وفد صنعاء العسكري وممثلو الشرعية.. تقييم سلوكي من المنظور الشخصي للمبعوث الأممي

YNP  /  إبراهيم القانص  - 

يجتمع أعضاء الحكومة اليمنية الموالية للتحالف على المال- قَلَّ أو كَثُر- أكثر من اجتماعهم على مصالح البلاد، فلا يكاد يُعقد اجتماع للتفاوض أو مؤتمر للمشاورات مع حكومة صنعاء في أي دولة عربية أو أجنبية، إلا ويتهافتون ويتزاحمون على قوائم المخصصات المالية التي يطلق عليها بدل اجتماعات أو بدلات سفر، وغيرها من المسميات،

والأكثر خزياً أنه في كل اجتماع للتشاور أو التفاوض يختلفون وترتفع أصواتهم معترضين على المبالغ المخصصة مطالبين بزيادتها، أما إذا سقط اسم أحدهم من تلك الكشوفات فيوجه الاتهامات ويطلق الشتائم كما لو أنه لم يُدع إلى الحضور إلا ليستلم ذلك البدل، الأمر الذي يكشف سطحيتهم ويجعلهم مثار سخرية وتندر الناشطين والمتابعين على منصات التواصل والمواقع الإخبارية، بل يتعرضون للسخرية والإهانة حتى من ناشطين سياسيين محسوبة عليهم، وطالما يرجع المراقبون تلك التصرفات إلى تبعية أولئك المطلقة لمصالحهم الشخصية والجهات التي تمولهم وبالتالي توجههم لخدمتها على حساب بلادهم ومصالح شعبهم.

 

في المقابل، يظهر أعضاء الوفود التفاوضية الذين يمثلون حكومة صنعاء أخلاقيات عالية وسلوكيات راقية، تجعلهم محط إعجاب الجهات والشخصيات الراعية لتلك التفاوضات أو المشاورات، حيث يبدون الترفع عن الأمور السطحية مثل بدلات السفر ومخصصات الاجتماعات، مركزين اهتمامهم على ما جاءوا من أجله، واضعين مصلحة البلاد فوق مستوى المصالح الشخصية، سواء كانت كبيرة ومغرية أو تلك التي لا تستحق كل تلك الجلبة التي يحدثها أعضاء الطرف الآخر الذين يسقطون في مستويات مخزية من الانحطاط، وهم يدعون تمثيلهم لبلاد عظيمة عزيزة مثل اليمن، وهو ما يكشف فروقات كبيرة وأساسية في مستويات الوعي والتصرفات بين الطرفين، ويظهر فعلاً وبشكل واضح من الذي يتصرف كرجل دولة جاء لتمثيل بلاده وانتزاع مصالحها وكرامتها، ومن الذي يتصرف كرجل عصابة أو تابع لنظام أو جهة تسعى لمصادرة بلاده سيادةً وثروةً وقراراً.

 

في مشاورات الرياض التي تمخضت عن تشكيل مجلس العليمي السياسي، كان للمتشاورين الذين اختارتهم السعودية والإمارات للمشاركة، حسب درجات الولاء والتبعية لكلٍ منهما، صولة وجولة ليس بشأن مخرجات المشاورات فقد كانت محسومة مسبقاً ولا قيمة لرأي أحدهم فيها، إذا كان له رأي من الأساس، بل في إطار دائرة الانحطاط نفسها، حيث تدافع الجميع على كشوفات مستحقات البدل المخصصة، وارتفعت الأصوات وانطلقت الشتائم والاتهامات من البعض للبعض بشأن أشخاص استلموا أكثر من الآخرين، وظهر الجميع بالخزي المعتاد والسطحية نفسها، ولا أحد أولى للبلاد أهمية تدفع باتجاه تحقيق شيء من مصالحها، تمتع الجميع بالإقامة والوجبات الدسمة في الفنادق المضيفة، وتهافتوا على استلام الفُتات، والنتيجة مباركة ما تم إعداده وتقريره مسبقاً، حسب اتجاه بوصلة مصالح التحالف فقط.

 

 التفاوضات الأخيرة التي تستضيفها العاصمة الأردنية عمان، بين وفد صنعاء ووفد الحكومة الموالية للتحالف، لم تخلُ من السلوكيات المخزية التي درجت عليها وفود الشرعية وأصبحت لها عادة، لكن هذه المرة كان المبعوث الأممي إلى اليمن، هانز غروندبيرغ، مركزاً على سلوكيات الطرفين، حيث أبدى إعجابه بسلوكيات وتصرفات وفد صنعاء الراقية، والقيم العالية وعزة النفس التي اتسمت بها سلوكيات اللجنة العسكرية المفاوضة التابعة لحكومة صنعاء خلال جولات التفاوضات.

 

وحسب مصدر في مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، غروندبيرغ، فإن أكثر ما أثار الإعجاب الشخصي للمبعوث الأممي، هو رفض لجنة صنعاء العسكرية المفاوضة استلام مخصصات بدل السفر والنثريات المقدرة بألف دولار يومياً لكل عضو مشارك في المفاوضات، ورغم أنها في إطار الميزانية المخصصة من الأمم المتحدة إلا أن أعضاء اللجنة المشاركين رفضوا استلامها وفشل موظفو الهيئة الأممية في إقناعهم، وأمام محاولات المعنيين التابعين للأمم المتحدة حسم مشاركي اللجنة العسكرية في المفاوضات رفضهم تسلّم تلك المبالغ بقولهم إنهم جاءوا للتفاوض بشأن قضايا كبيرة تخص أبناء الشعب اليمني اليمني ولم يأتوا من أجل استلام مخصصات مالية، الأمر الذي تسبب في إحراج أولئك الموظفين، خصوصاً أنهم كانوا يلاحظون شحة إمكانات وفد صنعاء، لكن تلك القيم الراقية أثارت في الوقت نفسه إعجابهم واحترامهم.

 

المصدر أضاف أن ما عزز إعجاب واحترام المبعوث الأممي بوفد صنعاء العسكري، هو التصرفات والسلوكيات التي ظهر بها أعضاء وفد الحكومة الموالية للتحالف، حيث ظهر عليهم الارتباك والتناقض والشرود، وكالعادة نشبت بينهم الخلافات، أثناء تدافعهم لاستلام تلك المخصصات، مؤكداً أن المبعوث الأممي عبّر أمام الموظفين الأمميين عن إعجابه الشديد بما وصفه بـ "الاتزان والموضوعية والقيم العالية التي تتعامل بها لجنة صنعاء العسكرية المشاركة في التفاوضات.