كيف دفعت عملية " إعصار اليمن " جنرالات الجيش الإسرائيلي لمراجعة دراسة الرياضيات

YNP _ حلمي الكمالي :

عصفت عملية " إعصار اليمن " التي نفذتها قوات صنعاء في العمق الإماراتي ، بآخر أوراق قوى التحالف الرامية لتحقيق أي تأثير نسبي على الأرض لتعزيز موقفها على طاولة أي مفاوضات أممية قادمة، وتأمين خروجها من الجحيم اليمني بأقل الخسائر الممكنة.

وبالرغم أن هذه العملية الواسعة والاستراتيجية قد أصابت مركز إقتصاد قوى التحالف وحلفائها الدوليين بالشلل، إلا أنها كانت ضمن نطاق " الرسائل التحذيرية " التي وجهتها صنعاء، للإمارات قبل تصعيد ضرباتها على نطاق واسع وقاتل، وهو ما يثير رعب المسؤولين الأمريكيين والاسرائيليين والإماراتيين على حد سواء.

ولعل هذا ما دفع الصحافة الرسمية الإسرائيلية، للتعبير عن قلق مسؤولي الكيان الصهيوني من عمليات هجومية يمنية مماثلة على تل أبيب، وهو ما صرحت به قناة " كان " الإسرائيلية في تقرير لها تحت عنوان " اليمنيون قادرون على ضرب إسرائيل ".

هذا الرعب الحقيقي جعل كبار " جنرالات " جيش الإحتلال الإسرائيلي ووسائل إعلامه، لليوم الرابع على التوالي منذ الهجمات اليمنية على أبو ظبي، للوقوف أمام آلة الحاسبة، لقياس المسافة بين اليمن والعاصمة الإماراتية، والتي تقدر بحسب المسؤولين الإسرائيليين بحوالي 1500 إلى 1600 كلم، وهي نفس المسافة تقريبا بين صنعاء وتل أبيب.

على أي حال، فإن الإمارات واقتصادها ومراكز القوى الدولية في أبو ظبي يواجهون خطرا حقيقيا قد ينهي عقود من الأحلام الوردية بغمضة عين، خصوصا وأن الرد اليمني للتدخلات الإماراتية بعد شنها سيناريو وتصعيد جديد في المناطق الجنوبية والوسطى، شمل تهديدات صريحة من كل رجالات الجيش في صنعاء، قبل أن يلخصها متحدث قواتها العميد يحيى سريع، بالقول أن الإمارات " دويلة غير آمنه ".

ليس في مقدور الإمارات خوض أي شكل من أشكال المقامرة مع صنعاء في هذا التوقيت الحذر، لا لأن الأخيرة تمتلك القدرة العسكرية واللوجستية على ضرب كل المنشآت الحيوية في الإمارات وحسب، بل في تجاوزها التوازنات الإقليمية والدولية في مثل هكذا عمليات تؤهلها لإستهداف القوى الإقليمية والدولية المناهضة لها والحامية للكيانات في الخليج وعلى رأسها إسرائيل.

تعقيبا على هذه النقطة، يمكننا ملاحظة الإستسلام الإماراتي للضربات الصاروخية والمسيرات اليمنية، وعدم الحديث عن أي دور للدفاعات الجوية في إمكانية التصدي لصواريخ ومسيرات صنعاء، وهو ما يعكس قدرة الأخيرة على استباحة أجواء الإمارات السبع بكل سهولة، وفرض نهاية مبكرة للدولة التي تسعى أن تكون محور اقتصادي جديد في الشرق الأوسط.

إلى ذلك، فإنه يمكننا التطرق إلى الهرولة الإماراتية الغير مدروسة في تصعيدها العسكري على فصائلها في اليمن، وتفعيل أطماعها بشراهه بشعة ؛ على أنه نتاج دوافع خارجية وأسباب كثيرة تتعلق بالقوى الحامية للإمارات والمشاركة في قيادة الحرب على اليمن، وعلى رأسها إسرائيل والسعودية.

فمن الواضح أن التحركات الإسرائيلية تصاعدت مؤخرا في اليمن، تحت غطاء وعم إماراتي، والتي يمكن ملاحظته من خلال العبث الإماراتي المتزايد في النفط والغاز والثروات اليمنية، واستنزافها معظم الثروات الطبيعية من البحر إلى اليابسة، والتي يصاحبها إنشاء لقواعد ومطارات عسكرية للإحتلال الإسرائيلي في الجزر والسواحل اليمنية، والتي كان آخرها إنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة عبدالكوري بأرخبيل سقطرى.

إضافة إلى ذلك، فإن السعودية التي تضغط منذ فترة طويلة لنقل مقرات الشركات العالمية من أبو ظبي إلى الرياض، قد دفعت الإمارات للدخول من جديد في معترك التحالف، وذلك أولا لتخفيف الضغط العسكري على المملكة، ومقاسمة أعباء فشل التحالف في اليمن، ثانيا لضمان تلقيها ضربات صاروخية يمنية إلى عقر دارها، وهو ما قد يساهم في ضرب البيئة الآمنة للمستثمرين في الإمارات، بالتالي نقل استثماراتهم إلى السعودية.

إذن ليس أمام الإمارات أي خيارات مفتوحة غير التسليم المطلق والغير مشروط لمطالب صنعاء، بالخروج فعليا من اليمن، ووقف دعمها لفصائلها على الأرض، واستنزافها لثروات البلاد، بيد أن أي خيارات أخرى في خوض غمار المواجهة والتصعيد أمام صنعاء ستكون مكلفة للغاية قد يفقدها ما لديها من الأخضر واليابس.