بعد فشل إعادة تدويرها.. هل يدير التحالف ظهره للأدوات الشائخة ويغادر البلاد ؟!

YNP_ حلمي الكمالي :

تختلط الأوراق على ملعب التحالف في اليمن، وسط محاولات بائسة لإعادة تدوير أدوات شائخة، في ظل كومة من التناقضات البينية خلفتها بنية الشرعية المضطربة، والقائمة على تحالفات هشة تختلف كليا في الايدلوجية والرؤية والأهداف وحتى المصالح.

كان من المتوقع تفكك هذا التحالف منذ انطلاقته الأولى، وسرعان ما بدأ ذلك واضحا تدريجيا خلال فترة الحرب، من حالة التخبط والتيه التي تعيشها قوى التحالف وفصائلها في اليمن، بفعل التراجع العسكري وخسارتها زمام المعركة، والتي دفعتها للبحث عن بدائل.

بعد مأزق شرعية هادي، فإنه لا خلاف على وصول التحالف اليوم، إلى قناعات جادة لإحلال شرعية بديلة عنها، إلا أن المشكلة تكمن في إيجاد هذا البديل.

الواضح من حالة العصف و" الجرد " الذي تحدثه قوى التحالف السعودي والإماراتي داخل حلبة فرقاء الشرعية، يدل على صعوبة إيجاد البديل الحقيقي بين كافة الأطراف المنضوية تحت لواء التحالف.

كل محاولات قوى التحالف إعادة تدوير أدواتها في اليمن، باءت الفشل، فإعادة إنتاج الكتل السياسية الرديئة لن تخلف سوى كتل أردى منها، فالإمارات التي رمت بثقلها مؤخرا للدفع بحزب المؤتمر إلى واجهة المشهد، لم تستطع رغم كل الإجراءات والجهود، أن تلملم شتات الحزب، أو أن تضع له إتجاه سياسي معين للعمل ضمن نطاق مكاني محدود.

إذ تاهت محاولات أبو ظبي الدفع بالمؤتمر أمام لعنة الجغرافية التي حاصرت الحزب المتشظي تباعا من صنعاء شمالا إلى عواصم التحالف شرقا وغربا، مثلما عجزت الرياض عن إعادة تمركز الإصلاح أكثر من مرة، حتى فقد " عمود " الشرعية توازنه وحضروه على الساحة اليمنية جنوبا وشمالا، قبل أن يواجه اليوم، مصير وجوده، بفقدان آخر معاقله العسكرية والسياسية في مأرب التي أصبحت معظمها في قبضة صنعاء.

في الحقيقة، أثبتت جميع الأطراف المنضوية تحت جناح التحالف، سواء أحزاب أو تكتلات سياسية، أنها غير مؤهلة لإدارة دولة، أو حتى تشكيل نظام أو كيان سياسي يتكئ عليه التحالف للمقايضة به في أي مفاوضات سياسية قادمة أمام صنعاء ، أو حتى لتمرير مصالحه لاحقا.

هذه الحقائق القسرية ناتجة عن عدة أسباب أبرزها، غياب هذه الأطراف عن الواقع اليمني، إثر مكوث قياداتها العليا والوسطى في الخارج، وعدم قربها من المواطنين، بل وتدير ظهرها لإحتياجاتهم، ما خلف بينها هوة شاسعة، فهي غير قادرة على توجيه خطاب عام للشارع مطلقا لأنها لا تمتلك رؤية واضحة بما يتعلق بمستقبل الحرب والسيادة والأوضاع الإقتصادية للمواطن.

بجانب ذلك، أصبحت معظم أطراف التحالف بالمعنى الأدق " أوراق " محروقة في حسابات الداخل والخارج، ويبدو أن هذا ما يبرر التخلي الدولي والإقليمي الواضح عن خدمات حزب الإصلاح، جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، عقب فشله في ترسيخ شرعية التحالف في البلاد.

بين هذا وذاك، فإن جميع المؤشرات والمستجدات الطارئة في المشهد اليمني، تؤكد أنه لا رهانات محلية أو خارجية جادة على المؤتمر أو على الإصلاح أو هادي، لقيادة أي مرحلة جديدة خلفا للشرعية القائمة، غير أن تلك المحاولات السعودية الإماراتية هي فقط لكسب مزيد من الوقت تمهيداً لمغادرتها البلاد.

ما يجب الإشارة إليه، أن إحتمالية إعلان التحالف رسميا انسحابه من اليمن أصبحت واردة اليوم، في أية لحظة وأكثر من أي وقت مضى، في مغادرة قسرية على هذا النقيض، وقبضة صنعاء على كافة التراب الوطني، مغادرة لن تكون أقل شبها لرحيل واشنطن من أفغانستان على وقع هزيمة نكراء بعد عشرين عاما من الحرب والتحالفات العمياء.

في نهاية المطاف، لن يكون مستغربا أن تهرول دول التحالف للإعتراف بصنعاء، ولن يطول كبريائها أكثر من واشنطن التي بدأت في مغازلة القوى السياسية اليمنية المناهضة لها لإعادة فتح سفارتها في صنعاء، لأن المصالح في السياسة والحرب في قواميس هؤلاء لا تعرف الكبرياء ولا المبادئ.