدف من "عمليتها العسكرية الخاصة" هو نزع سلاح جارتها وهزيمة القوميين وحماية الانفصاليين في جنوب شرقي أوكرانيا.

"ماريوبول مدينة أوكرانية"!

إذا سقطت ماريوبول ستكون الجائزة الكبرى لروسيا في الحرب حتى الآن. فالمدينة هي الميناء الرئيس لمنطقة دونباس التي تتكون من إقليمين في جنوب شرقي البلاد، تطالب روسيا أوكرانيا بالتخلي عنهما بالكامل للانفصاليين.

وتعهد رينات أحمدوف الذي يملك مصنعي الصلب، وهو أغنى رجل في أوكرانيا، بإعادة بناء المدينة. وقال لـ"رويترز": "ماريوبول كانت وستظل مدينة أوكرانية".

وتقول أوكرانيا، إنها أوقفت حتى الآن التقدم الروسي في أماكن أخرى في منطقتي دونباس ولوغانسك حيث لقي شخص على الأقل حتفه في قصف خلال الليل.

وفي بلدة ليسيتشانسك الواقعة على خط المواجهة والتابعة لمنطقة لوغانسك، فر مدنيون بحثاً عن الأمان من القذائف في ظل تصاعد كثيف للدخان من متاجر متفحمة وسيارات محترقة.

"هجوم كبير"

وصارت لأوكرانيا اليد العليا في المرحلة المبكرة من حرب توقع كثير من الخبراء العسكريين في الغرب أن تخسرها بسرعة. فقد نشرت واستخدمت بنجاح وحدات متحركة مسلحة بصواريخ مضادة للدبابات قدمها الغرب ضد قوافل المدرعات الروسية.

لكن بوتين يبدو مصراً على كسب المزيد من أرض دونباس ليعلن النصر في الحرب التي تسببت في تعرض روسيا لمزيد من العقوبات الغربية وحرمانها الكثير من الحلفاء.

وقالت قيادة الجيش الأوكراني في شرق البلاد، حيث تقول كييف، إنها تتوقع هجوماً كبيراً، في منشور على "فيسبوك" إنها صدت عشر هجمات، السبت، ودمرت 15 دبابة و24 عربة مدرعة أخرى وثلاثة أنظمة مدفعية. ولم يتسن لـ"رويترز" التحقق من ذلك بشكل مستقل.

وقال زيلينسكي لصحافيين أوكرانيين، إن على العالم الاستعداد "بطرق عدة" لاحتمال استخدام روسيا أسلحة نووية. ولم يقدم أدلة على هذا التأكيد.

والشهر الماضي قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن روسيا لن تلجأ إلى الأسلحة النووية إلا في حالة "تهديد لوجود" البلاد، وليس نتيجة للصراع في أوكرانيا.

إحصاء القتلى

وقال أحد مستشاري زيلينسكي، إن البلاد بحاجة إلى إمداد أسرع بالأسلحة من شركائها في الاتحاد الأوروبي. وأضاف ميخائيلو بودولياك في تغريدة على "تويتر": "أوكرانيا بحاجة إلى أسلحة. ليس في غضون شهر بل الآن".

وقالت وزارة الدفاع الروسية، إن أنظمتها المضادة للطائرات في منطقة أوديسا أسقطت طائرة نقل أوكرانية كانت تنقل أسلحة قدمتها حكومات غربية، من دون أن تقدم أي دليل. ولم يصدر تعقيب حتى الآن من كييف.

وقال زيلينسكي، إن عدداً يتراوح بين 2500 و3000 جندي أوكراني قُتلوا حتى الآن مقابل ما يصل إلى 20 ألف جندي روسي.

ولم تقدم موسكو أي بيانات جديدة عن ضحاياها منذ 25 مارس (آذار) عندما أعلنت أن 1351 من جنودها قُتلوا. وتشير التقديرات الغربية للخسائر الروسية إلى أنها أضعاف ذلك.

وتقول أوكرانيا، إنه من المستحيل إحصاء القتلى المدنيين، مضيفة أن التقديرات تشير إلى مقتل ما لا يقل عن 20 ألفاً في ماريوبول وحدها.

وإجمالاً نزح نحو ربع السكان عن ديارهم وتُقدر نسبة من غادروا البلاد إلى الخارج بعشرة في المئة من السكان.