الإمارات تصل إلى نقطة اللاعودة في بيع قضية العرب المركزية

YNP / إبراهيم القانص -
دخلت الإمارات وعدد من الأنظمة العربية خط التطبيع العلني مع الكيان الإسرائيلي، وفق قاعدة رئيسة وضعها الكيان منذ زمن بعيد، خلاصتها "ضمان الأمن القومي لإسرائيل، ورعاية مصالح وأطماع المشروع الصهيوني الذي يؤسس لإسرائيل الكبرى في الشرق الأوسط"،

ووفرت الأنظمة العربية وفي مُقَدَّمِها النظام الإماراتي، فرصةً كبيرة لتحقيق الأطماع الإسرائيلية، سواء في الهيمنة الكاملة والسيطرة الواسعة على كل فلسطين التاريخية، أو في تمدد النفوذ في المنطقة العربية بشكل عام، عن طريق ما تقدمه تلك الأنظمة ومن خلالها، خصوصاً بعد توقيع وإشهار اتفاقيات التطبيع الشامل مع الكيان، والتي أطلقوا عليها مسميات أخرى لتخفيف وطأة الجريمة المقترفة بحق الفلسطينيين وقضيتهم التي تعد المركزية لدى العرب، ومنها مسمى اتفاقيات السلام وغيرها.

ولم يكن مستغرباً عرقلة النظام الإماراتي التصويت في مجلس الأمن على مشروع قرار لوقف عمليات الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، ورغم أن الإمارات وزعت، الأربعاء الماضي، نص قرار على الدول الأعضاء في مجلس الأمن، كانت صاغته بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، يطالب إسرائيل بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا أن الإمارات، الممثل العربي في مجلس الأمن، أرسلت مذكرة للدول الأعضاء بسحب المشروع الذي كان مقرراً التصويت عليه الاثنين الماضي، بوجود غالبية بين أعضاء المجلس الـ15، وكان ذلك بعد إصدار حكومة رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تراخيص لتسعِ بؤر استيطانية عشوائية، وإعلان بناء آلاف الوحدات في الضفة الغربية المحتلة، لكن الإمارات سرعان ما تلافت موقفها الذي ربما كان مشرفاً وآثرت الوفاء بمُلزمات التطبيع والعودة إلى تقديم خدماتها للكيان، وعملت على صياغة بيان رسمي أطلق عليه "البيان الرئاسي"، الذي اكتفى بالتنديد بتوسع الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وهو بيان رمزي غير ملزم، وفق قوانين الأمم المتحدة.

وحسب مراقبين، لا أحد ينتظر من الإمارات موقفاً مؤيداً أو داعماً لقضية العرب المركزية، وحقوق الفلسطينيين التي ينتهكها الإسرائيليون منذ عقود من الزمن، فبعد توقيعها اتفاقات التطبيع الشاملة أصبحت ملزمة بتقديم كل ما ينفع الكيان ويحقق أهدافه وتطلعاته، وأحلامه التوسعية في الشرق الأوسط، وفي ما يتعلق بالاستيطان كانت أول التحركات الإماراتية في علاقاتها مع الكيان المحتل هي التوجه للاستثمار في المستوطنات الإسرائيلية.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية، تحدثت أن وفداً من مستثمري ورجال أعمال المستوطنات زار الإمارات وعقد لقاءات مع رجال أعمال إماراتيين، بحسب القناة 20 العبرية، وصحيفة "يديعوت أحرونوت"، وكان ذلك في شهر نوفمبر من عام 2020م، حيث قالت القناة العبرية إن الوفد الإسرائيلي ضم مديري مصانع وشركات ورجال أعمال من المناطق الصناعية في ما أسمته المجلس الاستيطاني، مؤكدةً أنهم عقدوا لقاءات مع نحو 20 من رجال الأعمال الإماراتيين، والشركات المتخصصة في مجالات الزراعة والمبيدات والبلاستيك، وكذلك مديري شركات استثمار كبيرة، ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن رئيس وفد "مجلس شومرون" الاستيطاني، يوسي داغان، الذي يضم 30 مستوطنة في شمال الضفة الغربية، أن هناك فرصاً للجانبين الإماراتي والإسرائيلي للاستفادة من اتفاقات التطبيع، كما نقلت عن رجل الأعمال الإماراتي يوسف البيضون، تعبيره عن سعادته بزيارة الوفد الإسرائيلي المتخصص في عمليات الاستثمار في المستوطنات، حيث وصف الزيارة بأنها "لحظة مثيرة لنا جميعاً"، وأنه لم يصدق أنه سيشاهد ذلك الحدث في حياته.

وكانت المديرة التنفيذية لمنظمة "إمباكت" الدولية لسياسات حقوق الإنسان، مها الحسيني، أكدت أن اتفاقيات التعاون بين مؤسسات وبنوك إسرائيلية وأخرى إماراتية قد تشكل مخالفة لمبادئ الأمم المُتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وفي تصريح سابق أدلت به لـ"الخليج أونلاين"، قالت الحسيني إن اتفاقيات التعاون بين مؤسسات وبنوك إماراتية مع نظيرتها الإسرائيلية، ستجعلها شريكاً في انتهاكات حقوق الفلسطينيين، ومن ضمن ذلك مصادرة أراضيهم بشكل غير قانوني والتمييز بحقهم.