وسط أنباء عن إعلان سعودي رسمي بإنهاء الحرب.. هل انتزعت صنعاء نصرها المنتظر ؟

YNP _ حلمي الكمالي :

لا غرابة في أن تنتهي الحرب على اليمن، اليوم، فبعد ثمانية أعوام كاملة من الهزائم المتراكمة لقوى التحالف السعودي الإماراتي، بات لزاماً على هذه القوى أن تعلن رسمياً إنهاء حربها وتحزم حقائبها وفصائلها وخيباتها وترحل.. وهو ما يجري حالياً، ولأن نتائج الحرب واضحة للعيان، فإنه من الواضح أن صنعاء قد حققت النصر وتمضي اليوم لقطف ثمار هذا النصر الذي من المتوقع أن ينعكس إيجاباً على كافة الشعب اليمني.

من الواضح أن هناك تقدم كبير هذه المرة في المفاوضات القائمة في سلطنة عُمان، بين السعودية وصنعاء، بحسب تسريبات الوكالات الدولية، التي أكدت أن السعودية على وشك التوقيع مع صنعاء، على اتفاق لتمديد الهدنة مقابل تسليم المرتبات وتوحيد العملة المحلية ورفع الحصار عن ميناء الحديدة ومطار صنعاء بشكل كامل، يعقبه اعلان سعودي رسمي بإنهاء حربها وحصارها على اليمن، ووقف تدخلها في اليمن.

ووفق التسريبات، فإن الإتفاق جاء ضمن تسليم سعودي بكافة شروط ومطالب صنعاء، وهو إعتراف سعودي ضمني بانتصار صنعاء في المواجهة المفتوحة القائمة للعام التاسع على التوالي. بالتالي فإن المنتصر سيفرض تلقائياً شروطه وطبيعة المرحلة القادمة، على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والإقتصادية. ليس هذا فحسب، فنحن اليوم أمام معادلة كبيرة تفرضها صنعاء، على المستوى الإقليمي والدولي؛ إذ لم تكن الحرب على اليمن، سعودية إماراتية من منظورها العام، بل أمريكية بريطانية غربية بدرجة أساسية.

بالتالي، فإن أول تداعيات هذا الإتفاق المتوقع إعلانه خلال الأيام القادمة، سترتد عكسياً في ملعب كل القوى الدولية المشاركة في هذا التحالف، وأول هذه التداعيات، ستتمخض برحيل كافة القوات الأجنبية من اليمن، وعلى رأسها القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والإسرائيلية أيضاً؛ فالاتفاق وإعلان وقف الحرب على اليمن، ينسف أي مبرر لبقاء هذه القوات؛ ما يعني أن صنعاء، وجهت صفعة قوية للقوى الغربية التي لم يعد أمامها سوى الامتثال لمطالب قوات صنعاء، بالخروج والانسحاب الفوري من كافة أرجاء البلاد، أو أن تلاقي الضربات القاصمة.. ونظراً لما تمتلكه صنعاء من معادلات ردع إستراتيجية لا أظن أن القوى الأجنبية ستطيل التفكير في مسألة الفرار !

التسليم المطلق الذي يبديه التحالف اليوم، أمام مطالب صنعاء، لم يكن أمراً لحظياً، كما أنه ليس أمراً مفاجئاً بالنسبة للمتابع للشأن اليمني؛ فكل المستجدات الطارئة على المشهد اليمني على مدى عام كامل، وتحديداً منذ الإطاحة السعودية بما كان يسمى "شرعية هادي" في أبريل الماضي، وتأسيس المجلس الرئاسي؛ والدخول في مسار التهدئة وما تضمنه من حروب بينية داخل أروقة فصائل التحالف؛ دليل قاطع على خضوع الأخير، وعجز قائدته عن البقاء في المستنقع اليمني، على الرغم من المساعي المستمرة للقوى الغربية المشاركة في التحالف، لمواصلة الحرب وتقويض جهود السلام.

ناهيك عن الرحلات المكوكية للمسؤولين السعوديين إلى صنعاء التي شهدتها الفترة الأخيرة، وعلى رأسهم مسؤول حربها وسفيرها في اليمن، محمد آل جابر، الذي وصل العاصمة اليمنية أكثر من مرة خلال الأسابيع الماضية، في زيارات غير معلنة، لبحث تنفيذ شروط صنعاء. وهذه الزيارات ختمها آل جابر بزيارة اليوم، على رأس وفد سعودي وعماني، إلى صنعاء، لمناقشة إعلان وقف حرب التحالف على اليمن، وربما تقديم ضمانات دولية واسعة لصنعاء، بخصوص نوايا السعودية في إنهاء الحرب.

أما بالنسبة لمستقبل فصائل التحالف في المرحلة القادمة، فقد حسم أمرها في وقت مبكر، منذ إجراء السعودية مفاوضات مع صنعاء بمعزل عنها، وأخيراً بعد قيام الرياض بإخطار الرئاسي، بمسودة جاهزة عن الإتفاق، وأخذ الموافقة الشكلية عليها في كواليس البلاط، حسب ما أعلنته التسريبات الرسمية. وعلى ذلك، فإن الاعلان السعودي المرتقب بإنهاء حرب التحالف على اليمن، هو إعلان رسمي بالبراءة من أدواتها المحلية؛ بالتالي، فإنه ليس أمام الرئاسي وكل فصائل التحالف، إلا الامتثال لما تمليه السعودية، وهو أصلاً ما جرت عليه العادة. أما الحديث عن أي محاولات لتعكير صف المفاوضات أو تقويض جهود السلام، فلا نعتقد أنها ستفعل لأنها أدوات وظيفية، هي أهون وأضعف من أن تفعل ذلك.

يذكر أن السعودية، قد استدعت جميع أعضاء المجلس الرئاسي إلى الرياض، قبل عدة أيام، لجلسة "عشاء ملكية"، جرى خلالها مراسيم "المصادقة" على الإتفاق الجاهز، والذي لم يشارك المجلس فيه، ولا يمتلك أعضائه أي فكرة عن حيثياته أو جوانبه، غير التي يتم تلقيها من وسائل الإعلام كالعامة، في مشهد يلخص بوضوح مستقبل الرئاسي وحكومة معين وعموم فصائلهما؛ وهو مستقبل لزمن قد مضى لن يتجاوز مدى صورة "العشاء الأخير"..