قلق سعودي بشأن التحركات الأممية.. هل اقترب الإعتراف الدولي بسلطة صنعاء؟!

YNP _ حلمي الكمالي :

ليس هادي وحده من يخشى " الإزاحة " من المشهد اليمني ، بل والسعودية أيضا، التي تعيش مخاوف مركبة من ترتيبات دولية للإطاحة بتحالفها في اليمن، بدعم وتنسيق مباشر من القوى الغربية وعلى رأسها الحليف الأقرب .. هذا ما يمكن فهمه من الاندفاع السعودي لرفض إحاطة المبعوث الأممي الجديد، هانس غرندوبرغ، واتهامه من قبل وسائل إعلامها بالعمل لصالح " الحوثيين " ، في سابقة تضع التساؤلات كثيرة بشأن ما إذا كان الإعتراف الدولي بسلطة صنعاء يقترب ؟!.

المخاوف السعودية تصاعدت مع المناورة الأمريكية بشأن مأرب، عبر تصريحات مبعوثها الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ، الذي قدم عرضا لـ " الحوثيين " بالإعتراف الدولي بسلطتهم على البلاد، والتي عقبها بيان للمبعوث الأممي، الذي أكد نيته طرح مبادرة سلام بين الأطراف اليمنية دون الإشارة إلى أي دور للتحالف فيها ، وهو ما دفع الأخيرة للجنون واعلانها مباشرة رفضها خطة السلام التي أشار إليها مبعوث الأمم المتحدة.

لا يتوقف الجنون السعودي تجاه المساعي الأممية من إقصائها فقط من المشهد اليمني كلاعب رئيسي بل من التوجه الدولي لتحمليها تبعات الحرب وتداعياتها وأولها المساءلة القانونية بشأن جرائم الحرب التي ارتكبتها في اليمن، والتي بدأ الحديث عنها يتصاعد مؤخرا بشكل ملحوظ على الساحة الإعلامية الأوروبية، أبرزها إيطاليا وفرنسا والمملكة المتحدة.

أضف إلى ذلك، نسف الأمم المتحدة لبنود ما جاء في بيان القمة الخليجية الأخيرة التي احتضنها الرياض، وعلى رأسها التمسك السعودي بالمرجعيات الثلاث، وهو ما سبق وأن تجاوزته المفاوضات الأممية في اتفاقية " ستوكهولم"، قبل أن تجدد القوى الدولية وعلى رأسها موسكو ، نسفها لتلك المرجعيات في جلستها الأممية الأخيرة بشأن اليمن، وتذهب بعيدا للمطالبة بإلغاء القرار " 2216 " الذي يعد أبرز القرارات الأممية التي يتكئ عليها التحالف في حربه على اليمن.

بجانب ذلك، تضيق السبل على قادة التحالف السعودي شيئا فشيئا في ظل خروج معظم الملفات عن سيطرة التحالف وعلى رأسها تناقضات فصائله المتناحرة التي زرعها في بادئ الأمر وعجز عن لملمتها لصالحه، تزامنا مع تقدم قوات صنعاء عسكريا في عموم مياديين المواجهة وبالأخص في مأرب، التي تقترب صنعاء من ضرب المسمار الأخير في نعش التحالف والشرعية، مع إقترابها من السيطرة الكاملة على المحافظة النفطية.

أهم ما يمكن ملاحظته ، فإن الرياض التي هرعت بعد ساعات قليلة من عملية "السابع من ديسمبر" التي طالت مواقع حيوية في سبع مدن سعودية أبرزها الرياض وشركة أرامكو في جدة، للإستنجاد بالإدارة الأمريكية، لتعزيزها بالأسلحة والدفاعات الجوية، تعيش حالة من الذعر، عقب إعتذار المسؤولين عن عجزهم في تحسين القدرات الدفاعية السعودية، وهو أمر قلب الطاولة على روؤس أمراء الحرب في الرياض، والذين اعتبروا ذلك تخلي أمريكي صريح.

وبعيدا عن كون البيت الأبيض عاجز في الحقيقة عن التصدي لصواريخ ومسيرات صنعاء، فإن الحرب التي تشارف على الدخول في عامها الثامن، قد أثقلت كاهل المسؤولين الأمريكيين، نظرا للحصاد المر للتحالف وإخفاقاته المتواصلة عسكريا وسياسيا واقتصاديا في إدارة تداعيات الحرب وتناقضاتها وانعكاساتها على الملعب الأمريكي في المنطقة.

على أية حال، لن ينتظر المجتمع الدولي طويلا حتى يعترف علنا بسلطة صنعاء، ويجري معها مفاوضات مباشرة باعتبارها اللاعب الوحيد والاقوى على الساحة اليمنية، ليس لكسب مصالح جديدة في اليمن بل لضمان ما يمكن تفاديه من مصالح للقوى الدولية في المنطقة جراء النصر اليمني الذي يرجح مراقبين أنه سيكون له تداعيات بالغة للتواجد الأمريكي الغربي على إمتداد الخارطة العربية والاقليمية.