هل يسعى التحالف لتأخير إعلان هزيمته في اليمن أم لتصعيد جديد؟!

YNP _ حلمي الكمالي :

لم يعد يملك التحالف السعودي الإماراتي أي رؤية حقيقية في حربه على اليمن، في ظل المتغيرات السياسية والعسكرية التي فرضتها صنعاء على واقع المواجهة، محليا وإقليميا، إضافة إلى عجزه عن إدارة جملة التناقضات الرهيبة القائمة في صفوف أدواته المتناحرة على إمتداد مناطق سيطرتها.. فهل يسعى التحالف اليوم لتأخير إعلان هزيمته في اليمن أم يتجه لتصعيد جديد ؟!.

وإذا ما تمعنا جيدا في حال المعادلات العسكرية التي تمكنت قوات صنعاء من فرضها على واقع المعركة، فإنه لا يمكن التحالف أن يمسك العصا من المنتصف، فإما رحيلا كاملا لقواته من اليمن ورفعه للحصار الكامل والغير مشروط كما تطرحه صنعاء، في شروطها للسلام، أو خوض المغامرة حتى النهاية، فهل هو قادر على خوض مزيد من المغامرة ؟!.

طوال السبع السنوات الماضية من حربه على اليمن، لم يحقق التحالف أهدافه المرجوة والمعلنة من هذه الحرب، غير أنه أخفق مذ أول غارة جوية شنها في جبال وسهول وصحاري البلاد، التي ما لبثت حتى انتفضت في وجه مشاريعه شمالا وجنوبا، تزامنا مع أول طلقة لبندقية صنعاء، التي استطاعت أن تسقط المناطق الإستراتيجية لسيطرة فصائل التحالف الواحدة تلو الأخرى حتى وصلت إلى تخوم آخر وأهم ركائزها السياسية والإقتصادية، وهي مأرب.

بالعودة إلى الهدنة الأممية المعلنة، فإنه من الواضح أن التحالف السعودي أراد استغلاله لإعادة ترتيب أوراقه في الداخل اليمني، لكنه فشل في فعل ذلك، وبالرغم من أنه أطاح بسلطة هادي، الذي حمّلها جل خسائره العسكرية والسياسية معا، إلا أنه عجز عن لململة التناقضات البينية داخل أروقة مجلسه الجديد، وهو ما يقوض تحقيق أي مشاريع جديدة يسعى لتحقيقها بالشكل المطلوب في البلاد.

ولعل هذا واضحا من خلال تصاعد حدة التوترات خلال الآونة الأخيرة، بين الرئاسي والإنتقالي، في مدينة عدن، بعد رفض الأخير قرارات العليمي، والذهاب لتحشيد قواعده العسكرية والقبلية في المحافظات الجنوبية، تمهيدا لطرد المجلس الرئاسي منها، وهو ما يلاحظ من تصاعد الضغوطات الجنوبية على عضو المجلس، عيدروس الزبيدي، والذي قد ينتج عنه فض شراكته عن المجلس بشكل رسمي في الأيام القادمة.

ولكن قوى التحالف التي أرادت إعادة تدوير أدواتها لتثبيت واقع جديد أو ربما التحضير لتصعيد جديد كما تعكسه تحركاتها الأخيرة، وتحديدا في السواحل والجزر اليمنية؛ تحاول تكريس الهدنة وتمديدها بغرض تأجيل إعلان هزيمتها في اليمن، في الوقت الذي تصر فيه على اختراقها وعدم الإلتزام ببنودها، وهو ما يدل على اضطرابات واسعة تعيشها قيادة التحالف، والقوى الغربية المساندة لها.

قوى التحالف تعلم جيدا أنه لا جدوى من المرواغة مع صنعاء في هذا التوقيت بالذات، وفي ظل تنامي قدراتها العسكرية والدفاعية، وهذا ما حذرت منه بشكل مباشر قوات صنعاء، من خلال البيان المشترك لوزير دفاعها ورئيس هيئة الأركان، واللذان حذرا التحالف أن "يتنبه لخطواته ويفهم جيداً أن مكره لم يعد ينطلي علينا"، مؤكدين أن قوات صنعاء على أتم الجاهزية القتالية والفنية والاستعداد لأي تصعيد.

لا نعتقد أن هناك من يدرك مدى جدية صنعاء، عندما تطلق التحذيرات والتهديدات، أكثر من التحالف السعودي نفسه، والذي سبق وأن رضخ لصواريخها ومسيراتها، بعد أن عجز عن التصدي لها طوال الفترة الماضية، وهو ما دفع السعودية مؤخرا لإستقدام منظومة صينية في محاولة لتغطية عجز مثيلاتها الأمريكية والغربية.

على أية حال، فإن أي محاولات للتحالف، لتصعيد جديد في اليمن، سيكون لها عواقب وخيمة، بحكم المعطيات والمنطق، إلى جانب محاولاته المستمرة لإستفزاز صنعاء خلال الهدنة، والتي يوشك صبرها أن ينفذ، أما إذا أراد التحالف أن يدرك ماهو قادم في حال التصعيد، فلعل إسقاط دفاعات صنعاء ثلاث من أبرز مقاتلاته الدرونز، في غضون ساعات، هو الجواب الكافي، ناهيك عن تداعيات أي تصعيد على عمقه الإستراتيجي في ظل هذا التطور النوعي لقوات صنعاء!.