الإصلاح والإمارات في شبوة.. صراع تحركه الأطماع وتغذيه المملكة

YNP - عبدالله محيي الدين :
حالة من التوتر تشهدها محافظة شبوة، هذه الأيام، في إطار محاولة جديدة يبذلها حزب الإصلاح لإخراج القوات الإماراتية المتمركزة في مناطق داخل المحافظة النفطية التي يسعى لاستكمال السيطرة عليها والاستفراد بمواردها،

بعد أن حولت الإمارات تلك المناطق إلى قواعد عسكرية، وأبرزها معسكر العلم القريب من عتق عاصمة المحافظة، ومنشأة وميناء بلحاف على ساحل البحر العربي.
ويأتي التوتر الأخير بعد مطالبة محافظ شبوة التابع لحزب الإصلاح محمد صالح بن عديو، قبل أيام الإمارات بسحب قواتها من منشأة بلحاف، وما أعقبه من تحرك عسكري وحشد للقوات واستحداث نقاط وحواجز عسكرية على الطريق المؤدي إلى المنشأة.. فيما أكدت مصادر محلية نشر قوات الإصلاح عناصر تابعة لها في محيط المنشأة السبت، ونشرت وسائل إعلام صورا لاستحداث تلك العناصر نقاط تفتيش بالقرب من المنشأة التي تتمركز فيها قوات إماراتية منذ سنوات.
وكانت وسائل إعلام قد تحدثت عن تهديدات إماراتية باستهداف منشأة بلحاف فيما لو حاولت القوات التابعة لحزب الإصلاح الاقتراب منها، غير أن مصادر رسمية لم تؤكد ذلك التهديد.
وتحولت محافظة شبوة شأنها شأن بقية المحافظات إلى ساحة لصراع مفتوح بين الإمارات والفصائل الموالية لها من جهة أخرى، وبين جماعة الإخوان المسلمين في اليمن والتي يمثلها حزب الإصلاح الذي يمتلك سيطرة فعلية داخل منظومة الشرعية المدعومة من السعودية، في حين تغض السعودية التي تقود التحالف الطرف عن هذا الصراع.
وتشير مراقبون إلى أن الموقف السعودي من الصراع الإماراتي الإخواني في شبوة كما في غيرها من المحافظات الجنوبية، يتجسد في تغذية هذا الصراع بين الطرفين، لغايات تتعلق بإرهاق حزب الإصلاح، قبل إعطاء الضوء الأخضر لحليفتها الإمارات لتوجيه ضربتها القاضية له.
وتكتسب محافظة شبوة أهميتها لدى الأطراف المتصارعة من كونها محافظة نفطية، بالإضافة إلى مرور أنابيب النفط والغاز عبرها، بالإضافة إلى تواجد أهم المنشآت الاقتصادية فيها ، والتي تمثلها منشأة بلحاف الغازية، وكذا ميناء تصدير النفط الخام.
ويتواصل الصراع الإماراتي الإخواني في شبوة منذ سيطرة الأخير عليها في أواخر العام 2019، وتمكنه من طرد قوات المجلس الانتقالي الموالي للإمارات، في حين فشلت كل المحاولات التي يبذلها حزب الإصلاح، في إخلاء منشأة بلحاف الغازية وميناء بلحاف النفطي من القوات الإماراتية التي تتمركز فيهما منذ العام 2016، رغم محاولته تحريك المطالبة بإخلاء المنشأة عبر أوراق مختلفة ومنها الأحزاب السياسية والمنظمات المجتمعية المحلية وكذلك ورقة المطالبات الشعبية، إلى جانب التلويح باستخدام القوة بين فينة وأخرى، غير أن تلك المحاولات لا تلقى أي استجابة من قبل السعودية والإمارات على السواء.

ويأتي الصراع الإماراتي الإخواني حول السيطرة على منشاة بلحاف الغازية وميناء بلحاف النفطي، في ظل عجز حكومة هادي عن اتخاذ أي موقف من شانه إقناع السعودية بالضغط على أبوظبي لسحب قواتها من المنشأة التي تتعمد تعطيل عملها منذ قرابة ستة أعوام، وهو ما وصفه مراقبون بالنكوص والاعتراف بالفشل، في مواجهة السيطرة الإماراتية، وما تمارسه أبو ظبي من انتهاك لسيادة اليمن طالت فيما طالته بينيتها الاقتصادية في كافة القطاعات، وعلى رأسها قطاعات الموانئ والنفط والغاز.
وكانت الإمارات، الرأس الثاني للتحالف الذي تقوده السعودية، قد وصلت إلى منشأة بلحاف في محافظة شبوة في منتصف العام 2016، ضمن خطتها في التواجد والسيطرة على الموانئ البحرية والجزر المنشآت النفطية والغازية والممرات البحرية.
وحتى اليوم، لا تزال الإمارات ترفض إخلاء قواتها المتواجدة في المنشأة وتتمسك بتواجدها، بالرغم من خروج قوات محلية تابعة لها "قوات النخبة الشبوانية " بعد اندلاع مواجهات مسلحة مع قوات تتبع حكومة هادي وحزب الإصلاح في أغسطس 2019.
ولم تنجح كل المحاولات التي تبذلها سلطات الإصلاح في شبوة في إثناء الإمارات عن قرار التمسك بالسيطرة على منشأة بلحاف، بما في ذلك التوتر العسكري الذي يشهده محيط المنشأة بين القوات الإماراتية المتمركزة في المنشأة وقوات تابعة لحكومة هادي.
ويعد بلحاف ثاني أكبر مشروع في الشرق الأوسط لتصدير الغاز المسال، عبر الأنبوب الممتد من محافظة مأرب حتى ميناء بلحاف على ساحل بحر العرب، وبطاقة إنتاجية قدرها 6.7 ملايين طن متري سنويا.
وبحسب تقارير رسمية فقد بلغت التكلفة الاستثمارية لإنشاء مشروع الغاز المسال 5.4 مليارات دولار، والذي كان من المفترض أن يساهم في رفد الخزينة العامة للدولة بأكثر من مليار دولار سنويا، وفقا للاتفاقيات المجحفة وطويلة الأجل الموقعة في العام 2005م بين الشركة اليمنية للغاز الطبيعي، وكل من المؤسسة الكورية (كوجاز) وشركة سويس لتجارة الغاز الطبيعي وشركة توتال للطاقة والغاز لتصدير حوالي 6.7 مليون طن سنوياً من الغاز إلى السوقين الكورية والأمريكية وبأسعار منخفضة قياسا بأسعار الغاز السائدة في الأسواق العالمية.
وفي العام 2012م أسفرت المفاوضات بين الشركة اليمنية للغاز المسال وشركتي (توتال) و(جي.دي.إف سويز) الفرنسيتين عن اتفاق لتعديل سعر بيع الغاز المسال من 1.5 دولار إلى 7.21 دولار لكل مليون وحدة حرارية ابتداء من نهاية العام 2013م، بعد أن فقد اليمن إيرادات بمئات الملايين من الدولارات في السنوات السابقة نتيجة السعر المنخفض الذي تدفعه مؤسسة الغاز الكورية (كوجاز) بموجب الاتفاق طويل الأجل.
ووفقا لمصادر مطلعة فقد فشلت كل البوادر والمحاولات المبذولة من بعض الشركات لاستئناف تصدير الغاز المسال من ميناء بلحاف النفطي خلال السنوات الماضية، وذلك بسبب إصرار الإمارات على تحويل المنشأة إلى قاعدة عسكرية لها، بالإضافة إلى العراقيل والحوادث المفتعلة، التي تشهدها محافظة شبوة، والتي تحمل رسالة مفادها أن المنطقة غير آمنة ومن غير الممكن استئناف عمل المنشأة حاليا.