سقطت الكثير من أقنعة حزب الإصلاح خلال هذه السنوات القليلة الماضية، والتي طالما أخفى وراءها وجوهه المتعددة الحقيقية، وأخيراً سقط قناع المناصرة والتأييد للقضية الفلسطينية في أشد الظروف إلحاحاً وحاجةً للتأييد والدعم مع بدء معركة جديدة تخوضها المقاومة الفلسطينية مع قوات العدو الإسرائيلي في مختلف الأراضي المحتلة، والتي تُعدّ غربلة دقيقة للمزايدين على قضية العرب الأولى والواقفين حقيقةً إلى جانبها، وبين البكاء على الفلسطينيين وجمع التبرعات باسمهم على مدى عقود من الزمن ومنع المواطنين من تنظيم المسيرات المؤيدة والمساندة للفلسطينيين والمنددة بالعدوان الإسرائيلي الأخير عليهم؛ مسافة فلكية من التناقض لا يتقن اللعب بأوراقها سوى حزب الإصلاح.
في مدينة مارب، التي يسيطر عليها حزب الإصلاح، أقدمت قوات الأمن الخاصة التابعة للحزب على اعتقال عشرات المواطنين، خلال حملة قمع واسعة النطاق وشديدة القبضة، على خلفية تحضيرهم لتظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في معركتهم الحديثة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
مصادر محلية أفادت بأن قوات الأمن الخاصة التابعة لحزب الإصلاح في مدينة مارب، نفذت حملة اعتقالات كبيرة هي أشبه بالاختطافات، طاولت عشرات المواطنين بتهمة تحريض سكان المدينة على الخروج في مسيرات مؤيدة للقضية الفلسطينية ومنددة بالعدوان الإسرائيلي الأخير على الفلسطينيين، وهو موقف ليس بالجديد على ذلك الحزب، ففي بداية العام الماضي 2020 قمعت القوات نفسها التابعة للحزب تظاهرات مماثلة كان المواطنون يعتزمون تنظيمها في مدينة مارب رفضاً لـ "صفقة القرن".
ويرى مراقبون أن حزب الإصلاح الموالي للتحالف لا يستطيع الخروج من عباءة ملوكه السعوديين، كونه يدين بدينهم فيما يخص القضية الفلسطينية، والتي تسعى السعودية الآن بكل ثقلها لإخراج حلفائها الإسرائيليين من مأزق المواجهات الدائرة مع المقاومة الفلسطينية والهجمات الصاروخية من فلسطين ولبنان، بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، حيث يؤكد المراقبون أن توقيت التحرك السعودي وتصعيد التوتر في علاقات المملكة الدبلوماسية مع لبنان ليس مصادفةً وإنما ضمن مخطط موكل للرياض تنفيذه لدعم الجانب الإسرائيلي وفق مقتضيات التطبيع الخليجي مع كيان العدو، وبالطريقة نفسها وجهت الإمارات انتقادات شديدة اللهجة لأتباعها من قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي لها، لمجرد رصدها تغريدات أدانوا فيها العدوان الإسرائيلي على غزة ودعوا فيها إلى نُصرة فلسطين، ولم يكتفِ الضباط الإماراتيون بتأنيب قيادات الانتقالي على فعلتهم الشنيعة بل منعوهم نهائياً من الخوض في أي حديث يتعلق بفلسطين حرصاً على مشاعر حلفائهم الإسرائيليين.