وفاة عشرة إثيوبيين بينهم طفل.. ما الذي يجري خلف مغاليق السجون السعودية ؟

 YNP -  إبراهيم القانص :

الوضع القانوني للسعودية مع ملفات حقوق الإنسان والاتفاقيات التي وقعت عليها المملكة فيما يخص هذا الشأن، محرج وصعب للغاية،

فسجلها الإنساني أصبح قاتماً كمستقبلها، فكل يوم يمر تزداد المملكة غرقاً وتورطاً في مستنقع شديد الوحولة والنتانة من التجاوزات الحقوقية التي لا شك ستورطها مستقبلاً وتثقل كاهلها بجرائم ضد الإنسانية، وانتهاك كل قوانين واتفاقات حقوق الإنسان، حتى وإن كانت الآن قادرة على شراء ضمائر وذمم الجهات والمؤسسات الحقوقية الدولية عن طريق الأموال التي تبددها على مسئولي تلك الجهات لإسكاتهم؛ فهناك من يوثق ويرصد كل ما ترتكبه السلطات السعودية من انتهاكات حقوقية، وحين يأتي الوقت المناسب لمواجهتها ستدفع ثمناً مكلفاً كونها قد تلطخت ولا تزال بالكثير من الانتهاكات التي لن يستطيع الزمن ترميم التشوهات الناتجة عنها ولا محو العار الذي سيظل يلاحقها مدى الحياة.

 التورط السعودي في دماء اليمنيين، وانتهاك سيادة أرضهم وتدمير مُقدّراتهم وبناهم التحتية، ليس فقط ما يهدد سلطات المملكة بالملاحقة القانونية والقضائية مستقبلاً، رغم أن اليمنيين يعرفون جيداً كيف يأخذون بثأرهم وربما ليسوا بحاجة لانتظار الإنصاف من الجهات الدولية كونهم فعلاً قد بدأوا مسارات التأديب والردود المناسبة، فهناك ما يستوجب على السعودية الاستعداد لدفع ثمنه خارج نطاق الملف اليمني، فقد ظهرت الكثير من البقع بل الثقوب السوداء في سجلها الحقوقي الإنساني داخل نطاقها الجغرافي بحق مواطنيها والمقيمين على أراضيها، ولا تزال تلك السلطات ترمي بكل القيم الإنسانية عرض حائط عنجهيتها وزهوها بالثروة والنفوذ المشترى بالمال والذي بلا شك سيزول بزواله، وقد تعالت الأصوات والصرخات الداعية إلى وضع حد للشرور السعودية بحق الآلاف من العمالة الأجنبية داخل أراضي المملكة، حيث يتم التعامل معهم بعنصرية مقيتة تتعارض مع كل الشرائع السماوية والأرضية.

 

آلاف المهاجرين الإثيوبيين تكدسهم السلطات السعودية في سجون لا تقيم وزناً لإنسانيتهم ولا تراعي حرمة لآدميتهم، سواء من حيث ازدحامها أو من ناحية ظروفها الصحية المزرية، فضلاً عن تعرضهم للاعتداءات الجسدية والنفسية، وتجويعهم وحرمانهم من الرعاية الصحية، وتلك الظروف الوبيلة مجتمعةً أدت إلى وفاة عشرة من المعتقلين الإثيوبيين بينهم طفل، في سجن الشميسي بمدينة جدة، وفق ما ذكره تقرير نشره موقع "فرانس 24"، بناء على ما جاء في بيانٍ لسفارة أديس أبابا في الرياض، ولا تزال حياة الآلاف منهم مهددة بمصير العشرة الذين لقوا حتفهم.

 

الموقع نشر وصوراً وتسجيلات مرئية لمعتقلين إثيوبيين يرقدون مجبرين على أرضية أحد السجون إلى جانب مراحيض مليئة بالقذارات، وآخرين يحملون على ظهورهم آثار التعذيب والجلد، وقد ذكرت منظمات حقوقية إثيوبية أن سلطات السجون السعودية لا تعطي المعتقلين سوى قطعة خبز صغيرة والقليل جداً من الماء.

 

وكانت السلطات السعودية لاحقت المهاجرين الإثيوبيين واعتقلتهم من الشوارع والأماكن العامة، بل واقتحمت المنازل التي يقيمون فيها، ولم تستثنِ حتى من يملكون إقامات قانونية، ويحدث ذلك رغم اتفاق وقعته السلطات الإثيوبية مع السعودية ينص على التزام إثيوبيا بإجلاء رعاياها من المملكة بشكل دوري، وقد نفذت فعلياً أكثر من خمسٍ وثلاثين رحلةً جوية إلى أديس أبابا، وحسب منظمة الهجرة الدولية كان مجموع من تم إجلاؤهم أربعين ألف إثيوبي، لكن السلطات السعودية لم تتوقف عن ملاحقة المهاجرين وإساءة معاملتهم في سجونها المهينة، ولا تزال تلك المعتقلات تكتظ بما يقارب ثمانين ألف إثيوبي رهن الاعتقال والتعذيب، ولم تُحرك مناشدات عائلاتهم خلال وقفاتها أمام سفارة الرياض في أديس أبابا مشاعر السعوديين أو ما يفترض من إنسانيتهم لوقف سوء معاملتهم، فمن الصعب جداً أن يعطي أحد شيئاً هو الأصل يفقده.