الذكرى الـ "31" للوحدة اليمنية .. السيادة المنتهكة والثروات المنهوبة

YNP -  إبراهيم القانص :

في الذكرى الحادية والثلاثين لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية، تبرز الكثير من الشواهد الماثلة في المشهد اليمني حسب معطيات وأحداث أكثر من ستة أعوام من بدء العمليات العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية، أبرز هذه الشواهد تجسد حقيقة ناصعة لا يستطيع أحد إنكارها، هي أن السعودية والإمارات سعتا على مدى هذه السنوات بجهود متعددة الطرق والأشكال لتكريس الانفصال وإفراغ الوحدة اليمنية من قيمها ومضامينها،

وهي الطريقة الوحيدة التي استطاع من خلالها قطبا التحالف السيطرة التامة على ثروات المناطق الجنوبية والشرقية من الجغرافيا اليمنية، والتحكم بأهم المواقع الاستراتيجية من موانئ بحرية وجوية ومنافذ برية، وكانت الأموال السعودية والإماراتية وسيلة ناجحة لتحويل الأطراف اليمنية، ممثلةً في الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، إلى أدوات لتحقيق الأهداف والمطامع.

 

عززت الإمارات منذ سيطرت قواتها على عدن في أواخر عام 2015 ثقة المكونات الجنوبية المنادية بالانفصال، وفي مُقدَّمِها المجلس الانتقالي الجنوبي، في أنها ستدعم مشروعها لتحقيق ما أسموه دولة الجنوب المستقلة وتحريرها مما أطلقوا عليه الاحتلال اليمني، لكن ذلك الحلم لم يدم طويلاً، وسرعان ما صحا الجنوبيون على واقع مغاير تماماً، فالجنة التي وعدتهم بها الإمارات تحولت إلى جحيم لا يطاق من الفوضى الأمنية التي حصدت آلاف الأرواح بأبشع عمليات اغتيال تشهدها عدن وبقية المحافظات الجنوبية، وحين حاول البعض رفع أصواتهم لتذكير أبوظبي بوعودها والاحتجاج على ممارساتها المتوحشة بحقهم؛ كانت على استعداد تام وجاهزية كبيرة لإسكات تلك الأصوات التي وجد أصحابها أنفسهم في غياهب وظلمات سجون سرية أنشأتها الإمارات داخل عدن وعدد من المحافظات، ولا يزال مصيرهم مجهولاً حتى اللحظة.

 

ومع مرور الأيام اكتشف الجنوبيون أن من رفعوا شعار الاستقلال وفك الارتباط مع الشمال كانوا مجرد مزايدين لا مشروع لهم ولا أهداف نبيلة، بل تحولوا إلى هراوات بيد قيادات إماراتية عسكرية وسياسية، لضرب إخوانهم وأبناء بلادهم، وتسهيل عمليات الاستيلاء والسيطرة على مناطق الثروات والمواقع السيادية الاستراتيجية، بل وحماية القوات الأجنبية المنتشرة في السواحل والجزر اليمنية والمنافذ البرية والبحرية، في أكبر عملية انتهاك للسيادة تشهدها اليمن على يد مجاميع من أبنائها تمكنت الإمارات والسعودية من شراء ولاءاتهم بالفتات من أموالهما.

 

أحكمت السعودية سيطرتها على محافظة المهرة اليمنية، واستكملت الإمارات بسط نفوذها على أرخبيل سقطرى، وبدأت تُسيّر رحلات سياحية إليها عبر مكتب في أبوظبي، وأنشأت قواعد عسكرية واستخباراتية مشتركة مع السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل في كثير من جزر الأرخبيل، وداخل عدن تحكم الدولتان قبضتهما على كل شئون المدينة التي تقبع الآن تحت حرب اتخذت أشكالاً عدة، بدءاً من الفوضى الأمنية ومروراً بحرب الخدمات التي فقد خلالها الأهالي كل ما هو حق لهم من كهرباء وماء ورواتب وعيش كريم، وانتهاءً بسيطرة الأجانب على موانئهم وجزرهم ومطاراتهم وثرواتهم النفطية، فيما تظل حكومة هادي "الشرعية" مجرد عنوان فارغ من صلاحياته ووسيلة لإتمام بقية الأهداف التي جاء من أجلها التحالف وكانت تلك الحكومة تأشيرة عبوره إلى حيث أراد، الأمر الذي يضع اليمنيين، جنوباً وشرقاً، أمام خيار واحد فقط هو مواجهة أدوات التحالف واستعادة ما تمت مصادرته من الثروات والمواقع السيادية خصوصاً بعدما تكشّفت تباعاً كل أوراق التحالف ونواياه على مدى السنوات الست الماضية.