هل تعيد السعودية هيكلة المجلس الرئاسي بعد تصعيد الانتقالي الأخير؟

YNP / عرب جورنال - عبدالرزاق علي ـ   

تشير التطورات الجديدة في مدينة عدن "جنوب اليمن" إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي "المدعوم من الامارات" قرر مواجهة التصعيد السعودي بتصعيد مضاد، بغض النظر عن المستوى الذي يمكن أن يصل إليه.

خلال الساعات الماضية، شهدت الأزمة بينه وبين السعودية تطورات هامة، أبرزها هجومه على رئيس مجلس القيادة المشكل سعوديا، رشاد العليمي، على خلفية تصريحات الأخير لصحيفة "الشرق الأوسط"، إضافة إلى تطويقه للقصر الرئاسي (معاشيق) في عدن ومنعه للموظفين من دخوله، وهو أول تحرك عملي جاد باتجاه التصعيد. لا يقل عنه أهمية البيان العسكري الذي تلاه القيادي البارز في المجلس أبو همام اليوم.

ومع أن هذا قد لا يكون كل ما في جعبة المجلس الانتقالي، إلا أن السعودية بدأت ـ على ما يبدو، استشعار خطورة الموقف، حيث استدعت رئيس حكومة المنفى، معين عبدالملك، إلى الرياض، كما طلبت من رشاد العليمي البقاء فيها، خوفا من تبعات عودته إلى عدن في ظل ظروف كهذه، وفق مصادر خاصة.

من المهم الإشارة هنا إلى أن تصريحات العليمي لم تكن السبب الحقيقي لهذه التطورات، وإنما محاولة السعودية سحب بساط النفوذ من تحت الانتقالي في المحافظات الجنوبية، وقد تجلى ذلك في الدفع بقوات جديدة إلى تلك المحافظات، لهذا سيحاول الانتقالي فرض أمر واقع يبطل مفعول الإجراءات السعودية الجديدة. غير أن السعودية، إن كانت جادة في تجحيم الانتقالي، قارة على فعل ذلك، وقد تحرك أوراقا إضافية، من قبيل إحداث انشقاقات داخل المجلس أو داخل حاضنته الشعبية. اليوم ـ على سبيل المثال ـ خرجت تظاهرة في مديرية يافع تطالب برحيل الانتقالي، ومعلوم أن يافع من معاقل الانتقالي المهمة، لكنها أيضا معقل لقوات العمالقة التي تبدو أقرب إلى السعودية منها إلى الإمارات.

 

إعادة تشكيل المجلس:

بعيدا عن التصعيد والتصعيد المضاد، هناك سيناريو آخر محتمل قد تلجأ إليه السعودية، ويتمثل في إعادة هيكلة المجلس الرئاسي بشكل يرضي المجلس الانتقالي. من هنا، يذهب كثير من المحللين إلى أن طرح صحيفة "الشرق الأوسط"" سؤلا على العليمي حول القضية الجنوبية، وفي توقيت كهذا، أمر غير بريء ويأتي في هذا السياق.

ويرى المحللون أن المجلس الانتقالي مجرد منفذ لما يُملى عليه، وأن هناك تحضيرا لإعادة تشكيل مجلس القيادة. كما يربط المحللون بين هذه الخطوة، وبين سحب السعودية لقواتها من جزيرة سقطرى أخيرا. حيث كان عدد القوات السعودية، نحو 1000 جندي، من قوات الواجب 808 التي وصلت سقطرى إبان الأزمة المفتعلة مع رئيس حكومة المنفى بن دغر، خلال زيارته الجزيرة، في مايو 2018. قبل أن يغادر ثلثا القوة، وتبقي الثلث، وهي التي أخلت موقعها في حديبو، وانتقلت إلى القاعدة الجديدة، قرب المطار، في موري.

وحول القيادة الجديدة للمجلس، يعتقد المحللون الذي تحدث إليهم "عرب جورنال" أن القيادي البارز في الانتقالي، د. ناصر الخبجي، قد يكون رئيسا له، وأن معين المنحدر من محافظة شمالية، قد يكون النائب. لكن لا معلومات دقيقة تؤكد هذا حتى اللحظة. ويبقى اعتبار عودة قصر معاشيق في عدن مؤشرا على وجود اتجاه السعودية نحو إحداث تغيير في شكل وتركيبة مجلس القيادة، مجرد استنتاج، لكنه استنتاج مدعوم بكثير من القرائن. من بين هذه القرائن سماح السعودية للخبجي بالعودة إلى مدينة عدن.

غير أن هناك قراءة أخرى لهذه الخطوة، مفادها أن السعودية التي سمحت للخبجي بالعودة إلى عدن، بينما منعت ـ ومازالت ـ عيدروس الزبيدي من ذلك، تسعى إلى إحداث انشقاق داخل المجلس، من خلال تصدير الخبجي إلى الواجهة للاستحواذ على قرار الانتقالي بعد فشلها في احتواء الزبيدي .. بمعنى أن قيادة مجلس القيادة قد تكون من نصيب الانتقالي لكن بشخصية مرنة تتماهى من المشروع السعودي.

ومع أن الخبجي كان قد هاجم العليمي بعد تصريحاته الأخيرة، وهدد هو الآخر بفض الشركة مع حكومة عدن والسعودية، إلا أن هناك من قرأت التصريحات في سياق محاولة امتصاص غضب الشارع الجنوبي والتماهي مع مخطط ترحيل القضية الجنوبية. ومن هنا قد تكون فكرة إعادة تشكيل المجلس الرئاسي بقيادة جديدة واردة وبقوة.