وقّعها محافظاً وينفذها وزيراً.. "سالم" يفعِّل اتفاقية "دكسم" لبيع سقطرى بتوجيه من "الرئاسي" 

YNP -   إبراهيم القانص :

التجريف الإماراتي لهوية وتاريخ وتنوُّع بيئة محافظة أرخبيل سقطرى اليمنية، لم يعد مجرد أطماع في بسط السيطرة والنفوذ ونهب الثروات، ولا نزوة لاستعراض القوة والتهكم على الجيران اليمنيين المنهكين تحت وطأة الحرب والحصار الاقتصادي، الذي جعل اليمن تعيش أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم، حسب تصنيف التقارير الدولية الأممية،

فالمسألة أكبر من ذلك، والإمارات بتحركاتها وممارساتها المنتهكة للسيادة اليمنية ليست سوى موظف تم تكليفه بتمهيد الطريق وتطويع البيئة المجتمعية لتنفيذ مخطط كبير وخطير تقف وراءه قوى عالمية دولية، هدفها الوصول إلى ما هو أهم وأبعد من سقطرى، وإخضاعها للسيطرة الكاملة أمر لا بد منه كونها إحدى طرق العبور باتجاه ذلك الأبعد والأهم.

 

مراقبون للشأن اليمني، يرون أن التحركات الإماراتية في سقطرى، تأتي ضمن استراتيجية محددة الأهداف ومكتملة الخطط، وضعتها قوى غربية- الإمارات إحدى أدواتها- تفسرها وتكشف غاياتها التحركات الحربية الغربية في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، والتي يتوقع المراقبون أنها ربما تكون في إطار معركة بحرية مرتقبة ضد قوات صنعاء، بهدف السيطرة على الموانئ والجزر اليمنية كافة، ومضيق باب المندب، الممر المائي والمنفذ الدولي الأكثر أهمية على مستوى الملاحة البحرية العالمية، والذي تتحكم فيه اليمن، وطالما كانت السيطرة عليه هدفاً لقوى الاستعمار القديمة وقوى الهيمنة الحديثة، وقد تكون مساعي القوى الغربية للسيطرة عليه ضمن التجهيز لعمل عسكري مرتقب ضد إيران، الأمر الذي سيقود بدوره إلى حرب عالمية ثالثة، حسب المراقبين.

 

ويظل للإمارات الدور الأبرز في تعبيد الطريق وتأمينها لتكون المهمة أكثر سهولة للأسطول البحري الدولي الذي يمخر عباب المياه الإقليمية اليمنية في باب المندب وخليج عدن، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبحرية الكيان الإسرائيلي وبريطانيا، وخلال الأسابيع الماضية، وصلت فرقاطة تابعة للبحرية الإيطالية إلى قبالة سواحل خليج عدن، لتعزيز ومساندة الأسطول الخامس الأمريكي، فالمهمة التي تكفلت بتنفيذها لا تزال قائمة وبأعلى درجات الإخلاص، والمتمثلة في تهيئة الجزر اليمنية لتسليمها للقوى الغربية التي بدأت تتواجد بشكل لافت.

 

مصادر إعلامية أفادت بأن الإمارات، وعبر أدواتها المحلية، استأنفت، خلال الأسابيع الماضية، مساعيها لإحياء وتفعيل ما أُطلق عليها "اتفاقية دكسم"، وبتوجيهات من المجلس الرئاسي، الذي يبدو أنه تم تشكيله لمهمات وصفقات كثيرة مشابهة، وهي اتفاقية نصت على تأجير جزيرة سقطرى اليمنية لأبوظبي، ووقعتها المخابرات الإماراتية بداية السيطرة على الجزيرة عام 2016م، مع محافظ سقطرى آنذاك سالم عبدالله السقطري، وكان المدخل الذي أدى إلى توقيع اتفاقية التفريط في السيادة ادعاء الإمارات أنها ستحول سقطرى إلى ما أسمتها "جوهرة الشرق الأوسط".

 

المحافظ الذي وقّع اتفاقية البيع، أصبح الآن وزيراً للزراعة والثروة السمكية، في الحكومة الموالية للتحالف، ويبدو أن مهمة إنجاز البيع ما زالت موكلة إليه، فقد زار الجزيرة وبدأ مساعيه الحثيثة لإحياء الاتفاقية التي وقعها محافظاً وعاد لتفعيلها وزيراً، منفذاً حملةً لجمع توقيعات الشخصيات الاعتبارية والقبلية في سقطرى، والمكاتب الحكومية التي يديرها الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، وإغراء الموقعين بمبالغ كبيرة من العملة الإماراتية مقابل موافقتهم على فصل الجزيرة عن محيطها وسلخها من هويتها اليمنية، وبالمقابل اقتحام منازل الرافضين والتنكيل بهم، منهم الشيخ سعد عبدالله الفرجهي في مديرية قلنسية، الذي اقتحمت قوات الانتقالي منزله بسبب رفضه فصل الجزيرة عن محيطها اليمني، كما أنزلوا علم الجمهورية اليمنية من سطح منزله.

 

وفي الطرف الآخر، وضمن مخططات القوى الغربية نفسها، تتحرك السعودية في محافظة المهرة اليمنية، التي أصبحت معسكراً لقواتها والقوات البريطانية والأمريكية، حيث بدأت المملكة في بناء قاعدة عسكرية جديدة لتحقيق حلمها القديم المتجدد في أن تكون المهرة بوابتها على بحر العرب لتصدير النفط، وأكدت القبائل الرافضة لعسكرة المحافظة والسيطرة عليها، أن السعودية أدخلت فعلاً عشرات القاطرات المحملة بمواد البناء إلى مطار الغيضة، الذي أصبح المقر الرئيسي للقوات الأجنبية متعددة الجنسيات، والتي وصلت بتنسيق وإشراف سعودي، ولا تزال تتوافد أكثر من ذي قبل.