الخوف النفسي.. أسبابه وكيف نتغلب عليه؟

البشر في العموم يعانون أنواعا مختلفة من الرهاب؛ يخاف البعض من الأماكن المنعزلة، والبعض الآخر يخاف من الزحام، وهناك من يجد الصعوبة في مواجهة الماء أو المرتفعات، هناك الكثير من أنواع الرهاب التي يعاني منها الكثيرون، وهنا نبحث سويًا عن أسباب الخوف النفسي وكيف يمكن مواجهته قبل أن يصير اضطرابًا.

ما هو الخوف النفسي؟

الخوف هو القوة الجبارة التي تعيش بداخلنا وتحكم كل ما نبذله من الإجراءات سواء يعجبنا هذا أم لا، من المهم أن نلاحظ هنا أنه في معظم الحالات لا يكون الخوف النفسي حقيقيًا، لكنه وهمي، وقد نشأ هذا النظام الفعال ليبقينا أحياء في مواجهة التهديدات بسرعة باعتبارها مخاطر محتملة وبدء السلوك الذي يساعد في تجنبها.

الخوف النفسي هو آلية من آليات الدفاع في علم النفس، إنه ما يبقينا منضبطين ويمنعنا من فعل الأشياء الخاطئة؛ إذا لم نخف من أي شيء، فقد نؤذي أنفسنا أو الآخرين، كطفل لا يخاف المرتفعات ولا الأشخاص، فعلينا الاعتناء به طوال الوقت كي لا يؤذي نفسه.

عندما تشعر بالخوف النفسي ينطلق عقلك باستجابة منظمة ومنسقة حتى لو لم يكن هناك تهديد ما، هذه التغيرات الجسدية تبدأ من العمق داخل عقلك وتنتقل حتى عضلات ساقيك، كل هذا يحدث في جزء من الثانية بحيث تمكنك من الهرب بأي وسيلةٍ كانت.

أسباب الخوف النفسي

بما أن الخوف النفسي آلية تطورية لضمان بقائك على قيد الحياة، أي أنه عندما يحدد دماغك خطرًا ما، فإنه يتفاعل عن طريق توليد مشاعر الخوف من خلال أنظمة مختلفة تمنع قدرتك على التفكير بعناية وتدفعك للفرار أو الدفاع عن نفسك، ومن هنا يتضح لنا أن عاطفة الخوف النفسي متأصلة في جميع الكائنات الحية، جذورها عميقة في جوهرنا النفسي والبيولوجي كونه خوفا مفهوما عالميًا من لحظة الميلاد، حتى خوض تجارب الحياة في مراحل العمر المختلفة.

 

يشير الباحثون إلى أن الأفراد يطورون من درجات الخوف النفسي أو القلق النفسي لديهم على أساس الأفكار المكتسبة، ففي بعض الأحيان يصابون بخلل في تقييم الأحداث أو عدم القدرة على التكيف في موقف ما، مما يؤدي إلى مشاعر الخوف النفسي، هذا يعني أنه إذا تعرفنا على أسباب الخوف النفسي الذي يصيبنا، فسيكون من السهل جدًا التغلب عليه:

عوامل وراثية

يلعب العامل الوراثي والجينات دورًا كبيرًا في أغلب الاضطرابات النفسية، بحيث إذا كان الوالد أو الوالدة يشعرون بخوف غير مبرر من أمور معينة، فإنك مؤهل أنت الآخر لذلك.

تقليد الآخرين

من أسباب الخوف النفسي التقليد الأعمى للآخرين الذين يتفاعلون بذعر واضح تجاه المواقف أو الأشخاص أو الأشياء أو الحيوانات التي يعتبرونها خطيرة، على سبيل المثال، حالات الهستيريا الجماعية، حيث في وسط حشد من الناس يبدأ الشخص بالصراخ من الخوف، دون معرفة ما يحدث، فيخاف الآخرون ويبدؤون أيضًا في الجري والصراخ، لينتقل الخوف دون تخطيط.

الصدمات النفسية

انفصال الوالدين أو فراق شخص عزيز عليك هو أحد أسباب الخوف والقلق الذي قد يسيطر عليك، واستسلامك له هو بداية الطريق نحو العديد من الاضطرابات الأخرى مثل الاكتئاب الشديد.

الضغط النفسي

تسهم الضغوط النفسية بنصيب كبير كواحدة من أسباب الخوف النفسي؛ وقد يكون التفكير في المستقبل هو أحد مظاهره، بحيث تصاب بـ القلق والتوتر حيال ما هو قادم.

التربية الخاطئة

للوالدين دور في غرس الخوف النفسي داخل أبنائهم، على سبيل المثال التحذير المستمر لا تفعل هذا ولا تفعل ذلك، قل هذا ولا تقل ذلك دون تبرير السبب، توخ الحذر إذا كنت ستلتقي الغرباء، وهكذا.

كل هذه النواهي والأوامر تتراكم عبر الوقت لتصبح سلسلة من المخاوف يتوارثها الأبناء جيل بعد جيل، وتصبح واحدة من أسباب الخوف النفسي الذي يتأصل في النفوس.

التفكير المبالغ فيه

التفكير الزائد في عواقب اللحظة الحالية، علي سبيل المثال أنك تتشاجر مع شخص ما قد تفكر إذا وقع لك جرح أو مت في القتال ماذا سيحدث لعائلتك؟ ماذا سيحدث لأولادك؟ وبهذه الطريقة يبدأ عقلك في الشعور بالهموم والمخاوف بشكل مرضي، نصيحتنا لك لا تبالغ في التفكير بهذه الطريقة السلبية.

تأثير الثقافة

بالطبع الثقافة قد تثير لديك الخوف النفسي تجاه شيء معين، وهذا يرجع إلى تغذية العقل والوجدان من خلال معلومات قد تغرسها وسائل الإعلام المختلفة في النفوس، لذلك يجب أن نتوخى الحذر للغاية من مختلف مصادر وسائل الإعلام التي نتلقى منها معلوماتنا.

نصائح للتغلب على الخوف النفسي

التغلب على أسباب الخوف النفسي هو من أهم الأمور التي يمكن لأي شخص القيام بها، تجدر الإشارة إلى أن الخوف النفسي ليس أمرًا سيئًا تمامًا، بل هو عاطفة أو استجابة بيولوجية من أجسامنا لتجنب الخطر، أي أنه في الأساس نظام دفاع يمنعك من ارتكاب ما قد يؤذيك.

تنشأ المشكلة عندما يخرج هذا النظام عن السيطرة ويبدأ في التأثير عليك سلبًا بدلا من مساعدتك، وعدم قدرتك على التحكم في الخوف الذي يصيبك يمكن أن يؤدي إلى تدهور الثقة ومنعك من تحقيق ما تريد، وبشكل عام ينتج عنه خلق صدمة تؤثر باستمرار على صحتك العقلية، في النقاط التالية نقدم لك نصائح للتغلب على الخوف النفسي: -

الاعتراف بالخوف الذي تعاني منه، بالطبع هناك شيء ما أنت خائف منه، يجب أن تتعرف وتتحدث عنه وسوف يساعد ذلك في شعورك بالحرية بشكل أكبر.

تدوين مخاوفك التي تشعر بها لأن كتاباتها ستجعل من السهل التحكم بها.

التحقق من المعلومات التي تصيبك بالذعر، فليس كل ما تسمعه تصدقه.

تذكر أن هذا الخوف النفسي جزء منك لكنه لا يتحكم بك.

قم بتحليل ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لك بحيث قد تتخلص من مخاوفك.

الجرأة لتحويل الأفكار السلبية إلى أفكار إيجابية تسهم في تخطي حالة الخوف النفسي التي أصابتك.

القلق بشأن اللحظة الحالية فقط، يعني أنه في هذا الوقت لا يجب عليك أن تستمر بالقلق بالماضي أو ما سيحدث بالمستقبل.

لا تقف كثيرًا عند مخاوفك وحاول تخطيها بوضع أهداف إيجابية وخطوات منظمة لتحقيقها.

قد تقضي على أسباب الخوف النفسي بممارسة الرياضة بانتظام.

الأعمال التطوعية هي وسيلة إيجابية جدًا وفعالة تساهم في اندماجك وسط المجتمع بكل فئاته، وتنسيك ما أنت فيه من قلق.

الإقلاع عن التدخين وسيلة مهمة جدًا للتهدئة من روعك، على عكس ما يعتقده البعض في أن التدخين يقلل التوتر، إلا أن الدراسات أثبتت أنه يقودك نحو الانهيار النفسي.

انت هذه أهم أسباب الخوف النفسي، والتي اتضح أنه من السهولة التغلب عليها ومواجهتها بكل إيجابية، فقط ثق في أنك قادر على ذلك وارسم أهدافك وحاول بكل الطرق الوصول لها.