هل تستعصي حضرموت على المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الامارات ؟

YNP / عرب جورنال - عبدالرزاق علي ـ  

على الرغم من سيطرته على محافظتي أبين وشبوة، جنوب شرقي اليمن، خلال الأشهر الماضية دون أن تحرك السعودية ساكنا، إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي فشل في التقدم نحو وادي حضرموت والمهرة.

خلال الشهر الماضية، حاول الانتقالي مرارا التقدم باتجاه وادي حضرموت الخاضع لسيطرة المنطقة العسكرية الأولى الموالية للرياض، وبالمبررات ذاتها التي أشهرها خلال سيطرته على أبين وشبوة، إلا أنه لم يفلح.

إلى جانب رفض السعودية تقدم الانتقالي باتجاه المحافظات الشرقية، كونها تعتبرها مناطق نفوذ لها، تصاعد الرفض الشعبي الحضرمي لتواجد قوات تابعة للمجلس في الوادي. أعلنت مرجعية قبائل حضرموت رفضه دخول قوات إلى المحافظة من خارجها. أبعد من ذلك، طالبت المرجعية في بيان بإخراج لواء بارشيد من المكلا، كون جل أفراده من محافظة الضالع.

صحيح أن الرفض الشعبي وحده لا يكفي لمنع الانتقالي من السيطرة على كامل محافظة حضرموت، لأن هذا الرفض كان حاضرا إبان سيطرة الانتقالي على أبين وشبوة، وإن بنسبة أقل، دون أن يمنع قوات الانتقالي من اجتياحهما، إلا أن الموقف السعودي من هذه الخطوة يبدو حاسما.

وكما سيطر الانتقالي على أبين وشبوة برغبة سعودية، قد لا يتمكن من السيطرة على وادي حضرموت والمهرة، برفض سعودي.

 

أمر واقع

قبل أشهر، حاول الانتقالي تحدي الرفض السعودي والدفع بقواته نحو وادي حضرموت، لفرض أمر واقع، إلا أنه تفاجأ بإجراءات سعودية عقابية قاسية، حيث استدعت المملكة رئيس المجلس إلى الرياض، وفرضت عليه إقامة جبرية لمدة ستة أشهر. إلى جانب ذلك، دفعت السعودية بقوات جديدة تحت مسمى "درع الوطن" إلى المحافظات الجنوبية لخاضعة لسيطرته، في مسعى لتقليص نفوذه، كرد فعل على تحركه العسكري شرقا.

يمكن القول إن الانتقالي وصل إلى قناعة بوجود رفض سعودي مطلع لتمدده العسكري نحو الشرق، وبدأ مؤخرا يتصرف بناء على هذه القناعة. في هذا السياق، تأتي عودة عيدروس الزبيدي إلى مدينة عدن، إذ تفيد المصادر أن الزبيدي وافق على شرط الرياض مقابل رفع الإقامة الجبرية عنه. وأهم شروط الرياض ـ بحسب المصادر ـ نسيان فكرة ضم الانتقالي لوادي حضرموت والمهرة إلى جغرافيا سيطرته.

يعني هذا أن الانتقالي، وإن تحدث عن حضرموت ضمن مشروعه لإقامة دولته المزعومة، إلا أنه لن يقوم بأية خطوات عملية جديدة فيها أو نحوها.

 

ـ ليس حرصا على الوحدة:

ومع أن البعض يحاول تسويق الموقف السعودية من تمدد الانتقالي باتجاه حضرموت، على أنه يأتي في سياق حرص السعودية على بقاء اليمن موحدا، إلا أن هذا غير صحيح، وتفضحه الاحداث والمواقف والسياسيات، فالمشروع السعودي قائم على إضعاف اليمن وتفتيته أصلا.

مشكلة السعودية مع المجلس الانتقالي الجنوبي، هي أنها تعتبره أداة إماراتية، ورفضها تمدده العسكري باتجاه الشرق، يأتي في سياق صراع النفوذ السعودي ـ الإماراتي في اليمن.

يمكن القول إن الانتقالي سيكون الأداة السعودية المناسبة في جنوب اليمن لو لم يكن محسوبا على أبوظبي. لهذا السبب ذاته، بدأت المملكة بدعم فكرة تشكيل مكون جنوبي مناهض للانتقالي بقيادة شخصيات جنوبية معتبرة. كان الحديث عن هذه الفكرة كافيا لتحريك مياه الانتقالي الراكدة، ودفع الزبيدي إلى الموافقة على الشروط السعودية لرفع الإقامة الجبرية عنه.

ربما ترى السعودية في الانتقالي بوضعه الحالي أداة مناسبة لمنع تشكل قوى تابعة أو محسوبة على الإخوان المسلمين في الجنوب، لكن شريطة أن لا يخرج عن سيطرتها أو تتوسع من خلاله دائرة نفوذ الإمارات. ومع أن السعودية ضد وجود نفوذ قوي للإخوان في الجنوب، إلا أن كثيرا من أفراد القوات الجديدة التي شكلتها، ينتمون إلى التيار السلفي والإخوان. كان هوية القوات الجديدة رسالة تهديد واضحة للإمارات بإعادة نفوذ الإصلاح أقوى مما كان إن استمر الإصرار على ضم وادي حضرموت والمهرة.

 

خلاصة:

لا يبدو أن الوقت مناسب حاليا لتقدم الانتقالي باتجاه وادي حضرموت والمهرة، بسبب الرفض السعودي الجاد لهذه الخطوة، وهو رفض لا علاقة له من قريب أو بعيد بالوحدة، وإنما بقلق الرياض من اتساع دائرة نفوذ أبوظبي في اليمن على حساب نفوذها.