بعد قناعتها بالفشل عسكرياً.. السعودية تتحرك لإشعال حرب غير معلنة على اليمن

YNP -  إبراهيم القانص :

لم يعد لدى السعودية أي شكٍ في أنها خسرت عسكرياً الحرب التي تقودها على اليمن منذ سبعة أعوام، فالتحولات المتسارعة وغير المتوقعة- على الأقل من جانب التحالف الذي أخطأ في حساباته باتخاذ قرار الحرب- التي ظهرت في ميدان المواجهة قلبت المعادلة وغيرت النتائج؛

حيث طورت قوات صنعاء خططها وأداءها وأسلحتها، وحققت ميدانياً انتصارات مذهلة كبدت التحالف خسائر قاصمة للظهر، ووضعته في مواقف محرجة ومخزية، فالأسلحة والمعدات العسكرية الحديثة والمتطورة ذات الأثمان الباهظة التي زود بها قواته أصبحت غير ذات جدوى، ووقعت كميات كبيرة منها في يد قوات صنعاء، حيث لا يستطيع مقاتلو التحالف التصدي المباشر لهها كلما وجدوا أنفسهم أمامها وجهاً لوجه، وكلما باغتتهم تضيق عليهم مواقعهم ومتاريسهم وتتهاوى تحصيناتهم وتتلاشى خياراتهم، ليكون الفرار الجماعي ملاذاً أخيراً ووحيداً، وبالنتيجة يتركون خلفهم مخازن تحوي كبيرة من الأسلحة والذخائر لتتحول إلى مخزون استراتيجي لقوات صنعاء، حسب ما يبثه إعلامها الحربي من مشاهد الغنائم عقب كل انتصار، وفي كل مرة يجد التحالف نفسه محاصراً بحقيقة فشله وعجزه عن تغيير الواقع، إذ لم يتبقَ شيء إلا وفعله ولكن بدون جدوى، فيضطر تحت وطأة الحرج والخزي لتكذيب مشاهد تساقُط قواته وفرارها ووصفها بأنها "مفبركة"، لكنه لا يملك في المقابل ما يدحضها ويعزز بها انتصاراته الإعلامية.

 

حاول التحالف مراراً تحقيق أي نسبة ولو ضئيلة من التقدم في أيٍّ من محاور القتال، ردَّاً لاعتبار قواته، بالتصعيد العسكري في أكثر من جبهة، لكن قوات صنعاء قابلت التصعيد بالتصعيد، ووصلت بطائراتها المسيّرة وصواريخها المجنحة إلى عمق قطبي التحالف، السعودية والإمارات، مهددةً الاستثمار والسياحة وإنتاج الطاقة في الدولتين، ليصل- مُجبراً- إلى قناعة مفادها أن التصعيد لا يعني سوى المزيد من الخسائر، خصوصاً أن قوات صنعاء جعلت جهوزيتها مفتوحة على كل الاحتمالات، وهذا يعني أن منطق استمرار دول التحالف في التصعيد يجعل مغامراتها أكثر خطورة، ومنشآتها الحيوية المرتبطة أساساً بمستقبل اقتصادها على المحك، فكان لا بد من خيارات أخرى تحفظ ماء الوجه، وبالفعل بدأ التحالف يروج لحلول سياسية تحت عناوين التوصل إلى السلام، حسب توصيفاته، بدأها بما أطلق عليه مشاورات الرياض التي أثبتت نتائجها أن كل ذلك كان مجرد استعراض وتضليل، لصرف الأنظار عن بدء جانب آخر من الحرب، تمثل في إسقاط الشرعية- الذريعة الرئيسة للتدخل العسكري في اليمن- واستبدالها بسلطة أخرى تمت تسميتها بـ"المجلس الرئاسي" إيذاناً بمرحلة جديدة يعتقد التحالف أنه قد يعوض بها ما خسره في جانب المواجهات العسكرية، ومثله الهدنة الإنسانية التي أشرفت عليها الأمم المتحدة، وأوشكت على الانتهاء بدون أن يلتزم التحالف بما وافق عليه من البنود.

 

في السياق، بدأت السعودية مسارات أخرى لا تخرج عن إطار حربها على اليمن، بتفكيكه من الداخل، وتوسيع مساحة الولاءات، من خلال تدشين أكبر عملية تجنيس في المحافظات اليمنية الشرقية، مستهلة ذلك باستضافة لقاءات تضم قيادات مجتمعية من المحافظات الغنية بالثروات النفطية، وتأتي هذه الخطوة ضمن ترتيبات جديدة تضمن بقاء وصايتها على مناطق الهلال النفطي، وبالتالي استمرار سيطرتها على الثروات، حسب القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي، سالم الشيبة.

 

المرحلة الأولى من عملية التجنيس تستهدف حالياً كبار رجال الأعمال ومشائخ قبليين وشخصيات اجتماعية وسياسية، حسب ناشطين على مواقع التواصل، حيث أشاروا إلى أن الرياض تعتزم منح أكثر من مليوني يمني الجنسية السعودية، من محافظات حضرموت والمهرة وشبوة وأرخبيل سقطرى.

 

في المقابل أُشهر في محافظة شبوة تكتل قبلي مناهض لسياسات التحالف والقوى السياسية المحلية والفئات القبلية التي تدعمها السعودية والإمارات، وتشتري ولاءاتها بطرق وأساليب متعددة، منها الاعتمادات المالية ومنح الجنسية، حسب مصادر محلية أكدت 

أن "تكتل أحرار شبوة" تم إشهاره في مدينة عتق، عاصمة المحافظة، ويقوده الشيخ محمد بن فريد أبوبكر العولقي، واحتوى بيان الإشهار على محددات وأهداف سيعمل التكتل من أجل تحقيقها، جاء في مُقَدَّمِها رفض ما وصفها بالوصاية الداخلية والخارجية، وكذلك ضرورة انتزاع حقوق أبناء شبوة في المراكز السيادية والتوظيف والتجنيد وحصة المحافظة من عائدات ثرواتها النفطية، ويحتدم الصراع في شبوة على النفوذ والمصالح الاقتصادية بين قطبي التحالف، الإمارات والسعودية، والأطراف المحلية التي تدعمها الدولتان الخليجيتان.