صنعاء تتفوق سياسياً بقراءتها المبكرة لأهداف التحالف ومآلات أتباعه

YNP  /  إبراهيم القانص -

تواصل سلطات صنعاء دعواتها إلى المكونات اليمنية المنضوية تحت قيادة التحالف، لتوحيد الصف اليمني، من واقع التغيرات الدراماتيكية المتسارعة في المشهد السياسي، والتطورات الميدانية التي طرأت على جغرافيا المناطق الواقعة تحت السيطرة الفعلية للتحالف،

والشكلية لحكومة الشرعية، إذ شهدت توافداً غير مسبوق لقوات أجنبية تتمركز الآن في منابع النفط والغاز في عدد من المحافظات، حيث جدد عضو المكتب السياسي لأنصار الله الحوثيين، محمد البخيتي، دعوته لحزب الإصلاح، إلى توحيد الصف الوطني لطرد ما أسماها "قوى الغزو والاحتلال"، معتبراً ذلك هو الحل الوحيد لإنهاء معاناة اليمنيين.

 

القيادي الحوثي محمد البخيتي أشار، في منشور على فيسبوك، إلى أن موازين القوى باتت تميل لمصلحة اليمن، موضحاً أن دول التحالف عجزت عن تحقيق أهدافها رغم حالة الانقسام بين اليمنيين، مؤكداً أن اليمن سيصبح أقوى دول المنطقة بشكل تلقائي وبلا منازع في حال توحَّد اليمنيون، حسب تعبيره.

 

ولفت البخيتي إلى أن اليمنيين ليسوا بحاجة لتقديم تنازلات لبعضهم البعض، كون ما يحتاجونه هو فقط التوحد لتحرير بلادهم من القوات الأجنبية، منوهاً بأن مصالح دول التحالف تتعارض بشكل عام مع مصالح اليمن، وبشكل خاص مع مصالح الأطراف التي تورطت في استدعاء التحالف، معتبراً حزب الإصلاح النموذج الذي يجسد ذلك، وعمدت سلطات صنعاء، منذ بدأ التحالف مرحلة تصفية أبرز شركائه، إلى تذكير حزب الإصلاح وبقية الموالين للإمارات والسعودية، بما دأبت عليه منذ بدء الحرب من مكاشفتهم بالأهداف والنوايا الحقيقية التي يضمرها التحالف ومن يقف خلفه، مبدية في الوقت نفسه استعدادها لاحتضانهم إذا ما كانوا مستعدين لتصحيح مواقفهم، لتكون بذلك جديرة- حسب مراقبين- بارتفاع معدلات الإعجاب والدهشة بمواقفها وسياساتها، وخيار المواجهة الذي اتخذته ضد دول التحالف في حربها العسكرية والاقتصادية على اليمن، والتي دخلت عامها الثامن، وفي مُقدَّمِها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، اللتان تكشفت الحقائق تباعاً عن ضلوعهما المباشر في قيادة الحرب ودعمها والمشاركة الفعلية فيها، سواء بأسلحتهما الأكثر فتكاً أو بقواتهما الميدانية وخبرائهما العسكريين، واتضح أن الإمارات والسعودية لم تكونا سوى أداتين تنفيذيتين أوكل إليهما مهمة تنفيذ المخطط الكبير الرامي إلى تحقيق حزمة من المصالح التي تطمح إليها واشنطن ولندن، على اعتبار أن أبوظبي والرياض هما الوكيلان الأبرز للدولتين الغربيتين في المنطقة العربية.

 

المستجدات الأخيرة في المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة التحالف، خصوصاً الغنية بالثروات النفطية والغازية، تكشف بوضوح السر الحقيقي من إشعال الحرب، بما استجد من تكثيف الوجود العسكري الأمريكي والبريطاني في تلك المناطق، والصراع والاقتتال الذي يأخذ مساراً تصاعدياً بين الفصائل والمكونات الموالية للتحالف، حيث اتجهت بوصلة المصالح الغربية إلى ضرورة التخلص من أحد أهم الأذرع والأدوات المحلية، وهو حزب الإصلاح، الذي تتم الآن تصفيته وحرق ورقته، لمجرد اعتباره عائقاً أمام تلك المصالح، وما يحدث الآن هو خلاصة ما ظلت تنادي به سلطات صنعاء وتُحذِّر منه، منذ اللحظات الأولى للحرب، نتيجة قراءتها الصحيحة والعميقة للمشروع الكبير الذي كانت الحرب مفتتحه والوسيلة الأسرع لتنفيذه، حسب ما كان يؤمله التحالف، ولطالما أطلقت سلطات صنعاء تحذيراتها من خطورة مشروع التحالف ووجهت دعواتها إلى المكونات اليمنية التي وقفت في صفه، إلى التيقظ لما يكمن خلف الحرب، والعودة إلى صف الوطن قبل فوات الأوان، لكن تلك المكونات انجرفت خلف آلة الإعلام الضخمة التي استطاعت أن تحفر في أذهانهم صورة مزيفة مشوهة لصنعاء، كون التحالف أدرك منذ البداية أن صنعاء قرأت توجهاته بشكل سليم، وحتى لا يلتف حولها أتباعه رسخ تلك الصورة بشكل أكبر بالعطايا المالية التي تعمد ضخها إلى جيوبهم في بداية الحرب، ومن ثم أصبح اليمنيون كافة يسددونها وبتكاليف باهظة من ثرواتهم السيادية وأرضهم المستباحة.