إحاطة المبعوث الأممي تضع صنعاء أمام حتمية انتزاع حقوق اليمنيين وفي مُقَدَّمِها المرتبات

YNP/ إبراهيم القانص -
في إحاطته لمجلس الأمن الذي عقد أمس الإثنين جلسة خاصة بشأن اليمن، لم يقدم المبعوث الأممي إلى اليمن، غروندبيرغ، سوى المغالطات ولم تحمل الإحاطة سوى مشهد معتم لا يلوح في أفقه أمل لا على المستوى السياسي أو الاقتصادي، وكانت عباراته مطاطية وما وضح منها كان منحازاً للتحالف، الأمر الذي يوحي بأن الأطراف الدولية والإقليمية لا ترغب في أي تقدم باتجاه سلام حقيقي، وكأن مصالحها تقتضي استمرار الحرب وإنهاك البلاد بالجوع والفقر.

كعادته حرص المبعوث الأممي غروندبيرغ، على تقديم السعودية في موقف الإيجابية، ففي حديثه عن الرحلات البائسة من مطار صنعاء إلى الأردن جعل المملكة صاحبة الفضل في تلك الخطوة التي لا تلبي ولو نسبة بسيطة من احتياج اليمنيين للسفر إلى وجهات متعددة ولأغراض غالبيتها إنسانية، لكنه تجاهل كل ما كان يجب أن يقوله ليرضي من يعمل أساساً من أجل مصالحهم غير عابئ بمسئولياته الأخلاقية تجاه معاناة شعب بأكمله.

ومن العبارات المطاطية التي أوردها المبعوث في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن، دعوته لجميع الأطراف إلى "التهدئة الاقتصادية"، وهي عبارة عن طريقة من طرق التعتيم التي يتعمدها للتغطية استمرار الإنهاك المعيشي الاقتصادي لليمنيين، بسياسات التحالف المراوغة، وفي المقام الأول يهدف غروندبيرغ من وراء عبارته المطاطية إلى استمرار إدانة إجراءات صنعاء في ما يتعلق بوقف تصدير النفط اليمني واشتراطها تخصيص عائداته لصرف مرتبات جميع موظفي الدولة، رغم أن ذلك الإجراء لم يكن سوى ردة فعل طبيعية نتيجة إصرار دول التحالف على رفض صرف مرتبات اليمنيين من عائدات ثرواتهم النفطية، أو أن الأطراف الدولية بتواطئها الواضح مع التحالف تهدف إلى إجبار صنعاء على إسقاط شرط صرف المرتبات الذي وضعته كأساس لتجديد الهدنة ووقف العمليات العسكرية، فحقوق اليمنيين ومصالحهم غير واردة في نوايا تلك الأطراف ولا تنتمي لاهتماماتهم، ولا توجد سوى في مزايداتهم على شاشات الفضائيات ومنصات التواصل الاجتماعي لتضليل الرأي العام.

ويرى مراقبون أن تواطؤ الأمم المتحدة وكل الأطراف الدولية مع أشكال حرب التحالف على اليمنيين عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، وإشرافها على الانتهاكات الخارجة عن القوانين والأعراف الدولية والإنسانية؛ يحتم على صنعاء فرض واقع جديد يكسر حالة اللا حرب واللا سلم التي يتعمد التحالف إبقاءها في المشهد اليمني، والتي تواجه برفض شعبي ورسمي في مناطق حكومة صنعاء، ويظهر ذلك في منشورات ناشطين على مواقع التواصل ومنتمين لقوات صنعاء- قيادات وأفراداً- وسياسيين يطالبون قيادتهم بإصدار توجيهاتها باستئناف العمليات العسكرية، وغالباً ما يختمون منشوراتهم بهشتاغ يحمل عبارة: الوضع الراهن غير مقبول، خصوصاً بعد ما أصبحت قوات صنعاء رقماً يصعب تجاهله أو الاستخفاف به، بما توصلت إليه من قدرات قتالية عالية المستوى وتصنيع حربي تستطيع من خلاله الوصول إلى عمق دول التحالف، وبالتالي إجبارها على تنفيذ الشروط كحقوق مستحقة مشروعة، وبالطبع لن تغامر الرياض أو أبوظبي بأمنهما واقتصادهما القائم على أساسه.

وفي وقت يُفترض أن تُلزِم الأمم المتحدة التحالف الذي تقوده السعودية بصرف رواتب موظفي الدولة وإنجاز ما وافقت عليه الرياض خلال تفاوضات رمضان في صنعاء؛ يطالب المبعوث الأممي بضمان صرف الرواتب، الأمر الذي يفسره مراقبون بأن الأمم المتحدة تعلم مسبقاً أن التحالف لا ينوي إعادة حقوق اليمنيين المسلوبة، وبالتالي فالهيئة الأممية لا تنوي الضغط عليه وغير مستعدة أو راغبة في ضمان إنجازه للملف الإنساني والاقتصادي.