قبرص تختار رئيساً جديداً وسط منافسة شرسة

 

YNP:    

يدلي القبارصة، اليوم الأحد، بأصواتهم في انتخابات تشهد تنافساً محموماً بين 3 مرشحين بارزين، مع انصراف اهتمام الناخبين عن الانقسام المزمن للجزيرة وتركيزهم على مكافحة الفساد والملف الاقتصادي.

ويخوض السباق 14 مرشحاً وهو عدد قياسي، بينهم امرأتان. وإذا تخطى عتبة 50% من الأصوات، يفوز المرشّح بالرئاسة خلفا للرئيس المنتهية ولايته نيكوس أناستاسيادس الذي تولى المنصب لولايتين، وترجّح استطلاعات الرأي خوض جولة حاسمة في 12 فبراير(شباط) الجاري مع استبعاد نيل أي من المرشّحين الغالبية المطلقة في الجولة الأولى.

ويُعتبر وزير الخارجية السابق نيكوس خريستودوليدس (49 عاماً) المرشّح الأوفر حظاً وهو يحظى بتأييد الأحزاب الوسطية. كما أنه يتصدّر الاستطلاعات لكن الفارق بينه وبين بقية منافسيه لا يخوّله حسم الاستحقاق من الجولة الأولى.

ويرجّح أن يواجه في الجولة الحاسمة إما التكنوقراطي أندرياس مافرويانيس البالغ 66 عاماً المدعوم من حزب "أكيل" الشيوعي، أو أفيروف نيوفيتو البالغ 61 عاماً، زعيم حزب "ديسي" المحافظ الحاكم، وأظهر آخر استطلاع للرأي أجرته هيئة البث القبرصية (CyBC) في 27 يناير(كانون الثاني) الماضي تصدّر خريستودوليدس السباق مع 26.5% من نوايا التصويت، يليه نيوفيتو مع 22.5% ومافرويانيس مع 21%.

ويعتبر محلّلون كثر أن خريستودوليدس الذي تولى حقيبة الخارجية ومن ثم شغل منصب المتحدّث باسم الحكومة في عهدي أناستاسيادس هو الأوفر حظاً، ويقول أندرياس تيوفانوس المحلل في "مركز قبرص للشؤون الأوروبية والدولية": إن "كل الاستطلاعات تشير إلى أن خريستودوليدس سيتأهل للجولة الحاسمة. سأكون متفاجئاً جداً إن لم يبلغها"، وتابع "في حال تأهل للجولة الثانية (الحاسمة) من المتوقع أن يفوز. تغيير هذا الأمر يتطلّب حدثاً جذرياً".

ويبدو اهتمام الناخبين منصباً على فضيحة تلقي جوازات السفر مقابل استثمارات وعلى تحديات الهجرة غير النظامية وتداعياتها على الموارد العامة، أكثر منه على انقسام تعانيه الجزيرة منذ عقود.

وقبرص مقسّمة منذ العام 1974 حين احتّلت قوات تركية شطرها الشمالي (ثلث مساحة الجزيرة) رداً على انقلاب قاده قبارصة يونانيون قوميون لإلحاق الجزيرة باليونان، وتتّبع الأحزاب الوسطية الداعمة لخريستودوليدس نهجاً متشدداً إزاء محادثات إعادة توحيد الجزيرة، في مقابل مواقف أقل تشدداً لخصومه على هذا الصعيد، يُنظر إلى نيوفيتو على أنه براغماتي و"عاقد صفقات"، فيما يدفع حزب آكيل الداعم لمافرويانيس باتّجاه مصالحة مع القبارصة الأتراك.

ويقول محلّلون إن الوعود التي أُطلقت في الحملة الانتخابية بالقضاء على الفساد وتحسين اقتصاد البلاد تحتل مكانة أساسية للناخبين، ويقول أستاذ السياسات الدولية والحوكمة في جامعة نيقوسيا يورغوس كينتاس إن "الفساد في صلب النقاشات والاقتصاد والحياة العامة. مشكلة قبرص باتت قضية ثانوية".

ويبدو أن وصمة الفساد لم تصب خريستودوليدس على الرغم من أنه كان عضواً في الحكومة، ويقول تيوفانوس: "يعلم الناس أن الفساد موجود، ويبدو أن التفسير الذي أعطاه خريستودوليدس على هذا الصعيد أقنعهم بأنه لم يكن مسؤولاً بشكل مباشر وهم يصدّقون ذلك".

ويعتقد كينتاس أن خريستودوليدس يحظى بدعم قوي لأنه يُنظر إليه على أنه مستقل، ويقول: "هذه الانتخابات تتمحور حول الشخصية وأشخاص أمثال خريستودوليدس"، مشيراً إلى أن "منافسَيه الرئيسيَّين تدعمهما أحزاب سياسية بالكامل. لم يسع خريستودوليدس للحصول على دعم، الداعمون هم من سعوا إليه".

ويعتقد كينتاس أن الرئيس المقبل وبغض النظر عن هوية الفائز، سيحتاج إلى "بذل جهود كبرى لاستعادة مصداقية البلاد على الساحة العالمية، إنه أمر بالغ الأهمية"، وعلى الرغم من تباطؤ التضخم في يناير(كانون الثاني) الماضي إلى 7.1% من 7.9% في ديسمبر(كانون الأول) الماضي، لا تزال الأسعار المرتفعة للطاقة والمواد الغذائية تثير القلق، ويقول تيوفانوس: "بغض النظر عمّن سيفوز، سيتعين عليه التصدي لتحديي الأجور المنخفضة وارتفاع الإيجارات اللذين يواجههما جيل الشباب".

ومن أصل 561 ألفاً و33 شخصاً يحق لهم التصويت، هناك 730 قبرصياً تركياً مسجلين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في جنوب الجزيرة، وفق ما أفاد الجمعة المسؤول في اللجنة الانتخابية كوستاس كونستانتينو، الذي أوضح أن 10 آلاف و346 قبرصياً من المقيمين في الخارج تسجّلوا للإدلاء بأصواتهم.

يذكر أن مراكز الاقتراع ستفتح اليوم الأحد عند السابعة صباحاً مع توقف لمدة ساعة عند الظهر، وتغلق عند السادسة مساء.