مشاريع التطبيع العربية مع إسرائيل.. اليمن في دائرة المؤامرة

YNP -  عبدالله محيي الدين :

لا يمكن فصل المشروع الأمريكي الإسرائيلي المتمثل في دفع أنظمة عربية إلى التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني عن الأزمة اليمنية، التي تقع ضمن حيز مهم دائرة أجندة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ككل،

ولا سيما إذا ما أخذنا في الاعتبار أن هذه الأنظمة العربية المنصاعة لمشروع التطبيع، جميعها أعضاء في التحالف الذي شكلته السعودية بقيادتها للحرب في اليمن، تحت ذريعة محاربة المد الإيراني وإنهاء سيطرة الحوثيين على السلطة، وتلك الذريعة هي العنوان الظاهر أو المعلن من أهداف هذه الحرب، خلافا للأهداف غير المعلنة، التي تكشفت تباعا مع طول أمدالحرب، وكان أهمها على الإطلاق تدمير اليمن على كافة المستويات، وحصاره واحتلال سواحله وجزره ونهب ثرواته والسيطرة على مجاله الجوي وإغلاق منافذه البرية والبحرية والجوية والعمل على استدامة الصراع فيه بما يضمن تحقيق تلك الأهداف.

 

 على مدى اليومين الماضيين، استضافت إسرائيل مؤتمرا ضمن مشروع التطبيع الذي ترعاه أمريكا، شاركت فيه أربع دول عربية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، وهي المرة الأولى التي يجتمع فيها هذا العدد من ممثلي دول التطبيع مع إسرائيل بإشراف أمريكي حول طاولة واحدة.

 

وشارك في المؤتمر الذي عقد في صحراء النقب، وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة، والإمارات، والبحرين، والمغرب، ومصر، وذلك بعد قمة ثلاثية استضافتها مصر منتصف الأسبوع الماضي (الثلاثاء)، شملت كل من إسرائيل والإمارات، وأعقب القمة  توقيع المغرب يوم الجمعة مع إسرائيل مذكرة تفاهم بشأن التعاون العسكري، حسبما أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، باللغة العربية عبر موقع تويتر.

 

وبقراءة ﻷبعاد هذا الحراك المكثف في مسار التطبيع، فإن المؤشرات الواضحة، تدل على أن هناك علاقة كبيرة لهذا التحرك بتطورات الوضع في اليمن، وخاصة إذا ما أخذت في الاعتبار المشاريع المشتركة بين دول التطبيع من قبيل إنشاء قوة عسكرية إسرائيلية إماراتية مصرية (مشتركة) تنشط في مياه البحر الاحمر، تحت لافتة حفظ الأمن البحري فيه، وهو الامر الذي سيشكل سابقة تمنح القوات الإسرائيلية حق التحرك في البحر الأحمر، الذي تمتلك اليمن شريطا ساحليا عليه يمتد لقرابة 1000 كيلومتر، ومياه إقليمية تمتد لمئات الأميال، ويمر عبرها الممر الدولي للملاحة، بما يعنيه ذلك من انتهاك للسيادة اليمنية، وتوفير موطئ قدم ﻹسرائيل ضمن الخارطة اليمنية، ومنحها حق المشاركة في السيطرة على جنوب البحر الأحمر وباب المندب، وهو ما ظلت تل أبيب لعقود تسعى لتحقيقه، ولم يكن دفع أريتريا لاحتلال جزيرتي حنيش الكبرى والصغرى وجبل زقر، في العام 1996، إلا ضمن تلك المساعي.

 

وتتضح- أكثر- معالم مشروع أمريكا وإسرائل للسيطرة على جنوب البحر الأحمر ومنطقة باب المندب وخليج عدن، في ضوء ما كشفه باحث اسرائيلي حول مخطط لدمج قوات عربية واسرائيلية تتمركز في قاعدة عسكرية وصفها بالضخمة في جزيرة "سقطرى" اليمنية.

 

وكان موقع "ساوث فرونت" الأمريكي -المتخصص في الأبحاث العسكرية والاستراتيجية- قد كشف عن عزم الإمارات وإسرائيل، إنشاء مرافق عسكرية واستخبارية في جريرة سقطرى، جنوب شرقي اليمن.

 

ونقل الموقع، عن مصادر عربية وفرنسية، لم يسمها، أن "الإمارات وإسرائيل تعتزمان إنشاء بنية تحتية لجمع المعلومات الاستخبارية العسكرية في جزيرة سقطرى اليمنية". لافتة إلى أن وفدا ضم ضباطا إماراتيين وإسرائيليين، قاموا بزيارة الجزيرة مؤخرا، وفحصوا عدة مواقع بهدف إنشاء مرافق استخبارية.

 

وفي ديسمبر الماضي كشفت مصادر محلية استمرار إرسال الإمارات خبراء أجانب وشركات مقاولات إلى جزيرة عبدالكوري، ضمن الخطط الإماراتية في بناء قواعد ومنشآت عسكرية.

 

وذكرت المصادر أن الإمارات ترسل فريق من الخبراء الأجانب بمعية شركة مقاولات محلية تابعة لها بالإضافة إلى قيادات عسكرية موالية لها من سقطرى إلى جزيرة عبدالكوري ثاني أكبر جزر أرخبيل سقطرى اليمنية دون التنسيق مع أي من مؤسسات الدولة في اليمن

 

 وأكدت أن"الإمارات تعمل في جزيرة عبدالكوري على بناء عدد من المنشآت منذ حوالي شهرين من بينها إنشاء مدرج صغير للطائرات المروحيةر والعمودية بالإضافة إلى ميناء بحري وعدد من المنشآت الأخرى".

 

وفي يونيو  2021 أفادت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية بأن قاعدة جوية وصفتها بالغامضة تبنى على جزيرة ميون اليمنية ذات الموقع الإستراتيجي والمطلة على مضيق باب المندب.

 

وفي وقت سابق  قال موقع "DEBKAfile"، الاستخباراتي الإسرائيلي في تقرير له إن القاعدة الجوية الغامضة التي يجري بناؤها في جزيرة ميون اليمنية في مضيق باب المندب على مدخل البحر الأحمر هي مشروع عسكري لدولة الإمارات.

 

وفي ضوء هذا التحرك المكثف لدول التطبيع، تتكشف جلية المشاريع المشتركة لهذه الدول في اليمن، تحت مظلة الراعي الأمريكي، وعلى رأسها مخطط السيطرة على جنوب البحر الأحمر ومنطقة باب المندب ثاني أهم ممر ملاحي في العالم وكذا خليج عدن والخط الملاحي عبر المحيط الهندي، وهو المخطط الذي تلعب السعودية والإمارات دورا كبيرا في سبيل تنفيذه، وقد بدا ذلك من خلال السيطرة على الجزر اليمنية وإنشاء بنى عسكرية فيها تهيئة لتحويلها إلى قواعد عسكرية، وهو ما لم تكن أمريكا تسمح به حتى لليمن نفسها، وفي ذلك دلالة على أن أمريكا هي صاحبة مشروع السيطرة على الجزر اليمنية وإنشاء قواعد عسكرية فيها.