قصة "الفيلم المسروق".. المالكي يتَّبِع خطوات "عسيري" ويتفوَّق بالفضيحة الكبرى

YNP - إبراهيم القانص :
مادة دسمة للتندر والسخرية، هكذا أصبحت السياسة السعودية على كل المستويات، لتتناولها وسائل التواصل والشبكات الإعلامية على مستوى العالم بمجرد وصولها طازجة من إحدى القنوات السعودية، وغالباً تقدمها قناة الحدث، تتمثل تلك المادة في فضائح السعودية على مستوى سياستها الداخلية والخارجية،

خصوصاً في حربها على اليمن، التي ما إن بدأت عام 2015م حتى أصبح العالم على موعد شبه يومي مع دوي يصم الآذان مصدره السقطات السياسية والأخلاقية والتي سرعان ما تتحول إلى مادة للسخرية والتندر، فالمنزلق الذي تهوي فيه المملكة بسبب حربها على اليمن جعل العالم لا يراها إلا حيث ينزعج، فما يتكشف تباعاً من الفضائح التي تتمرغ فيها السلطات السعودية بسياساتها المنحرفة يخلق انطباعين لا ثالث لهما؛ التندر حد السخرية، أو الانزعاج حد الاشمئزاز، ويتساوى الأمران فيما يخص سياساتها الداخلية مع مواطنيها والمقيمين على أراضيها أو في الحرب التي تشنها على اليمن.

الأهداف المعلنة للحرب التي تقودها السعودية في اليمن كانت كذبة كبيرة ضللت بها العالم، وعلى مدى السنوات السبع من عمر الحرب تكشفت حقائق ناصعة، أهمها أنه لا شيء غير القتل والدمار والتجويع والسيطرة على مناطق الثروات واستنزافها وتمزيق النسيج المجتمعي اليمني، تمثل في مجملها وفي تفاصيلها المؤلمة الرصيد الوحيد لما أسمته المملكة بنك أهدافها في اليمن.

قبل أيام ظهر الناطق الرسمي باسم قوات التحالف، نوري المالكي، على قناة الحدث السعودية في إيجاز صحافي، تقيأ خلاله كذبة ربما هي أكبر ما خرج من أحشائهم المتعفنة والمنتفخة بالحقد على اليمن واليمنيين حتى اللحظة، وحاول جاهداً أن يظهر بملامح جادة أكثر من أي وقت مضى، ليواري خيبته التي اعتبرها انتصاراً، وهو يعرض تسجيلاً مرئياً قال إنه لمخزن داخل ميناء الحديدة يجمّع فيه الحوثيون صواريخ بالستية، ولكي يروج للفيديو على أساس أنه انتصار استخباراتي أشار إلى أن اسم المكان تحديداً لا يزال سراً، لكن المالكي لم يستمتع بكذبته طويلاً، فخلال أقل من أربع وعشرين ساعة وجهت قناة المسيرة التابعة للحوثيين صفعة مؤلمة لمتحدث التحالف وحكام مملكته، بعرض النسخة الأصلية لمقطع المالكي المحتفى به، والتي اتضح أنها لقطة من فيلم وثائقي أمريكي تم تصويره في العراق قبل خمسة عشر عاماً، وهي ضمن فترة انتهاك القوات الأمريكية لمقدرات العراق العسكرية وتدميرها، طبعاً بأموال السعودية نفسها التي مولت ورعت كل ذلك العبث، وحسب محللين فإن السعودية تثبت فشلها وهشاشتها حتى في التزوير والفبركة.

لم يكن المالكي مضطراً لكذبة بذلك الحجم الذي وصل حد الفضيحة، فقط لتقديم مبرر مسبق لقصف ميناء الحديدة أو إغلاقه أمام استقبال القليل جداً من الأغذية والدواء والمشتقات النفطية الضرورية للبقاء على قيد الحياة، فباستطاعة قواته الجوية قصف الميناء- المقصوف مراراً- بدون أي حرج كما هي عادتهم، خصوصاً أنهم قد اشتروا بأموالهم الضمير الدولي وأعماه بريقها الزائف، لكن من تعود على التضليل والكذب لا يستطيع العيش بدونه، وكان لا بد أن يظهر المالكي- وفقاً لسياسة بلاده التي درجت على تزييف كل شيء- وخلاصة ذلك التضليل أن التحالف يثبت تباعاً هشاشة سياسته وجهازه الاستخباراتي، خصوصاً السعودية التي تغرق في قتامة نوايا حكامها وحقدهم على كل من حولهم حتى على مستوى الأسرة الحاكمة التي نكّل ولي عهد المملكة بغالبية رموزها.

ويرى مراقبون أن متحدث التحالف يسير على خطى سلفه أحمد العسيري، والذي طالما ضلل الرأي العام العالمي ليبرر مجازر قواته بحق أطفال ونساء اليمن ومقدراته وبناه التحتية، وكان من أبرز كذباته أن قواته قضت على ما نسبته خمسة وتسعون في المائة من القوة الصاروخية لصنعاء، في حين كانت معسكرات ومنشآت الجنوب السعودي تتلقى ضربات موجعة وتستقبل زخات من الصواريخ، وربما كانت تلك الشطحة العسيرية السبب الرئيس للإطاحة بالمتحدث السابق للتحالف، ويبدو أن المالكي سيبدأ بتجهيز حقيبته الشخصية ليلحق به قريباً، وقد يُضم اسمه فيما بعد ضمن الضالعين في قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.