المخاوف الإسرائيلية من قدرات صنعاء العسكرية .. الحيثيات والأسباب !

 

 YNP /  إبراهيم القانص -

يرفع أنصار الله الحوثيون في اليمن شعاراً معادياً للكيان الإسرائيلي منذ أكثر من عقدين من الزمن، الأمر الذي أثار جدلاً بين من يؤيد ذلك التوجّه وبين من يقول إنه غير مبرر، كون إسرائيل بعيدة ولا نشاط لها في الظاهر داخل اليمن،

وهذه النظرة يراها مراقبون نوعاً من التعاطي السطحي مع خطورة السياسات الإسرائيلية في المنطقة العربية، والتي يكفي فقط متابعة كيف وصلت حد إقناع بعض الدول الفاعلة في المنطقة بالتطبيع الكيان، ليتضح جلياً أن رؤية صنعاء كانت أكثر بُعداً وعُمقاً، في وقت نسيت الدول العربية أن الكيان هو العدو التاريخي منذ الأزل.

 

لا يزال أنصار الله يتبنون هذه السياسة المعادية للكيان الصهيوني حتى اللحظة، خصوصاً بعد ما أصبحوا على رأس هرم السلطة في المناطق التي تسيطر عليها حكومة صنعاء، ومنذ بدأت حرب التحالف على اليمن ظهرت الكثير من الشواهد التي تدل على صوابية تلك السياسة، ويكفي للتأكد من عمق تلك الرؤية متابعة تعاطي الإعلام الإسرائيلي ومراكز الأبحاث العبرية مع الانتصارات الميدانية التي حققتها قوات صنعاء على مدى الأعوام التسعة الماضية، وخصوصاً بعد الاستعراضات العسكرية التي أظهرت فيها أنواعاَ جديدة من الصواريخ والمسيّرات المُصنّعة والمطوّرة محلياً، وكان آخرها في الحادي والعشرين من سبتمبر الماضي، والذي أفرد له مركز أبحاث في تل أبيب مساحة كبيرة من القلق.

 

مركز الأبحاث الصهيوني (Israel-Alma)، تحدث عن قدرات بعض الأسلحة والمديات التي تصل إليها بعض الصواريخ التي أظهرتها قوات صنعاء في عرضها الكبير الذي نظمته في الـ 21 من سبتمبر المنصرم بميدان السبعين، ونشر المركز الإسرائيلي صوراً وتسجيلات مرئية للعرض.

 

مركز "ألما" الصهيوني، الذي يعد أحد المراكز المتخصصة في الاستخبارات العسكرية، ويتكون مجلسه الاستشاري من قيادات عسكرية كبيرة كانت ضمن جيش إسرائيل وأحيلت إلى التقاعد، بالإضافة إلى عدد من السياسيين والخبراء، أبدى قلقه من تهديد تنامي قوة صنعاء العسكرية على أمن الكيان ومستقبله.

 

في السياق، وبعد بدء العمليات العسكرية للتحالف في اليمن، كانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، نشرت مقالاً بعنوان "ساعة اليمن تدق" للكاتب إليكس فيشمان، أكد فيه أن الحرب في اليمن لها علاقة بمصلحة إسرائيل، موضحاً أن جهاز الأمن التابع للكيان كان قد وجّه تحذيراً إلى السفن الإسرائيلية بوجوب التعاطي مع الشاطئ اليمني على أنه شاطئ دولة معادية، وذلك قبل أن تبدأ حرب دول التحالف على اليمن.

 

وكانت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، نشرت تقريراً أشارت فيه إلى أن امتلاك قوات صنعاء ذلك الكم الهائل من الصواريخ والطائرات المسيّرة يعني أن التهديد لإسرائيل قد بدأ، منوهةً بقلق قيادات الكيان وتخوفهم من التفوق العسكري لليمن، وفي الوقت نفسه أضافت الصحيفة أن قيادات الكيان أبدوا غضبهم من التفاوضات الجارية بين صنعاء والرياض.

 

الصحيفة العبرية نفسها، كشفت في تحقيق مطوّل لها، عن توجهات أمريكية لصناعة طائرات درون مسيَّرة، تكافئ قدرات التصنيع الحربي والعسكري لدى صنعاء، لمواجهة ما تعتبره خطراً محتمَلاً في البحر الأحمر وباب المندب، قائلةً إن واشنطن تسعى لتأمين الممرات المائية بما فيها باب المندب وخليج عدن عن طريق أسلحة تستخدمها في مناوراتها المشتركة مع 35 دولة وكياناً منها الكيان الإسرائيلي، وتعتمد على تقنيات تصنيع حديثة وصلت إليها صنعاء وتفوقت، ومنها طائرات بدون طيار.

 

في سياق التحقيق النوعي الذي أجرته الصحيفة الإسرائيلية، قال خبراء عسكريون أمريكيون إن الولايات المتحدة تدفع بحلفائها- ومنهم الرياض وأبوظبي وتل أبيب- لاستخدام التكنولوجيا الجديدة للمساعدة في تأمين نفسها من هجمات صنعاء التي حققت أهدافها في عُمق السعودية والإمارات.

 

وحذَّر نائب الأدميرال براد كوبر، قائد القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية (NAVCENT)، وهو جزء من الأسطول الخامس الأمريكي، إسرائيل من إمكانية وصول أسلحة صنعاء إلى تل أبيب، موجِّهاً إحاطة صحافية مسجلة من مركز الإعلام الإقليمي في دبي لوزارة الخارجية الأمريكية بشأن ضرورة استخدام التكنولوجيا الجديدة لحماية حلفاء أمريكا في المنطقة بعد التطور الذي وصلت إليه صنعاء، مؤكداً أنها ستستخدمه لحماية سيادتها وطرد القوات المتواجدة على سواحلها.