من التفريط في السيادة إلى تسليم العوائل .. قادة الشرعية يفقدون كرامتهم

YNP / إبراهيم القانص -
في بداية حربها على اليمن، تعاملت السعودية مع القيادات العسكرية والسياسية الموالين لها مبديةً أحد أجمل وجوهها الزائفة

والناصعة بالرياء والكذب والحقد، مراهنة على الزخارف التي تغطي جيداً ملامح وجوهها الحقيقية، وفي الوقت نفسه راهنت على غباء تلك القيادات وشراهتها للمال ولو على حساب الأرواح والسيادة الوطنية، لكن سرعان ما أزالت المملكة مساحيق التجميل وافتقد القادة الموالون لها تلك الوجوه التي شغفتهم حباً وولاءً، وبدأوا بسداد فاتورة باهظة من كرامتهم التي أهدروها منذ اللحظات الأولى لانضمامهم إلى التحالف الذي دمر البلاد ونسف مقدراتها واقتصادها واستباح ثرواتها.

بعد سنوات قليلة من بدء الحرب، بدأت السعودية تتعامل مع قيادات الشرعية العسكرية الذين ترى أنهم أصبحوا فائضين عن حاجتها باعتبارهم عبئاً، ولم يكن القادة العسكريون السعوديون يترددون عن توجيه الشتائم وأشد الإهانات اللفظية للكثير من ضباط الشرعية، بل واعتقالهم وتعذيبهم إذا ما سقطت معسكراتهم ومواقعهم في يد قوات صنعاء، فحين سقط معسكر اللواء الأول حرس حدود، اعتقلت قيادة قوة نجران السعودية أركان حرب اللواء العميد جميل المعالم، ورئيس عمليات اللواء 48 العقيد عادل الجبري وعدداً من القيادات الميدانية، بتهمة الفشل في حماية جبهة اليتمة التي سقطت بيد قوات صنعاء، واعتدت حراسة قائد قوة نجران السعودية- لفظياً وجسدياً- على قائد اللواء العاشر حرس حدود العميد هادي حمران الجعيدي، متهمةً إياه بالتواطؤ مع قوات صنعاء للسيطرة على جبهة اليتمة في محافظة الجوف، وفي إطار التعامل المهين سرّحت القيادة السعودية من لا أهمية لهم ولا سند، أما من كان تسريحهم سيثير تساؤلات قادة داعمين لهم فقد تخلصت منهم بطرق مشبوهة وغامضة وفي الوقت نفسه مهينة وبشعة، تارةً بالاغتيالات وتارة بالإخفاءات القسرية وأخرى بنيران الغارات الجوية التي سُجلت في ما بعد كأخطاء غير مقصودة.

حالياً تجاوزت السعودية كل ما كان خطوطاً تُحفظ عندها الأعراض والكرامات، ولم تعد تكتفي باعتقال من تريد وإهانته، بل بدأت أساليب أكثر انحطاطاً وأشبه بأساليب مافيا المخدرات العالمية والتنظيمات الإرهابية المتطرفة، فمن لا يزال متطلباً لإنجاز أهداف على الأرض ومهمات تستكمل بها السعودية مخططاتها في اليمن؛ يرغمونه على ترحيل عائلته إلى أراضي المملكة ومن ثم تتعامل مع تلك العوائل كرهائن مصيرها يرتبط مباشرة بما سينجزه ذلك القائد أو ذاك.

قناة المسيرة التابعة للحوثيين، حصلت على معلومات استخباراتية لقيادات عسكرية تابعة لقادة عسكريين تابعين للشرعية الموالية للتحالف، تفيد بأنهم تلقوا أوامر من السعودية بنقل للإقامة قسراً في المملكة، وعرضت "المسيرة" وثائق سفر مرفقة بطلب نقل عائلة سليمان علي حسان قائد اللواء الثالث حرس حدود، وحامد الصوملي، كبير خبراء العمليات المشتركة، وكانت تلك الأسماء ضمن قائمة سعودية بطلب عائلات قادة الشرعية ومن بينهم قادة قبليون على رأسهم علي حسن بن غريب، أحد مشائخ قبيلة عبيدة بمحافظة مارب، وهو أحد أكبر الموالين للسعودية، وهي خطوة سبق أن اتخذتها الإمارات التي تتخذ عدداً من عائلات القادة العسكريين الجنوبيين رهائن، مقابل تنفيذ ما يتم تكليفهم به ميدانياً، وكذلك يتم التعامل أيضاً مع كثير من السياسيين، الذين ظنوا في بداية الأمر أنه احتفاء بهم وبعوائلهم من خلال تسكينهم في بيوت فارهة واعتماد ميزانيات كبيرة للإنفاق عليهم، لكنهم صدموا بأن المسألة بأكملها صفقة كان ثمنها كرامتهم وشرفهم سواء في التفريط بسيادة الأرض والقرار أو بتسليم عوائلهم للنظامين السعودي والإماراتي.