"المهرة" توحِّد خطابها مع "صنعاء" وموقفها من الوجود العسكري الأجنبي في اليمن

 YNP -  إبراهيم القانص :

يتعاظم السخط الشعبي يوماً بعد يوم على التحالف، في المناطق اليمنية التي يسيطر عليها، لكن محافظة المهرة ربما تكون الأولى التي توحد خطابها مع صنعاء في ما يخص التدخل العسكري الأجنبي في اليمن،

حيث سمّت المهرة الأشياء بمسمياتها الحقيقية، من واقع ما تعيشه ويشاهده أبناؤها، بعيداً عن مغالطات التحالف وشعاراته التي يروج من خلالها لعناوين مغايرة تماماً للأهداف التي جاء من أجلها وأعلن عكسها ونقيضها ليبرر وجوده ويصرف أنظار الناس عن حقيقته التي لا علاقة لها نهائياً بمصالحهم ولا مصالح بلادهم، وحين رأى أبناء محافظة المهرة توافد القوات السعودية في بداية حرب التحالف على اليمن إلى محافظتهم وتحكمها بكل شئونهم، ومن بعدها توافد قوات أجنبية أخرى- أمريكية وبريطانية وإماراتية وإسرائيلية- أيقنوا بأن ذلك ليس سوى احتلال مكتمل الأركان، خصوصاً أن المهرة لم تكن أرض مواجهة عسكرية ولم يكن يتواجد فيها أي فرد من قوات صنعاء، التي ظل التحالف يبرر وجوده جنوباً وشرقاً بأنه من أجل تحرير تلك المناطق منها.

 

ظل أبناء المهرة يبلغون حججهم عبر لجنة الاعتصام المناهضة للوجود العسكري الأجنبي، مناشدين الحكومة الموالية للتحالف ومن بعدها مجلس العليمي الرئاسي، الذي نصّبته الرياض على أنقاض هادي وطاقمه، أن يقفوا حائلاً دون عسكرة المحافظة وتفخيخها بقوات من جنسيات متعددة، إلا أن الجميع صمُّوا آذانهم وأداروا ظهورهم متواطئين علناً مع مخطط أصبح أكثر وضوحاً منذ ذي قبل، يهدف إلى سلب المهرة سيادتها اليمنية والسيطرة على ثرواتها ومواقعها الاستراتيجية.

 

الشيخ علي سالم الحريزي، الذي يُعدُّ أبرز مشائخ محافظة المهرة، وأبرز المناهضين للوجود العسكري الأجنبي، بشكل معلن وشجاع من داخل أرض المحافظة نفسها ومن وسط أبنائها، كان هدفاً للتحالف، أراد من خلال قمعه والتهكم عليه إسكات صوت أبناء المهرة الذي يزداد ارتفاعاً بخروج القوات الأجنبية من المحافظة، فأقدمت أدوات التحالف وقواته معززة بعناصر استخباراتية أمريكية وبريطانية وإماراتية، على اقتحام منزله، بمدرعاتها وعرباتها العسكرية، الخميس الماضي، لكن ذلك لم يحقق الهدف، بل زاد فتيل الثورة اشتعالاً، ضد ما أجمع أبناء المهرة على وصفه بـ"الاحتلال الأجنبي"، واستنفر الحريزي أبناء المحافظة مجتمعاً بهم أمس الجمعة، مستنهضاً عزائمهم لمواجهة المحتلين وطردهم.     

 

وخلال اجتماعه مع أبناء المهرة بعد عملية اقتحام الاستخبارات الأمريكية والبريطانية وقوات التحالف منزله في منطقة محيفيف بالمهرة، وصف الشيخ علي سالم الحريزي، ما حدث بالخطوة العدائية، مشيراً إلى أن اقتحام المنازل من أساليب المحتلين، حسب ما يعرف الجميع، موضحاً أن تحرك المحتلين غير مستغرب، خصوصاً أن المحافظ ومجلس القيادة الرئاسي عاجزون عن مجرد الاعتراض عليهم، مؤكداً أن "الأراضي اليمنية محتلة من الأمريكيين والبريطانيين والدول المتحالفة معهم لتفرض علينا الحصار".

 

وشدد الحريزي، في حديثه خلال اللقاء التشاوري للجنة الاعتصام السلمي والمكونات القبلية، على عدم الاستسلام لتهديدات قوى التحالف، داعياً أبناء المهرة وكل أحرار اليمن إلى الاستعداد للمرحلة المقبلة، والاستمرار في النضال حتى رحيل كل جنود الاحتلال من البلاد، مشيراً إلى أن رحيل المحتل أصبح حتمياً وضرورياً، لافتاً إلى أن هذه هي مطالب الشعب اليمني بأكمله، موضحاً أن منزله الذي اقتحمته قوات التحالف ليس أغلى من مطار الغيضة الذي أصبح مقراً للقوات الأجنبية، مطالباً بالخروج منه، ومن كل منطقة يمنية يتواجدون بداخلها، مضيفاً: "إننا لم نطلب منهم الاعتذار وإنما الرحيل من أرضنا"، معتبراً اقتحام منزله بعد أيام من انتقاده لمحافظ حضرموت فرج البحسني، تهديداً مباشراً له.

 

من جانبه أكد الشيخ القبلي البارز حميد زعبنوت- رئيس لجنة الاعتصام في مديرية شحن بمحافظة المهرة، أن أبناء قبائل المهرة لن يقفوا مكتوفي الأيدي بعد اقتحام ما أسماها قوات الاحتلال السعودي الإماراتي ومن خلفها الأمريكي والبريطاني، منزل الشيخ علي سالم الحريزي، ووصف ذلك بـ "الانتهاك الخطير"، مضيفاً في تغريدة على تويتر: "إن اقتحام منزل الشيخ الحريزي لن يصمت عنه أبناء قبائل المهرة، وقبائل اليمن بشكل عام"، مبيناً أن "الأرض والعرض لن تكون مستباحة للاحتلال الأجنبي وأعوانه، وسندافع عنهما بدمائنا"، لافتاً إلى أن قبائل المهرة بصدد الرد الرادع والنهائي على الانتهاكات بحق قياداتها، داعياً الجميع إلى الوقوف صفاً واحداً في وجه من وصفه بـ "المحتل الأجنبي".

 

في السياق، أعلنت حكومة صنعاء موقفها من إقدام قوات بريطانية وأمريكية وإماراتية على اقتحام منزل الشيخ علي سالم الحريزي، رئيس لجنة اعتصام أبناء المهرة، المناهضة للوجود العسكري الأجنبي، حيث أدان عضو الوفد المفاوض لسلطات صنعاء، عبدالملك العجري، اقتحام منزل الحريزي.

 

واعتبر العجري اقتحام قوات التحالف منزل الشيخ الحريزي تعدياً "يستدعي تراص الصفوف بين كل أبناء الوطن في شماله وجنوبه، والوقوف وقفة رجل واحد لتطهير اليمن من كل القوات الأجنبية الغازية"، موضحاً أن ما وصفها بـ"البلطجة" لن تتوقف عند حد، "من احتلال الأرض إلى انتهاك حرمات البيوت"، حسب ما جاء في تغريدة له على تويتر.

 

وكانت مصادر محلية قالت أبناء قبائل المهرة ومشائخها، توافدوا من كل المديريات إلى مدينة الغيضة، أمس الجمعة، للتضامن مع الشيخ علي سالم الحريزي، رئيس لجنة الاعتصام المناهض للوجود العسكري الأجنبي في المحافظة، إثر اقتحام قوات التحالف منزله، الخميس، بعدد من المصفحات والعربات العسكرية، معلنين الاستعداد الكامل للدفاع عن الأرض وطرد القوات الأجنبية وأدوات التحالف من المهرة.