المباحث السعودية تعذب مسئولاً سابقاً بإجباره على النباح والأكل مثل الكلب

YNP - إبراهيم القانص :
"المنافقون الذين أفسدوا في الأرض"، هكذا وصف المسئول السابق في وزارة الداخلية السعودية سلطات ولي العهد محمد بن سلمان، في نهاية سرده فصولاً بشعةً من صنوف وأساليب التعذيب التي تلقاها في سجون سرية تابعة للسلطات السعودية.

كان سالم المزيني مسئولاً في وزارة الداخلية السعودية، قدم خلال فترة عمله خدمات كثيرة للوزارة والجهات التابعة لها، إلا أن ذلك لم يشفع له من الاعتقال والتعذيب، حسب صحيفة "واشنطن بوست"، التي كشفت معلومات صادمة عن اعتقال وتعذيب المسئول السعودي، الأمر الذي دفع بعائلة المزيني إلى رفع دعوى قضائية ضد النظام السعودي أمام محكمة في مدينة أونتاريو الكندية في يونيو الماضي.
وحسب الدعوى المرفوعة أمام المحكمة الكندية، فإن المرة الأولى التي قُبض فيها على المزيني كانت في دبي بالإمارات العربية المتحدة في السادس والعشرين من سبتمبر 2017م، وبتوجيهات من محمد بن سلمان اعتقله مسئولون أمنيون إماراتيون وأرسلوه إلى السعودية، وتم الإفراج عنه في 2018م، بعد تسوية مالية قدرت بنحو 400 مليون ريال (106 ملايين دولار)، وفي يوم الرابع والعشرين من شهر أغسطس عام 2020م اختفى المزيني ولم يعرف أحد عنه شيئاً منذ ذلك الحين، عقب زيارته لمسئول أمني سعودي رفيع، حسب الصحيفة الأمريكية.
الصحيفة الأمريكية ذكرت أن المزيني كتب تفاصيل مرعبة عن تعذيبه في سجون بن سلمان السرية، حيث كتب ذات مرة: "مرت الأيام، وظللت أخشى سماع صوت المفاتيح وفتح الباب. لم أكن أعرف ما كان مُخَبّأ لي، سواء كان تعذيباً أم تصفية"، وقال المزيني إن أحد المحققين أمره بتقبيل حذائه ليضرب رأسه أثناء ذلك، ومن أساليب التعذيب التي تعرض لها المسئول السعودي وفقاً لما تضمنته الدعوى المرفوعة من أسرته أمام المحكمة الكندية؛ أنه تعرض للضرب المتكرر على قدميه وظهره وأعضائه التناسلية.
ومما تضمنته الدعوى القضائية، أن سالم المزيني تعرض للجلد والتجويع، والصعق الكهربائي والضرب بقضبان حديدية، ومن الأساليب المهينة التي تعرض لها المزيني أنهم كانوا يأمرونه بالزحف على أطرافه الأربعة والنباح مثل الكلب، بل وحتى تناول طعامه من الأرض كالكلب، بالإضافة إلى أن الشخص الذي كان يحقق معه طلب منه في إحدى المرات أن يمد يده إلى صندوق ليختار سوطاً يتم جلده به في عمليات الضرب التالية، وعندما تردد في ذلك، اختار المحقق أحدها وجلده أثناء تبوله، وتضمن الدعوى صوراً مؤلمة لندوب كبيرة على جسد المزيني، نجمت عن عمليات التعذيب، تحفظت عليها صحيفة واشنطن بوست الأمريكية ولم تنشرها.
المسئول السعودي سالم المزيني، خريج أكاديمية الشرطة السعودية، وانضم بعد تخرجه إلى وزارة الداخلية، وأشرف على مشاريع طيران تابعة للأمير محمد بن نايف، الذي كان حينها معنياً بمشاريع مكافحة الإرهاب في الوزارة قبل أن يصبح وزيراً للداخلية وولياً للعهد، وصف المزيني ما حدث له من تعذيب على يد المباحث السعودية بـ" المفارقة المحزنة"، كونه أكثر الأجهزة الأمنية التي خدمها وساعدها، حسب وصفه.
وبناءً على الأسئلة التي كان المحققون مع المزيني يوجهونها إليه أثناء جلسات التعذيب، يبدو ظاهرياً أن التهمة أو الجريمة التي يعذب من أجلها هي أنه ساهم في مؤامرة لسحب الأموال من شركتَيّ الطيران التابعتين لمحمد بن نايف، وهو ما ظل المزيني ينفيه طيلة جلسات التعذيب، لكن الوثائق المقدمة إلى المحكمة الكندية تكشف أن التهمة الحقيقية التي اعتقل بسببها المزيني وتعرض لصنوف التعذيب، هي أنه تزوج من "حصة بنت سعد الجبري"، وهي ابنة المسئول السابق في الاستخبارات السعودية، الذي أصبح معارضاً لنظام بن سلمان ورفع عليه دعوى قضائية أمام محكمة أجنبية يتهمه باستئجار قتلة محترفين لاغتياله، وحسب حصة الجبري، فقد روى لها زوجها المزيني أنه قبل أن يُضرَب مائة مرة بدون توقف، قيل له: "هذا نيابةً عن سعد الجبري، وهذا جزاء زواجك من ابنته"، وأحياناً كان المحققون يقولون له خلال ضربه أنهم يضيفون له جلدات زائدة لأن والد زوجته ليس هناك، وأنه يأخذ نصيبه من الجلد والتعذيب، وهو الأمر الذي اعتبره مراقبون ضمن حملة ولي العهد السعودي لاعتقال وتعذيب كل أقرباء سعد الجبري، الذي فشل بن سلمان في إعادته إلى المملكة أو وقف نشاطه الذي كشف الكثير من الفضائح ضد ولي العهد وسياساته القمعية ضد معارضيه.