تصعيد عسكري في الخرطوم بعد تعثر مفاوضات جدة

YNP ـ انعكس تعثر المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في منبر جدة الذي ترعاه الوساطة السعودية - الأميركية على العمليات العسكرية الجارية بين الطرفين في العاصمة الخرطوم بصورة أكثر عنفاً، بخاصة من جانب الجيش الذي شن غارات جوية ومدفعية متواصلة على مواقع تمركز قوات "الدعم السريع" بمدن الخرطوم وأم درمان وبحري.

وبحسب شهود، فإن محيط القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم ومناطق شرق المدينة التي تشمل الرياض والمنشية وأركويت شهدت انفجارات عنيفة جراء الغارات التي شنها الطيران الحربي والمسيرات التابعة للجيش نحو تجمعات "الدعم السريع" في تلك المناطق، مما أحدث تصاعد أعمدة الدخان بصورة كثيفة ولافتة. كما استهدفت غارات طيران الجيش ومدفعيته الثقيلة المنطلقة من قاعدة وادي سيدنا العسكرية تجمعات "الدعم السريع" بمنطقة أم درمان القديمة، وسمع دوي رصاص وقذائف في منطقة أمبدة غرب أم درمان، فضلاً عن تحليق الطيران الحربي في سماء أحياء وسط وغرب المدينة.

وأشارت مصادر عسكرية إلى مقتل نحو 40 شخصاً في سوق شعبية تقع بمنطقة الفتيحاب جنوب أم درمان جراء قصف قوات "الدعم السريع" المتواصل المنطقة التي تعيش وضعاً مأسوياً بخاصة من ناحية نقص الغذاء بسبب الحصار المفروض على سكانها لأكثر من شهر من قبل الأخيرة.

ووفقاً للشهود، فإن مسيرات الجيش قصفت أحياء عدة في شرق النيل وشمال بحري، وسمعت أصوات إطلاق صواريخ أرضية مضادة للطيران من قبل قوات "الدعم السريع".

ويأتي هذا التصعيد العسكري في وقت تزداد فيه معاناة المواطنين في مدن العاصمة للحصول على الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء ودواء في موازاة صعوبات كبيرة في خدمات الاتصالات والإنترنت، فضلاً عن النقص الشديد في الغذاء.

وفي دارفور، شهدت أسعار السلع الاستهلاكية ارتفاعاً كبيراً في مدينة الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور، ويرجع ذلك إلى توقف حركة تدفق السلع الواردة إلى المدينة، فضلاً عن ارتفاع أسعار الوقود بصورة مبالغة.

وفي الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور تسبب ارتفاع أسعار الوقود في مضاعفة تذاكر السفر والسلع الاستهلاكية بنسبة 100 في المئة، كما تعاني المدينة من شح المياه.

وما زالت المدينة تشهد تزايد حدة التحشيد والتحشيد المضاد، في ظل الحصار المفروض عليها من قبل قوات "الدعم السريع" منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، كما تتزايد المخاوف من تفاقم الأوضاع الأمنية وسط حال من التشظي الكبير في أوساط الحركات المسلحة وتمدد "الدعم السريع" التي تسيطر على نحو 80 في المئة من مناطق الإقليم الذي تبلغ مساحته 493 ألف كيلومتر مربع، ويقطنه ستة ملايين نسمة، ويربط حدود السودان بكل من ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى.

في الأثناء، أحدث إعلان فشل طرفي القتال في منبر جدة في التوصل إلى اتفاق يضع حداً للحرب التي اندلعت في 15 أبريل إحباطاً شديداً لدى السودانيين الذين كانوا متفائلين بحدوث اتفاق بوقف دائم لإطلاق النار يعيد الحياة من جديد للخرطوم.

وتوقع رئيس حركة "تمازج" السودانية الفريق محمد علي قرشي أن يزيد تعثر عملية التفاوض في الجولة الأخيرة في منبر جدة من حدة التصعيد العسكري، لكنه لا يرى أن عودة وفدي التفاوض للتشاور مع قيادتيهما تعني انهيار الحل السلمي، إذ سبق وعلقت المفاوضات، لكنها عادت في وقت لاحق.

وقال قرشي إن "قوات (الدعم السريع) ظلت، طوال الفترة السابقة، تمد أياديها البيضاء للسلام على رغم الانتصارات الكاسحة التي حققتها منذ اندلاع الحرب التي أشعلها أنصار النظام السابق، فالجيش هو المسؤول عن تعثر المفاوضات في هذه الجولة، كما فعل في الجولات السابقة، وبحسب ما لاحظناه منذ فترة، أن الجيش ليست لديه إرادة وعزيمة للمضي قدماً في سلام ينهي معاناة المواطن المغلوب على أمره".

 وأضاف "معلوم أن الجيش السوداني لم يلتزم إجراءات بناء الثقة التي توصل إليها أخيراً، وهذا دليل قاطع على عدم جديته وعدم حرصه على استكمال عملية السلام، بيد أن قوات (الدعم السريع) فعلت ما عليها من حيث التزام هذه الإجراءات وأبدت حسن نوايا تجاه عملية السلام، فضلاً عن العمل على تذليل العقبات التي تحول دون تنفيذ هذه الإجراءات".

وشكر رئيس "تمازج" الوسطاء في منبر جدة على وقوفهم إلى جانب الشعب السوداني.