معالجات اقتصادية أم إجراءات تدميرية.. حكومة هادي والهروب إلى الأمام

YNP - عبدالله محيي الدين :
لم يعد جديدا الحديث عن فشل حكومة هادي على كافة المستويات، كما لم يعد ذلك يحتاج إلى أي استدلالات، فنظرة سريعة إلى واقع الحياة في المحافظات التي تسيطر عليها، كفيلة بتكوين صورة كاملة عن أوجه هذا الفشل الذريع،

على المستوى السياسي والأمني والاقتصادي والخدمي على حد سواء، غير أن الملف الاقتصادي غدا أهم الملفات، لارتباطه بلقمة العيش للمواطنين وبحياتهم المعيشية، وانعكاساته الخطيرة عليها.
أثبتت حكومة هادي فشلها على مدار الست السنوات الماضية من عمر الحرب في اليمن، وهو الأمر الذي باتت مؤمنة به هي نفسها، وما السخط الشعبي المتنامي في المحافظات الجنوبية إلا أحد انعكاسات هذا الفشل الذي ضاعف معاناة المواطنين في هذه المحافظات على كافة المستويات المعيشية والخدمية بصورة خاصة.
وفي مواجهة فشلها الذريع والمروع وما نتج عنه من انهيار اقتصادي وتردٍ في الخدمات وتدهور للأوضاع المعيشية لملايين السكان في المحافظات التي تسيطر عليها هذه الحكومة، ولعل أهم انعكاس لتلك السياسات الفاشلة التي انتهجتها هو ما لحق بقيمة العملة المحلية من انهيار أمام العملات الأجنبية، حيث تجاوز سعر الدولار الأمريكي حاجز الـ 1000 ريال، فيما ظلت العملة في صنعاء محتفظة بقسمتها، عند حاجز 600 ريال للدولار الواحد، وبفارق تجاوز 400 ريال في صرف العملة أمام الدولار الأمريكي.
وفي ظل الواقع الصعب الذي أفرزته السياسات الفاشلة لحكومة هادي، والفساد المستشري ونهب وتبديد الإيرادات، بات الهاجس الذي يشغل هذه الحكومة هو تعميم المأساة وتصدير الأزمات التي تسببت بها إلى المحافظات الأخرى التي تسيطر عليها حكومة صنعاء، ولا سيما حفاظ هذه الأخيرة على سعر العملة، والذي كان قرار حكومة هادي الأخير بضخ طبعات جديدة من العملة بالشكل القديم من فئة 1000 ريال المتداول والمتعامل به في مناطق حكومة صنعاء، بهدف ضرب الاستقرار المتحقق في سعر العملة وفي السوق المصرفية عموما في تلك المحافظات.
واجهت حكومة هادي مؤخرا المشكلات الاقتصادية التي تسببت بها، وعلى انهيار سعر العملة، غير أنها وفي تشخيصها لأسباب هذه المشكلة بالذات تركت المسببات الحقيقية، المتمثلة في سياساتها النقدية والمالية الفاشلة وذهب إلى أن نقص الإيرادات هو السبب، لتقر جملة من الإجراءات جميعها لا تلامس جذر المشكلة بحسب مراقبين وخبراء اقتصاد، بقدر ما تعمق تلك المشكلة وتضيف إليها مشكلات جديدة.
وفي سبيل تعزيز إيراداتها، اتخذت قرار رفع سعر الدولار الجمركي بنسبة 100% من 250 ريالا إلى 500 ريال وهو القرار الذي لقي رفضا واسعا من قبل القطاعات التجارية اليمنية والكيانات النقابية والعمالية والفعاليات الشعبية في مختلف المحافظات اليمنية، نظرا لما يحمله ذلك القرار من التبعات الكارثية على حياة ملايين اليمنيين جراء هذا القرار الذي يمس لقمة عيشهم وحاجاتهم المعيشية، التي باتت الكثير من الأسر عاجزة عن تأمينها في الظروف الحالية، نتيجة الأوضاع التي خلفها الانهيار الاقتصادي الحاصل، والتردي في سعر العملة اليمنية وتراجع القيمة الشرائية للريال اليمني، بدون أن يقابل ذلك أي إصلاحات من شأنها أن تزيد من دخل المواطن ناهيك عمّا هو حاصل من انقطاع للرواتب وانعدام لفرص العمل.
ويرى خبراء الاقتصاد أن انفراد حكومة هادي المدعومة من التحالف بهذا القرار الذي يمس حياة اليمنيين في عموم البلاد، بدون أي تنسيق سواء مع الأمم المتحدة التي تتولى الملف الإنساني في اليمن، أو مع سلطات صنعاء التي يقع في نطاقها ما يزيد عن 75% من السكان، وبدون أي استشارة للغرف التجارية الصناعية اليمنية واتحادها العام فيه، يعكس الاستهتار الذي تنتهجه حكومة هادي بكل ما يمس حياة المواطن اليمني، ودليل على انعدام المسئولية لديها، خاصة في قضايا خطيرة كالمساس بلقمة عيش الملايين من السكان.