وطبقاً للتقرير، فإنه من أجل تقدير الآثار على التجارة الاسرائيلية، يجب استخلاص نسبة التجارة البحرية الإسرائيلية التي تمرّ عبر باب المندب. ويقول إن نسبة التجارة الخارجية من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي كبيرة نسبياً، وتصل إلى أكثر من 60%، لكن جزءاً كبيراً من هذه التجارة هو تصدير الخدمات، وهناك جزء كبير آخر (من حيث قيمته المالية) يتم نقله عن طريق الجو. وهناك أقسام كبيرة أُخرى من التجارة البحرية تُدار مع الولايات المتحدة وأوروبا وأسواق أُخرى.
ويقول التقرير إن حصصاً كبيرة من التجارة البحرية الإسرائيلية مع آسيا تأتي في حاويات، وفي الواقع، فإن مصدر نصف الواردات البحرية من آسيا هو الصين، ومعظمها منتوجات استهلاكية، وهناك بضعة استثناءات هنا، كاستيراد السيارات، التي تصل إلى إسرائيل في سفن مخصصة لنقل السيارات، وكذلك استيراد الماشية الحية (الأغنام والأبقار، التي تصل أساساً من أستراليا).
وفي الأوضاع العادية، تمر سفن الحاويات القادمة من الشرق عبر قناة السويس وتفرغ حمولتها في موانئ البحر المتوسط الإسرائيلية (موانئ منطقة حيفا وأشدود).
أمّا في ميناء إيلات، فلا يتم تفريغ الحاويات مطلقاً، لكن يتم استيراد السيارات والماشية الحية أحياناً عبره.
ويضيف التقرير: “يجب أن نتذكر أن النقل البري من إيلات إلى وسط البلاد مكلف، لذلك في بعض الأحيان يقوم مستوردو السيارات، على سبيل المثال، بتحمُّل تكاليف مرور سفينة سيارات عبر قناة السويس (ودفع التكاليف المرتفعة الموصوفة المتعلقة بالمرور) بدلاً من تفريغ السيارات في ميناء إيلات ونقْلها بواسطة شاحنات سحب خاصة لنقل السيارات إلى وسط البلاد، لمسافة تزيد على 300 كيلومتر.
كما يتم تصدير الفوسفات من مصانع البحر الميت عبر ميناء إيلات، إذ يتم تصدير نحو مليونَي طن سنوياً من هذه المادة. وإذا كانت التكلفة المتوسطة لنقل حاوية من الصين إلى البحر المتوسط ارتفعت بنحو 5000 دولار في الربع الرابع من سنة 2023، مقارنة بالسعر قبل الحرب، وكانت مستقرة عند مستوى جديد يبلغ أكثر من السعر قبل الحرب بنحو 2500 دولار، خلال الأرباع الثلاثة التالية من سنة 2024، فإنه يمكن تقدير أن التكلفة الإجمالية للاقتصاد الإسرائيلي لاستيراد عدد الحاويات نفسها التي تصل إلى نحو 200 مليون دولار سنوياً.
وحسب التقرير، صارت سفن نقل السيارات تتجنّب المرور عبر مضيق باب المندب، ففي سنة 2022، استوردت إسرائيل نحو 340,000 سيارة، منها 166,000 (49%) عبر ميناء إيلات. ومن الممكن أن سيارات إضافية قد تم استيرادها من آسيا عبر ميناءَي حيفا وأسدود، لكن الإحصاءات غير واضحة في هذا الشأن. وإذا كانت سفينة السيارات قادرة على نقل نحو 4500 سيارة، فيمكن تقدير أن ميناء إيلات قد استقبل نحو 35-40 سفينة سيارات سنة 2022، أي نحو 50 مليون دولار إضافية كتكلفة للاقتصاد نتيجة الرحلات حول إفريقيا لهذه السفن. لذلك، فإن التكلفة الإجمالية للاقتصاد من استيراد الحاويات والسيارات عبر الطريق حول إفريقيا تصل إلى نحو ربع مليار دولار سنوياً.
وحسب التقرير أيضاً، فإنه، في سنة 2022، تم تصدير نحو 455,000 حاوية، منها نحو 30,000 حاوية إلى آسيا.
ووفقاً للحساب أعلاه، فإن التكلفة الإجمالية للاقتصاد الإسرائيلي لتصدير الكمية نفسها تصل إلى نحو 75 مليون دولار سنوياً.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد تأثر تصدير الفوسفات من ميناء إيلات، إذ إن تصدير هذه المادة إلى أسواق آسيا يتم، في الأوضاع العادية، عن طريق نقْل الفوسفات في شاحنات خاصة من مصانع البحر الميت إلى ميناء إيلات، ومن هناك يتم تحميلها على سفن وتصديرها إلى الشرق، وخصوصاً إلى الهند. ويتم من ميناء إيلات تصدير قرابة مليونَي طن سنوياً من الفوسفات. فإذا توقف نشاط ميناء إيلات، فإنه يجب على شركة الفوسفات الإسرائيلية تصديره عبر ميناء أسدود، وعبر الطريق الذي يمر حول إفريقيا.
وبناء عليه، فإن التكلفة الإجمالية للاقتصاد من تصدير الحاويات والفوسفات، عبر الطريق حول إفريقيا، تتراوح بين 100 و150 مليون دولار سنوياً، وتصل التكلفة الإجمالية للاقتصاد (صادرات وواردات) إلى نحو 350 – 400 مليون دولار سنوياً.
التأثيرات الأُخرى
بالإضافة إلى التأثيرات الاقتصادية الواسعة، يشير التقرير لتأثيرات أُخرى صغيرة، لكنها مهمة للتجارة الخارجية للبلد. ويتمثل التأثير الأول في التوقف الفعلي لنشاط ميناء إيلات (بما في ذلك تصدير الفوسفات، كما هو موصوف أعلاه)، والثاني يتمثل في التأثير المباشر في شركات الشحن الإسرائيلية، أو التي لها علاقة مباشرة بإسرائيل.
ويتابع “المعهد الإسرائيلي”:
وإذا حدث هذا، فإن ضرراً اقتصادياً كبيراً سيلحق بمئات العمال، بالإضافة إلى الضرر الإستراتيجي الممكن الناجم عن فقدان القدرة التشغيلية للبوابة الجنوبية للبلد. ولقد تمت مناقشة هذه المسألة في اللجنة الاقتصادية البرلمانية في الكنيست، في معرض مناقشة سؤال ما إذا كان على الدولة إعادة شراء الميناء، بعد أن تم بيعه في إطار الخصخصة.
وحسب التقرير أيضاً، لا تمثل شركات الشحن الإسرائيلية قطاعاً متطوراً مقارنة بالشركات العالمية، إذا ما استثنينا شركتَين رئيسيتَين لهما صلة مباشرة بإسرائيل، هما شركة “تسيم” وشركة اكس تي.
وهناك أيضاً سفن مملوكة لرجال أعمال إسرائيليين. ولقد حولت هي الأخرى مسارات سفنها من الخطوط التي تمر عبر المضيق، وربما يكون لذلك تأثير اقتصادي فيها، كما يمكن أيضاً أن تقلص فرص التعاون لشركة “تسيم” في إطار التحالفات الإقليمية.
ويقول إنه يجب أن يُشار إلى أن معظم إيرادات شركة “تسيم” لا تأتي من أنشطة تجارية مرتبطة بإسرائيل، إنما من الأنشطة العالمية.