سر الرعونة السعودية  مع المغتربين اليمنيين !؟

YNP – قيس الوازعي :

ها قد تأكد، ولم يعد مجرد شائعة، عزم السعودية ترحيل مئات آلاف المغتربين اليمنيين من محافظاتها الجنوبية، من دون مراعاة لظروفهم ولا حتى النظر في عواقب وتبعات هذه التصرفات الرَّعناء، الخارجة عن كل القوانين والأنظمة المعمول بها؛ داخليًّا وخارجيًّا، ومن دون مراعاة الجوانب الإنسانية، حتى !؟

هذه الخطوة المدانة لاتحتاج إلى تبريرات أو تفسيرات. فاقتصارها على المغتربين اليمنيين في الحد الجنوبي السعودي، تحديدًا ودون غيرهم، تشي بأن وراءها اتهامات جزافية لما يقارب 800 ألف يمني؛ أكاديميين وأطباء وعمالًا.. بالتجسس لصالح الحوثيين !؟

 

بهذا الإجراء الجائر يعتقد النظام السعودي أنه قد برَّأ ساحته، أمام مواطنيه والعالم، من مسؤولية خيبات قواته المسلحة في الدفاع عن أرضه وحماية قواعده ومعسكراته من الضربات الحوثية الدقيقة، المدمِّرة، بإلقائه تبعات كل الهزائم النكراء على المغترب اليمني المسكين، المنشغل بلقمة عيشة !

 

 

المواطن السعودي المنصف يعرف؛ حق المعرفة مبادئ وقيم وأخلاقيات المغترب اليمني، منذ عشرات السنين. فاليمني لايخون العشرة ولايهون لديه العيش والملح ولايمكنه أن يتجسس على البلد الذي آواه واحتضنه وأمًّن له فرصة العمل! إنه لن يخون لا لمصلحة النظام الحاكم في اليمن ولا لغيره، مهما تكن الحاجة وأيًّا تكن المغريات!

 

والمغترب اليمني حريص على سلامته وعلى كرامته، فلايمكن أن يعرِّض نفسه وكرامته للانتهاك، وقد علم قسوة النظام السعودي مع مواطنيه أنفسهم، فما بالك بقسوته المضاعفة مع المغتربين لديه !

  

مشكلات المغتربين اليمنيين مع الحكومات السعودية ومضايقاتها لهم، ليست بالجديدة. فقد بدأت منذ أواخر السبعينات وبدايات الثمانينات، عندما قامت الثورة الإيرانية وانتصرت وكان للمغترب اليمني موقفه المناصر لها، مثله مثل الكثير من السعوديين والمواطنين الخليجيين والعرب، الذين رأوا في شعاراتها المنادية ( بنصرة المظلومين ، ومواجهة التدخلات الغربية ـ الأمريكية) أملًا في رفع ظلم أنظمتهم المستبدة عن كواهلهم وتمكينهم من الاستمتاع بحرِّياتهم وثرواتهم المنهوبة !

  

لم يكن المغترب اليمني، في تلك الأثناء،غبيًّا ليغامر بمجاهرة النظام السعودي بموقفه، لكنه

 

كان يتابع أحداث الثورة الإيرانية، سِرَّا، من خلال المذياع، قبل ظهور الفضائيات، كما تابع، رافضًا، مستنكرًا، حرب الثماني سنوات الظالمة، التي نفذها نظام صدام حسين بتوجيه ودعم سعودي ـ أمريكي، تمامًا، مثلما يتابع اليوم، بحذر، قناة المسيرة وأناشيد الحوثيين وقناة الجزيرة في مغتربه، ليتابع أحداث ومستجدات الحرب في بلاده من مصادر مختلفة عديدة. 

  

ففي االسبعينيات والثمانينيات عاقب النظام السعودي المغترب اليمني بالتضييق على هامش حريَّاته المحدود، أصلًا، ثم أتبع ذلك بمنعه من ممارسة أنشطته  التجارية المعتادة، ثم أتبع ذلك منع أبنائه من مواصلة تعليمهم، في مختلف مراحل التعليم!  الأمر الذي كلف المغترب اليمني، دون غيره، بيع متاجره وبضائعه بأبخس الأثمان، كما قام بتسفير أبنائه للدراسة خارج السعودية.

 وعندما اختلف النظام السعودي مع نظام صدام حسين، بعد صداقتهما الفاجرة، عامل النظام السعودي المغترب اليمني بصورة انتقامية، عقابًا له على موقف نظام صالح المؤيد لمغامرات صدام باجتياح قواته الكويت، ثم بسبب تعاطف المغترب السِّري الساذج مع صدام حسين، الذي أوهم الشارع العربي بما يغريه لمناصرته، مثلما أغرته الثورة الإيرانية، من قبل !؟

  

فالمغترب اليمني في السعودية معرَّض، دون غيره، لإجراءات النظام التعسفية، بين الفترة والفترة، لأسباب غير مفهومة في أغلب الأحيان!؟

 

لكن المؤكد أن الداخلية السعودية، كلما أحدقت بالنظام مخاوف أمنية، ركَّزت عينها الاستخبارية على المغترب اليمني، خاصة!

 

ومهما حرص المغترب اليمني على إخفاء مشاعره ومواقفه السياسية إلا أنه سيبقى محل أنظار الجواسيس الذين يملأون البلد.

 

المغترب اليمني ليس بتلك الخطورة أبدًا، لكن يبدو أن شعور النظام السعودي بالذنب تجاه ممارساته العدوانية ضد اليمن وثورته وضد نظامه الجمهوري وضد تطلعات شعبه المشروعة للحرية والوحدة والديمقراطية..هي التي تدفعه للشك باليمني واعتباره خطرًا على أمنه واستقراره !؟  

  

من عيوب النظام السعودي المعروفة لدى الجميع أنه لايبني قراراته، ذات الطابع السياسي، على أساس معلوماتي يقيني مما تتوصل إليه الدراسات والبحوث العلمية المعمقة وإنما يبنيها على تقارير استخبارية مستعجلة، لا تخلو من الإغراضيات والدوافع الشخصية للمخبرين غير المؤهلين للقيام بالمهمة تحت رقابة الضمير الحي ووفق قوانين واضحة، منصفة وصارمة !؟

سننتظر ما الذي سيغيره ترحيل المغتربين اليمنيين من الحد الجنوبي السعودي ، في نتائج الحرب، مع أننا متأكدون من النتيجة، سلفًا !؟ 

 

ولكن من سيعوض المغترب اليمني على فقدانه لعمله وعلى التكاليف الباهضة لحصوله على (الفيزا والإقامة)  وما رافقها من ضرائب وتكاليف سفريات!؟ وإلى أين سيذهب بعد ترحيله من السعودية في ظروف اليمن والحرب التي كان للمملكة الشقيقة الدور في افتعالها وإطالة أمدها، حتى اليوم!؟

-        الخميس 5 أغسطس 2021 م .