"السعودية اختراع بريطاني" وإسرائيل تعلق آمالها على الرياض

YNP -  إبراهيم القانص :

بالنظر إلى التوجهات السياسية لبعض الدول العربية، يجد المتابع نفسه مجبراً على تحليلها من زاوية الانسلاخ عن المحيط العربي، فكل مسالكها وصفقاتها وقراراتها وتحالفاتها واتفاقاتها- وفق تلك التوجهات- يصب في مصلحة قوى عالمية معادية، بل وتظهر انعكاسات ذلك في حالة الضعف التي وصلت إليها الدول العربية،

وتحويلها إجبارياً إلى كيانات تابعة لتلك القوى العالمية، والسعودية تُعدُّ الشاهد الأبرز على الانسلاخ عن المحيط العربي، حيث لم يتبقَ لها سوى صفة الانتماء إلى العروبة، وقد أصبحت خاوية تماماً من قيم ومبادئ الانتماء، ولا تنفك الشواهد تتوالى وتتكشف تباعاً لتؤكد أن كل نشاطات المملكة وتوجهاتها السياسية تخدم القوى الغربية تحديداً، خصوصاً خلال السنوات القليلة الماضية حيث أصبحت تجاهر بتخليها عن كل ما يربطها بالمحيط العربي، إلى درجة أنها بدأت تقفز حتى فوق خطوط الدين الذي ظلت لعقود تخبئ حقيقتها تحت عباءته.

 

ولكي تتبدد الحيرة وينتهي الإشكال في الهوية الحقيقية للسعودية، بموجب سياساتها الخفية والظاهرة؛ فما على المتابع سوى العودة إلى قراءة تاريخ الشرق الأوسط كاملاً، ليكتشف أن المملكة السعودية ليست سوى كيان تم تأسيسه ليكون وكيلاً مباشراً لأكبر دولة استعمارية في المنطقة العربية، وهي بريطانيا.

 

رئيس حزب العمال البريطاني السابق، جيرمي كوربين، في معرض حديثه عن علاقات بلاده مع السعودية، لأحد المواقع البريطانية، ذكر أنها علاقات وثيقة، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وبشفافية بعيدة عن المواربة، فسَّر كوربين العلاقات التي وصفها بأنها وثيقة للغاية بأنها ترجع بشكل مباشر إلى مسألة تأسيس السعودية، مؤكداً أن المملكة منذ بدايتها كانت مجرد اختراع بريطاني.

 

وفي إطار اهتمامه بتحسين تدريس التاريخ في النظام التعليمي البريطاني، أشار كوربين إلى ضرورة قراءة تاريخ الشرق الأوسط بأكمله، لإدراك ما وصفه بالتأثير الخبيث للسياسات الاستعمارية البريطانية في المنطقة بأسرها، لفهم وحشية الاستعمار والإمبريالية، حسب تعبيره.

 

الموقع البريطاني، خلال مقابلته مع الرئيس السابق لحزب العمال، أوضح أن السعودية تتلقى دعماً عسكرياً ولوجستياً كبيراً من البريطانيين، مشيراً إلى أن عشرة ضباط بريطانيين كبار موجودون في القوات المسلحة السعودية منذ عام 1964م، بالإضافة إلى ثلاثة موظفين بريطانيين يشرفون بشكل دائم على مركز العمليات الجوية السعودي، وآخرين يديرون عمليات القصف على اليمن.

 

الأكثر استفزازاً لمشاعر العرب جميعاً، بما فيهم المرتبطون بمصالح مباشرة مع السعودية والمؤيدون لسياساتها، توجه المملكة وتكثيف جهودها لتعميق علاقتها مع الكيان الإسرائيلي المحتل، العدو الأول للعرب، ومنحه الامتيازات التي لم يحظَ بها نظام عربي على كل المستويات، ولم تعد الرياض تشعر بأي نوع من الحرج في مجاهرتها بتطبيع العلاقات مع اليهود، حتى وإن عتمت إعلامياً على بعض الخطوات باتجاه الإعلان الرسمي عن التطبيع، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية تكشف كل خطوة في حينها، وكان آخر ذلك ما نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، عن أن السعودية تسابق الزمن لتحقيق خطوات التطبيع قُبيل زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة منتصف الشهر المقبل، مشيرة إلى أن الاستعدادات لزيارة بايدن تكتسب زخماً، ومن المتوقع أن يُغلق الجدول النهائي للزيارة في الأيام المقبلة، وأن الفريق الأمريكي التمهيدي سيصل إلى الأراضي المحتلة للانتهاء من كل تفاصيل الزيارة.

 

ويرى مراقبون أن انطلاق زيارة الرئيس الأمريكي بايدن من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى السعودية، يحمل دلالات كبيرة، أهمها أن الزيارة ستكون مكرسة بشكل أساسي لإعلان التطبيع السعودي الإسرائيلي تطبيعاً شاملاً من الجيش إلى الموساد ومجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية، كضمان أكبر للوجود الإسرائيلي في قلب المنطقة العربية، وهي المهمة الأبرز التي تم تأسيس المملكة أو اختراعها- كما قال البريطاني كوربين- من أجلها.