أنتوني هوبكنز يتألق في "حياة واحدة" متجاوزا تحديات السيناريو

YNP ـ يعيد الممثل الأميركي تجسيد الظهور الحواري البارز للسير نيكولاس وينتون في برنامج حواري إلا أن هذه الرواية المليئة بالفلاش باك عن العامل الإنساني البريطاني الذي نظم عملية إنقاذ 669 طفلاً تواجه صعوبات في جوانب أخرى.

المقياس الحقيقي للممثل العظيم لا يكمن فقط في قدرته على التفوق بنص رائع، ولكن أيضاً في قدرته على الارتقاء بعمل أقل روعة. هذا ما حققه أنتوني هوبكنز ببراعة في فيلم "حياة واحدة" One Life، الذي يعيد سرد حياة الناشط الإنساني البريطاني السير نيكولاس وينتون بطريقة رقيقة وعاطفية وبسيطة إلى حد ما، والتي يضفي عليها النجم مزيداً من العمق المطلوب بفضل أسلوبه المعقد والصادق.

في هذه الأثناء، يجد كاتبا السيناريو لوسيندا كوكسون ونيك دريك نفسيهما في صراع بين اتجاهين متناقضين. فمن جهة، وجدا أنهما مضطران إلى رواية قصة رجل تغلب على بيروقراطية قمعية معيقة ووطن لا مبال، من أجل إنقاذ 669 طفلاً لاجئاً من تشيكوسلوفاكيا التي كانت تحت الاحتلال النازي. بالتعاون مع دورين وورينر وتريفور تشادويك، يتمكن وينتون من تسهيل هرب الأطفال عبر سلسلة مكونة من ثماني عربات "كيندرترانسبورت" [ضمن مبادرة إنسانية نظمت خلال الحرب العالمية الثانية لإجلاء الأطفال من مناطق الحكم النازي]، التي أوصلتهم في النهاية إلى المملكة المتحدة ومنازل عائلات راعية محلية.

يقوم جوني فلين بعمل رائع في تصوير تصاعد صعوبات الكلام والصمود الهادئ لوينتون الشاب في مشاهد الفلاش باك التي تحتل جزءاً كبيراً من مساحة الفيلم. نرى وينتون وهو يعمل في براغ مع وورينر (تؤديها رومولا غاراي) وتشادويك (أليكس شارب)، بينما تشرف والدته بابي (هيلينا بونام كارتر) على فرع العمليات في لندن. ينقل المخرج جيمس هوز، الذي تحول من العمل في التلفزيون إلى السينما، هذه الأحداث إلى الشاشة محافظاً على المستوى المناسب من الرعب والتوتر. يقدم العمل صوراً مؤثرة للأطفال، الذين يعتمد مستقبلهم على تأشيرات الدخول الورقية ومقاعد القطارات الخشبية والوثائق. نراهم عندما يتم فصلهم عن آبائهم بينما تحمل أعناقهم قصاصات ورقية كتبت عليها أسماؤهم.

لكن كوكسون ودريك يواجهان تحديات في سرد الحكاية الأساسية للفيلم، على رغم العمل التحويلي الذي يقوم به هوبكنز. نرى في الفيلم وينتون الأكبر سناً في عام 1987 في منزله في منطقة ميدنهيد بمقاطة بيركشاير في إنجلترا مع زوجته غريت (لينا أولين)، محاطاً بصناديق من الذكريات القديمة. تحثه زوجته على فرز هذه الفوضى، وهكذا يكتشف دفتراً يحوي صوراً للأطفال الذين نجوا بفضل عربات كيندرترانسبورت. ينتهي المطاف به في يد إليزابيث ماكسويل، زوجة رجل أعمال الصحافة الشهير روبرت ماكسويل المولود في تشيكوسلوفاكيا، التي أعطت دفعة لظهور وينتون الشهير عام 1988 في برنامج "هذه هي الحياة" That’s Life لإستير رانتزن - حيث يفاجئه المقدم بأن جمهور البرنامج بأكمله مكون من الأشخاص الذين أنقذهم وأبنائهم.

إنه مشهد مؤثر بطبيعته (على رغم أنه لا يقارن بالواقعة الحقيقية)، إلا أن تركيز الفيلم الضيق وشبه المهووس على مكافأة تواضع وينتون يقلل من عمق بطولته ويتماشى بشكل ملائم تماماً مع الهوس الشائع للسينما البريطانية في اتباع الهدوء وضبط النفس العاطفي، أو ما يسمى  "الرواقية". لم تكن أفعال وينتون معروفة للعامة حتى ظهوره على شاشة التلفزيون لأول مرة،

وليس فقط لأنه كان متواضعاً جداً لدرجة أنه لم يتمكن من الحديث عنها، ولكن لأنه تعين عليه القيام بها خارج التوافق السائد، ولأنها غالباً كانت تمثل تحدياً للسلطة.

نحن نرى والدته بابي، في مشهد فلاش باك، وهي تنتقد بحدة موظفي الحكومة من كل حدب وصوب لرفضهم تصديق أن هؤلاء الأطفال يواجهون خطراً وشيكاً (تقدم بونام كارتر أداءً رائعاً لشخصية الأم العظيمة والعادلة). لكن فيلم المخرج هوز يتسارع بوتيرة غير ملائمة متجاهلاً المقاومة التي واجهتها هذه الأم وابنها في بلدهما. إن هوبكنز هو من يضفي على أدائه الواقعي لمسة من الغضب والندم الشديدين على الأطفال الذين لم يستطع إنقاذهم، حين يعترف متأسفاً: "ما قمت به ليس كافياً أبداً، أليس كذلك".

يقدم "حياة واحدة" لمشاهديه متعة مشاهدة تكريم بطل عظيم، لكنه في الوقت نفسه لا يشكل تحدياً لهم لمواجهة واقع ملح – وهو وجود جيل جديد من الأبطال الذين يخوضون معركة صعبة لمجرد التصرف بشكل صحيح وإحداث تأثير إيجابي.

إخراج: جيمس هوز. بطولة: أنتوني هوبكنز، جوني فلين، لينا أولين، رومولا غاراي، أليكس شارب، جوناثان برايس، هيلينا بونام كارتر. التصنيف الرقابي: 12 سنة فما فوق. المدة: 109 دقائق.