السعودية تمتص غضب قاعدة "ميون" بهذا اللجام

YNP -  إبراهيم يحيى :

هدأت نوبة حمى "السيادة اليمنية" حال إشهار السعودية مسكنها المعتاد، واستخدامه بذات الجرعة والتوقيت نفسه، وانحسرت تدريجيا وخلال اقل من 24 ساعة، موجة غضب الناشطين والسياسيين اليمنيين الموالين للشرعية،

كما لو أن شيئا لم يحدث في جزيرة ميون اليمنية. فما هي طبيعة المسكنات السعودية ولماذا تجدي بفاعلية حين يكون مصدر الحمى شريكتها الرئيسة في تحالف حرب اليمن، الإمارات؟.

 

ظهر جليا، أن مصدر نوبة حمى "السيادة" التي اعترت عددا من السياسيين اليمنيين والبرلمانيين، يتقدمهم مستشار هادي ونائب رئيس مجلس نواب "الشرعية، عبدالعزيز جباري، هو "الحساسية" الناجمة عن الخصومة السياسية مع الإمارات، أكثر منها الغيرة على السيادة اليمنية، التي أيدوا التخلي عنها بطلب الشرعية قرارا لمجلس الأمن يُدرج اليمن تحت الوصاية الدولية بموجب البند السابع من نظام المجلس الدولي.

 

تدرك السعودية، جيدا طبيعة هذه "الحساسية" بين أبرز مكونات الشرعية، ممثلا في حزب التجمع اليمني للإصلاح وبين الإمارات، التي تصنف حزب الإصلاح "تنظيما إخوانيا إرهابيا"، ولا تخفي عدائها لتنظيمات جماعة الإخوان المسلمين، حول العالم. وتجيد الرياض اللعب على هذا الوتر، لنشر قواتها العسكرية في اليمن، عبر استخدام الإمارات "قفازات" لهذا التمدد و"كلب حراسة" بوجه الإصلاح يُظهر الرياض "رجل إطفاء".

 

تعمد الرياض، لنشر قواتها في أي منطقة من اليمن، إلى الدفع بشريكتها في تحالف الحرب (الإمارات) للانتشار فيها. وحين تشتعل الحرائق جراء هذا الانتشار الإماراتي، تعلن السعودية عن تدخلها السريع للتهدئة، عبر نشر قوات سعودية لضمان التهدئة. حدث هذا مرارا مع دخول القوات السعودية إلى محافظة أرخبيل سقطرى، ثم إلى محافظة المهرة، ومحافظة حضرموت، وصولا إلى جزيرة ميون (بريم) اليمنية.

 

السيناريو نفسه، جرى تنفيذه مجددا في جزيرة ميون، ونشر وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية تقريرا مصورا عن "تشييد الإمارات قاعدة عسكرية جوية غامضة في الجزيرة المشرفة على باب المندب"، ونقلت عن مسؤولين يمنيين في حكومة هادي - لم تسمهم – قولهم: إن "الإمارات شيدت هذه القاعدة العسكرية ونقلت إليها المعدات العسكرية دون علم الحكومة، رغم إعلانها انسحابها العسكري من اليمن في 2019م".

 

فجر هذا الكشف، موجة غضب واسعة، تصدرها مستشار هادي ونائب رئيس مجلس نواب الشرعية، عبدالعزيز جباري، بإعلانه أن بناء هذه القاعدة "تفريط بالسيادة" وأن "من يفرط بسيادة بلده تسقط شرعيته" في إشارة لهادي وحكومته. وبالمثل النائب البرلماني علي المعمري، رفع طلبا خطيا لمساءلة الحكومة، اضطر رئيس مجلس النواب سلطان البركاني (الموالي لأبوظبي) للتعاطي معه وتوجيه خطاب "طلب إيضاح من الحكومة".

 

لكن موجة الغضب سرعان ما انحسرت -كما كل مرة تثور فيها- بين أوساط الأطراف نفسها التي تعتريها، بمجرد إضفاء السعودية جنسيتها على القاعدة، حسب ما أعلن مصدر مسؤول في التحالف الذي تقوده السعودية، بأن "لا وجود لقوات إماراتية في جزيرتي ميون وسقطرى"، وأن "هناك تجهيزات عسكرية في ميون لخدمة قوات التحالف والقوات اليمنية بالساحل الغربي (الموالية للإمارات) في تأمين الملاحة الدولية البحرية".

 

تستمر "الملهاة" حسب وصف مراقبين لمآلات التدخل السعودي الإماراتي العسكري في اليمن. وتستمر مصادرة استقلال القرار اليمني وسيادة الأراضي اليمنية، بلجام "دعم الشرعية"، واستخدام السعودية للإمارات "كلب حراسة" يُذَكِّر ابرز مكونات الشرعية بين الحين والأخر باتفاق الرياض وأبوظبي في تصنيفه "تنظيما إرهابيا"، لثنيه عن أي اعتراض وامتصاص أي نوبة حمى "السيادة"، والنتيجة: وطن يوهب لأطماع الخارج.