بعبارته الشهيرة "قادمون في العام التاسع".. الحوثي يحدد معالم المرحلة نصيحةً وتهديداً

YNP /  إبراهيم القانص -

تكتسب الحروب معايير الانتصار والهزيمة والربح والخسارة وفق ما يسمى في المصطلحات الحديثة "موازين القوى"، ولذلك يطلق عليها حروب "التوازنات"،

ومن هذا المنطلق تمكنت قوات صنعاء من فرض نفسها ككيان عسكري إقليمي له من القوة والخبرة الميدانية والإرادة ما يجبر المنطقة والعالم على أن يحسبوا له حسابات كثيرة وجادة، فعلى مدى ثمانية أعوام قارعت هذه القوات جيوشاً نظامية تنتمي لأكثر من خمس عشرة دولة، عالية التدريب وحديثة التسليح وكثيرة العدد والعتاد، وفي ميدان المواجهة حققت انتصارات، صنفها محللون عسكريون باعتبارها معجزات فاقت المنطق الذي قامت عليه قواعد الاشتباك والمواجهة، قياساً بالفوارق الكبيرة بينها وبين الجيوش التي تواجهها، والتي كانت في كل معاركها مسنودة بغطاء جوي تناوبت عليه أحدث أنواع الطائرات وأشدها فتكاً، ولكنها لم تؤذِ سوى المدنيين الذين تمزقت أشلاؤهم تحت أنقاض منازلهم المقصوفة، وتبعثرت في الطرقات وساحات المدارس والمستشفيات وكل ما وقعت عليه قنابل تلك الطائرات الآثمة، أما قوات صنعاء فكان أقل ما توصف به- وفق النتائج الميدانية- أنها مارد لا يقبل بالهزيمة ولا يعرف سوى النصر، فبعد كل جولة مواجهات ميدانية يخرج أكثر قوة وصلابة وخبرة وتكتيكاً.

 

كل ذلك جعل دول التحالف تحس فداحة ما تورطت فيه من حربها على اليمن، وكارثية الخطر الذي أصبح يحيط بها، مما يمكن أن تفعله قوات صنعاء بعد مستويات القدرة العالية التي وصلت إليها، في حال أعطت قيادتها ضوءاً أخضر إيذاناً بأن الوقت قد حان لوقف مماطلة التحالف في إنجاز الملف الإنساني الذي أخذ الكثير من الوقت في التفاوض والوساطات من أجل تجديد الهدنة، والذي لا تزال صنعاء حتى اللحظة جادة في حرصها على إنجازه، بينما يماطل التحالف، خصوصاً السعودية التي تقوده، فقط لأن الاتفاق لم يرق للولايات المتحدة، المشرف الرئيس على الحرب وصاحبة قرار وقفها أو استمرارها، وفق الكثير من المؤشرات التي أظهرت ضلوعها بشكل رئيس في الحرب التي أعلنت من داخل أراضيها وبلغتها الرسمية.

 

وفي الذكرى الثامنة للحرب، والتي أطلقت عليها صنعاء "يوم الصمود الوطني"، أعلن قائد أنصار الله، عبدالملك الحوثي، أنهم "قادمون في العام التاسع من الحرب، بترسانة صاروخية وصفها بأنها "فتاكة، بعيدة المدى، دقيقة الإصابة، قوية التدمير"، وأنها تستطيع أن تطاول كل المنشآت التي تعتمد عليها دول التحالف، في إشارة إلى المنشآت النفطية والحيوية السعودية التي أصبحت في مرمى نيران قوات صنعاء، وقد تصبح رماداً بمجرد "ضغطة زر"، كما تحدث قائد أنصار الله أن سنوات الحرب الثماني أكسبت قواتهم خبرة ميدانية كبيرة وأصبحت جيشاً منظماً، مؤكداً امتلاكه طائرات مسيّرة تستطيع أن تتجاوز أي دفاعات جوية.

 

لكن أكثر ما أقلق دول التحالف ومن يقف خلفها من القوى العالمية، فهو حديث السيد عبدالملك الحوثي عن قدرات بحرية تستطيع الوصول لأي هدف في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي والجزر اليمنية كافة، موجهاً النصيحة للسعودية بالتفكير في مصالحها من خلال التعامل بجدية في التفاوضات وإنجاز الاتفاقات التي تخص الجانب الإنساني والاقتصادي، ووقف الحرب التي أكد أنها فقط في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية، وأن الخاسر الأكبر فيها هي السعودية والإمارات اللتان تنفذان ما تمليه عليهما واشنطن، باعتبارهما أداتين إقليميتين للولايات المتحدة.

 

وكان محللون سياسيون اعتبروا العرض العسكري الذي نظمته قوات صنعاء في محافظة الحديدة- في إطار الاحتفاء بذكرى مرور ثمانية أعوام على الصمود أمام حرب التحالف- رسالة واضحة مفادها أن البحر الأحمر أصبح تحت سيطرة قوات صنعاء، وأنها قادرة على استهداف أبعد نقطة فيه، بعد ما أصبحت تمتلك قوة بحرية ضاربة، وهو ما أكده السيد الحوثي في كلمته المتلفزة بمناسبة الذكرى الثامنة ليوم الصمود، حيث يتوقع الكثير من المحللين، أن ما بعد "قادمون في العام التاسع" وهي العبارة التي تعود أنصار الله سماعها من قائدهم في كل خطاب بهذه المناسبة، سيكون أشد ألماً ووجعاً على التحالف مما قبلها، خصوصاً أن تطورات الأحداث أثبتت في كل مرة نقلات نوعية في مستوى أداء قوات صنعاء ميدانياً وفي مضمار التصنيع العسكري، وفي كل مرة يزداد مأزق السعودية وتضيق فرص خلاصها من هذه الورطة التي وضعت أمنها القومي قاب قوسين أو أدنى من الانهيار والفوضى، إذا ما قررت صنعاء وضع حد للمماطلات، وانتزاع الحقوق بالقوة.