هل فعلا تمكنت صنعاء من كسر عنجهية إسرائيل ؟

YNP / خاص - 

تمضي صنعاء في مناصرة الشعب الفلسطيني، ضد عدوان الاحتلال الإسرائيلي، مجددة موقفها الثابت من القضية الفلسطينية، وهو موقف لم يتوقف عند حدود الكلمات، بل دخل دائرة الفعل، منذ الأسابيع الأولى من العدوان الإسرائيلي على غزة، وتطور خلال هذه الفترة، ليصل إلى إغلاق البحر الأحمر ومضيق باب المندب في وجه السفن الإسرائيلية، بما يشكله ذلك من ضغط كبير على كيان الاحتلال،

لاشك كان له إسهام كبير في كسر عنجهية الاحتلال وصلفه، وإجباره على القبول بالهدنة وعمليات تبادل الأسرى.

 وامتدادا لهذا الموقف، أعلنت قوات صنعاء مساء أمس الخميس استعدادها الكامل لاستئناف عملياتها العسكرية ضد إسرائيل، وتوسيع هذه العمليات لتشمل أهدافا لا تتوقعها إسرائيل في البر والبحر اذا ما قررت إعادة حربها على غزة، مؤكدة الاستمرار في منع السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وسوف تتخذ المزيد من الإجراءات لضمان التنفيذ الكامل لهذا القرار، وأن عملياتها ستتوقف فور توقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وتصاعد التوتر في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن ومضيق باب المندب الرابط بينهما، منذ منتصف نوفمبر الماضي، بإعلان صنعاء أنها ستستهدف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وباب المندب، وخاصة وأن السفن الإسرائيلية أدركت منذ ١٩ نوفمبر الماضي، أن التهديدات التي أطلقتها صنعاء لم تكن مجرد كلام فحسب، بل حقيقة تنذر الاقتصاد الإسرائيلي بخسائر موجعة، الأمر الذي أثار قلق سلطات الاحتلال الإسرائيلي وهو ذاته القلق الذي تشاركها فيه الإدارة الأمريكية، وهي من تعتبر أي تصعيد إسرائيل، وأيا كان نوع هذا التصعيد، تعتبره موجها ضدها وضد مصالحها في المنطقة، غير أن أي تصعيد لن يكون في صالح إسرائيل ولا أمريكا ولا حلفائهما المشتركين من الدول الأوروبية، نظرا للحساسية التي تمثلها خطوط الملاحة عبر البحر الأحمر وباب المندب، والتي تمتلك صنعاء السيطرة عليها بشكل أو بآخر.

وأعلنت قوات صنعاء حظر مرور السفن الإسرائيلية من البحر الأحمر ومضيق باب المندب منتصف نوفمبر الماضي، وذلك بعد يوم واحد من توعد قائد أنصار الله، عبدالملك الحوثي، باستهداف السفن الإسرائيلية التي قال إنها تعتمد على التهرب في البحر الأحمر ومنطقة باب المندب، وبعد ذلك بأقل من أسبوع، سيطرت القوات البحرية التابعة لحكومة صنعاء على سفينة شحن إسرائيلية، بعد ساعات من إنذار وتحذير،كانت قد أطلقته لجميع السفن بعدم العمل مع شركات إسرائيلية، وكذا الابتعاد عن أي سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر.

ومنذ استيلاء قوات صنعاء على السفينة جالاكسي ليدر، في ١٩ نوفمبر، حولت كثير من السفن الإسرائيلية مسارها بعيدا عن البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وبات عليها أن تسافر حول قارة أفريقيا، عبر طريق رأس الرجاء الصالح، وهو ما أكدت التقارير أن من شأنه أن يرفع تكاليف النقل البحري من وإلى إسرائيل بنسبة قد تتجاوز ٧٠بالمئة، ناهيك عن ارتفاع التأمين على السفن بسبب الحرب التي تقترب من إتمام شهرها الثاني، بما يعنيه كل ذلك من خسائر تلحق باقتصاد إسرائيل كل يوم.

لم يكن في حسبان إسرائيل يوما أنها سوف تواجه التهديد الذي تواجهه تجارتها وسفنها اليوم في البحر الأحمر وباب المندب، كما لم يخطر في بال أمريكا والدول الغربية الداعمة لإسرائيل، أن قوة عربية أيا كان حجمها، يمكن أن تستخدم البحر الأحمر كأداة ضغط، بعد العام ١٩٧٣، كون هذه الدول وعلى رأسها أمريكا عملت على تدجين الأنظمة العربية طيلة عقود، ودفعتها إلى تطبيع معلن أو غير معلن مع الكيان الإسرائيلي المحتل، كما قامت واشنطن ودول غربية أخرى بإنشاء قواعد في محيط المنطقة العربية، ودفعت بأساطيلها البحرية إلى مياه البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، والخليج العربي وخليج عمان، لضمان عدم تحرك أي قوة في هذه المساحة من المياه، التي تتوفر على أهمية استراتيجية كبيرة، تضم ثاني أهم ممر عالمي، وهو مضيق باب المندب، الذي يعد البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، وتمر عبره ما يزيد عن ١٥- ٢٠ بالمئة من حجم التجارة العالمية، وما يقارب ٣٥ بالمئة من تجارة النفط والغاز العالمية، والتي يتجه الجزء الأكبر منها غربا إلى أوروبا وأمريكا.

 ومع استمرار حظر مرور السفن الإسرائيلية عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، تتزايد الخسائر الإسرائيلية يوما بعد آخر، وهو ما لن تتحمله إسرائيل طويلا، لما يمثله من ضغط على اقتصادها وتجارتها، وهنا تتعزز الاحتمالات، بأن ذلك الضغط قد أسهم في موافقة إسرائيل على التهدئة، منذ أسبوع، وخفض سقف أهدافها من الحرب على غزة، وتركيزها على تحرير الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس، عبر عمليات التبادل بين الطرفين، بعد أن كان الهدف المعلن من قبل الاحتلال هو السيطرة على غزة والقضاء حركة حماس، بالإضافة إلى الهدف الذي لم يكن معلنا بصورة رسمية وهو تهجير سكان قطاع غزة إلى خارج فلسطين.