الفرز المناطقي نموذج الجنوب الموعود

YPN – خاص :

منع مواطني المحافظات الشمالية من الدخول إلى عدن، مشهد تكرر بين فترة وأخرى خلال السنوات الست الماضية من عمر الحرب في اليمن، بصورة تعكس حقيقة المشاريع التمزيقية التي اعتمدت على إحياء النزعات المناطقية وتبني المشاريع التخريبية وبث ثقافة الكراهية بين أبناء الوطن الواحد، الذين لم يكونوا يوما يؤمنون بتجزئة اليمن، ولم يسلموا بالحدود الشطرية حتى في مراحل ما قبل تحقيق الوحدة اليمنية في العام 90.

خلال الأيام الماضية، منعت القوات التابعة للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، المواطنين من أبناء المحافظات الشمالية، من الدخول إلى عدن، الأمر الذي أدى إلى تكدس المسافرين على الطريق في القرب من النقاط على مداخل المدينة، حيث يقضون ساعات طويلة في العراء، يعانون خلالها من الحر الشديد وانعدام أي خدمات، قبل أن يقفلوا عائدين إلى محافظاتهم.

المسافرون أفادوا بأنهم يواجهون معاملة سيئة من قبل النقاط العسكرية والأمنية على مداخل عدن، حيث يخضعهم أفراد تلك النقاط للتفتيش ويلقون بهم وبأمتعتهم في لهيب الحر، دون أدنى اعتبار لوجود النساء والأطفال والمرضى والمسنين بين المسافرين.. مضيفين أن تلك الممارسات بما تتضمنه من انتهاكات وامتهان للإنسانية، تلحق أضرارا بالغة بالكثيرين، وتعطل كثيرا من أعمالهم، وتحول دون الوصول إلى وجهاتهم، حيث أن الكثير من المسافرين يقصدون مطار عدن بغرض السفر عبره إلى خارج البلاد، وفي احتجازهم ما يعرض المرضى منهم لخطر الوفاة، كما أنه يتسبب في خسائر كثيرة على بقية المسافرين.

إضافة إلى إشاعة ثقافة الكراهية ضد أبناء المحافظات الشمالية، وسلسلة الانتهاكات التي تطالهم بين فينة وأخرى، من عنف وملاحقة واحتجاز وترحيل ونهب للممتلكات ومنع من دخول عدن وعدد من المحافظات الجنوبية الأخرى، وخلال ست سنوات من سيطرة الأطراف الموالية للتحالف، قامت تلك الأطراف بتحويل عدن المدينة التي استوعبت عبر مئات السنين كل القادمين إليها، مهما كانت جنسياتهم أو عرقياتهم أو أديانهم، وضمت تنوعا فريدا مثَّل أبهى صورة للتعدد والقبول بالآخر، إلى بؤرة للنزعات المناطقية والطائفية، وبوتقة تعتمل بثقافة الكراهية التي جلبت من طيات مراحل الصراع التي شهدتها المحافظات الجنوبية نفسها.

وأكد مراقبون ومهتمون، أن الممارسات التعسفية التي يواجهها أبناء المحافظات الشمالية، من قبل قوات المجلس الانتقالي الموالي للإمارات، هي نتاج ثقافة الكراهية التي تمت تغذيتها بدعم من الإمارات، خلال السنوات الماضية، ولأهداف لا تنفصل عن مخطط إغراق المحافظات الجنوبية في مستنقعات من الصراع القائم على النزعات العنصرية المقيتة، التي من شأنها أن تضمن تفتيت النسيج المجتمعي اليمني، وخلق حالة من العداء بين أبناء الوطن الواحد، وهو الأمر الذي يأتي ضمن المشروع الكبير المتمثل في تفتيت اليمن والقضاء على وحدته، وبما يضمن سهولة السيطرة عليه، تبعا للسياسة الاستعمارية القديمة الحديثة (فرِّق تسد).