محاولات بائسة لمرحلة ما بعد سقوطها .. مأرب المحطة الأخيرة للتحالف وفصائله !

YNP_ حلمي الكمالي :

مع إستكمال قوات صنعاء فرضها طوقا عسكرياً من ثلاث جهات على مدينة مأرب، بعد سيطرتها الكاملة على مديرتي الجوبة وجبل مراد، سرعان ما أصيبت أجندات التحالف السعودي بالشلل التام، والذي يفقد أوراقه العسكرية والسياسية معا، لتبدأ التحركات الدولية لإزاحة الشرعية من واجهة المشهد، أكثر جدية هذه المرة، في محاولات متكررة ويائسة للدفع بكيان جديد يعبر عن مصالح قوى التحالف في اليمن.

طبقا لمجريات الأحداث العسكرية الأخيرة في محيط مدينة مأرب، التي شهدت تقدما إستراتيجيا هاما لقوات صنعاء، مع سيطرتها على كامل مديريات المحافظة الجنوبية والغربية؛ وتقدمها بإتجاه شرقي المدينة، فإن التوقعات تشير إلى أن مدينة مأرب التي أصبحت في نطاق " صنعاء " بحكم المعطيات على الأرض، بعد إحكام قبضتها على 12 مديرية كاملة من أصل 14؛ هي المحطة الأخيرة لقوى التحالف والشرعية في البلاد.

بالعودة إلى أهم تلك التحركات الدولية، التي تزامنت مع تقدم قوات صنعاء في محافظة مأرب، والتي بدأت، برفض الرياض طلب جديد من حكومة هادي لتقديم وديعة للبنك المركزي في عدن، ورفض السلطات السعودية الإفراج عن الأموال اليمنية المودعة في البنك الأهلي السعودي، إلى جانب التشهير السعودي بالفساد المالي لحكومة هادي، في المحافل الدولية، وأخيرا إبرام تحالف الحرب على اليمن اتفاق جديد مع شركتين أجنبيتين للبدء بفصل نفط شبوة عن مأرب.

إذا ما تطرقنا لهذه التحركات، فإننا أمام تحول مغاير تماما، يراد منه إستحداث مشهد جديد على حلبة التحالف واللاعبين الدوليين في اليمن، يجري الإعداد له بإتجاه جغرافية البلد الجنوبية هذه المرة، في محاولة لإحياء أجندات القوى الدولية على ملعب بعض الوكلاء الإقليميين هناك، بعد فشل ذريع لكلاهما في تطويع المحافظات اليمنية شمالا، خلال سبع سنوات من الحرب الضارية.

ولكن هذا المشهد " الغزير " بالفرضيات والمفتقر للوقائع يظل محظ أحلام وردية في مخيلة ساسة الحرب على اليمن، لأن محاولة الإنتقال لتوطيد أجندات التحالف السعودي وحلفائه الدوليين، جنوبا، لتعويض خسارئها شمالي البلاد، تبدو مهمة مستحيلة، على مسرح مستعر، وفي ظل واقع متشظي ومليئ بالتناقضات البينية بين فرقاء الشرعية، والتي صنعها وغذاها التحالف طوال الفترة الماضية، قبل أن تردت عكسيا على عمقه الإستراتيجي، ما يعني أن أي محاولات لإعادة تموضع فصائل التحالف جنوبا هي محاولات بائسة.

أيا كانت المخططات والترتيبات التي يسعى التحالف لتنفيذها اليوم، في المحافظات الجنوبية، فإن الكثير من العقبات ستواجه مشاريع التحالف في الجنوب اليمني، أبرزها غليان الشارع اليمني في تلك المناطق ضد سياسات التحالف والشرعية التعسفية، ومطالب المواطنين بطردهما من البلاد، وهو الشارع ذاته الذي بدأ بكسر كل حواجز الخوف من قمع سلطات فصائل التحالف، وخرج رافضا منهجية التدمير التي تمارسها تلك الفصائل بمعية التحالف، والتي تطاولت على أوضاعه المعيشية والأمنية.

الأهم من ذلك، فإن الحضور العسكري لقوات صنعاء في أكثر من أربع مديريات في محافظة شبوة، جنوبي اليمن، إضافة إلى تمددها في عمق محافظة الضالع، وتوغلها في لودر أول مديرية في محافظة أبين، يؤكد أن صنعاء ماضية في السيطرة على المحافظات الجنوبية، بعد مأرب، وهذا ما تصرح به قياداتها العسكرية والسياسية مراراً، ما يعني أن قوات صنعاء لن تبقى فقط " شوكة " في خناق مشاريع التحالف جنوبا وشمالا، بل أن لديها كل المؤهلات لحسم معركة كل اليمن.

إلى ذلك، يمكن القول أن الأسابيع القليلة القادمة ستكون حاسمة لمستقبل الحرب على اليمن، في ظل التحولات الإستراتيجية التي تصنعها بندقية صنعاء على مسرح المواجهة مع قوى التحالف وفصائلها، شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا، هذه التحولات التي بدأ تأثيرها عابرا للأمكنة والأزمنة في الداخل والمحيط الإقليمي والدولي.