مركز أبحاث أمريكي يسلط الضوء على خسائر واشنطن جراء الهجوم على اليمن

YNP / خاص -

أكد مركز بحثي أمريكي إن الهجمات الأمريكية التي شنتها القوات الأمريكية البريطانية على اليمن بداية من فجر الجمعة الماضية مثلت توسيعا فعليا للصراع في الشرق الأوسط وامتدادا للحرب الإسرائيلية على غزة، مشيرا إلى أن تلك الهجمات غير الفعالة ستكون بمثابة محفز على الرد من قبل اليمن، وهو ما سيزيد من تعقيد الأوضاع أمام حركة الملاحة الدولية وشركات الشحن البحري.

 

توسيع الصراع  

 

وقال تقرير نشره موقع"ريسبونسبل ستيت كرافت" وهي مجلة إلكترونية تابعة لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، وتنشر تحليلات لخبراء يناقشون التطورات العالمية وعلاقتها بالمصالح الأميركية. إن الحرب في غزة توسعت فعلا، "ولم تكن على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية أو غيرها من مناطق الاضطرابات التي تحظى بمراقبة كبيرة والتي قد لا تزال تشهد المزيد من التصعيد، بل جاء ذلك ليلة الخميس على شكل غارات جوية بقيادة الولايات المتحدة ضد أهداف في الجزء الذي يسيطر عليه الحوثيون في اليمن".

 

التقرير الذي أعده "بول ر. بيلار" وهو زميل أول غير مقيم في مركز الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون وزميل غير مقيم في معهد كوينسي لفن الحكم المسؤول. وهو أيضًا زميل مشارك في مركز جنيف للسياسة الأمنية، وصف الهجمات التي نفذتها القوات الأمريكية في اليمن بالتصعيد، مشيرا إلى أن ما تقوم به القوات المسلحة اليمنية ضد الملاحة الإسرائيلية هو "نتيجة للهجوم الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة".

 

وقال التقرير: "لقد أوضح الحوثيون مرارا وتكرارا أن هجماتهم على السفن في البحر الأحمر - والتي كانت الغارات الجوية الأمريكية ردا عليها - هي في حد ذاتها رد على الهجمات الإسرائيلية القاتلة ضد الفلسطينيين في غزة. وسوف تتوقف الهجمات على السفن إذا توقف الهجوم الإسرائيلي على غزة".

 

وأضاف التقرير أنه "إذا كان هناك حل دائم للمواجهة العنيفة الحالية في منطقة البحر الأحمر، فإن هذا الحل سيكون سياسيا وليس عسكريا فقط، ولن يشمل اليمن والحوثيين فحسب، بل أيضا. إسرائيل والفلسطينيون ووقف إطلاق النار في غزة".

 

استعادة الردع

 

وذكر التقرير أن "استعادة الردع" الذي تعتمده الولايات المتحدة كأساس لهذا النوع من الضربات الأمريكية، مشيرا إلى أن ما يتم نسيانه هو أن الطرف الآخر "اليمن" لديه رغبة في "استعادة الردع" أكثر من رغبة الولايات المتحدة. وهذا يعني أن هجوماً أمريكياً يحفز الانتقام المضاد بدلاً من جعل الخصم يرتعد خوفاً مما قد يفعله الجيش الأمريكي بعد ذلك.

 

وحول حتمية الرد من قبل القوات المسلحة اليمنية التابعة لحكومة صنعاء، قال التقرير: "لقد أعطى الحوثيون أسباباً كافية للاعتقاد بأنهم سيردون بدلاً من أن يجبنوا. إنهم يرحبون بمواجهة مسلحة مع الولايات المتحدة. وبالإضافة إلى دافعهم الرئيسي المتمثل في دعم الفلسطينيين في غزة، فإن الحوثيين، من خلال استعراض بعض عضلاتهم في البحر الأحمر، يظهرون أنفسهم كلاعب إقليمي يجب أن يؤخذ على محمل الجد وليس مجرد جماعة في زاوية من شبه الجزيرة العربية".

 

وأشار التقرير إلى إعلان قائد أنصار الله، عبد الملك الحوثي في خطاب متلفز والذي تضمن التعبير عن أن اليمنيين لايخافون أمريكا، بل يتمنون المواجهة معها، وكذا ما صرح به المتحدث باسم أنصار الله "الحوثيين" في وقت لاحق حول الضربات الأمريكية، حيث قال: "ليس من الممكن بالنسبة لنا عدم الرد على هذه العمليات".

 

ورجح التقرير أن يأتي رد قوات صنعاء عبر المزيد من العمليات ضد القوات الأمريكية والسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، مشيرا إلى إمكانية أن تكون هناك أشكال أخرى من ردود الفعل العنيفة غير المتكافئة ضد الولايات المتحدة.

 

ضربات غير فعالة

 

وذكر التقرير أنه "من غير الواضح إلى أي مدى أدت الغارات الجوية هذا الأسبوع إلى تدهور قدرة نظام قوات صنعاء على القيام بمثل هذه العمليات، أو إلى أي مدى ستؤدي أي هجمات أمريكية لاحقة إلى إضعافها". مؤكدا أن "أحد المفاتيح للإجابة على هذا السؤال هو أن الحرب التي خاضتها المملكة العربية السعودية منذ ست سنوات - بدعم من الولايات المتحدة - في اليمن، والتي تضمنت هجومًا جويًا مدمرًا وحصارًا بحريًا، لم تمنع الحوثيين أيضًا من الرد بهجمات صاروخية على السعودية. أو خارج شبه الجزيرة العربية أو القيام بعملياتهم الأخيرة في البحر".

 

وأكد التقرير أنه من غير المرجح أن تخفف هذه الضربات الجوية الأمريكية، ناهيك عن حل، مشكلة المخاطر التي تهدد الشحن البحري الذي يستخدم البحر الأحمر وقناة السويس. إن التصعيد العسكري في منطقة غير مستقرة بالفعل لن يطمئن شركات الشحن أو شركات التأمين التي تصدر وثائق التأمين الخاصة بها.

 

مخاطر إضافية

وبالإضافة إلى كونها غير فعالة، فقد أكد التقرير أن الضربات ضد اليمن تنطوي على مخاطر أخرى. "الأول هو تعريض فرص التوصل إلى تسوية دائمة للحرب داخل اليمن للخطر. لقد ولّدت تلك الحرب ما كان على الأرجح أكبر كارثة إنسانية مستمرة من صنع الإنسان في العالم حتى تم تصنيفها على أنها تمييز بغيض بسبب الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة".

 

وأشار ألى ما شهده اليمن من وقف لإطلاق النار بحكم الأمر الواقع، مع مفاوضات سلام بوساطة ، في اليمن خلال معظم العامين الماضيين، "وذلك بعد أن خلص الحاكم السعودي محمد بن سلمان إلى أن استمرار الحرب كان اقتراحًا عقيمًا وكان الانتشال مما أصبح مستنقعًا في السعودية". مشيرا إلى أنها لا تزال هذه هي السياسة السعودية، حيث كان رد الفعل السعودي الرسمي على الضربات الأمريكية هو الدعوة إلى ضبط النفس و"تجنب التصعيد". وأضاف: "لكن التصعيد الأمريكي الذي حدث بالفعل يعقد الصورة ولا يمكن إلا أن يضر بآفاق السلام اليمني، ولا يساعدها".

 

وذكر التقرير أن الضرر الأعم فيتمثل في التكاليف والمخاطر المرتبطة بأي توسع للحرب الإسرائيلية في غزة" مضيفا أن هذه المخاطر تشمل "تحفيز المزيد من التصعيد في أماكن أخرى من قبل لاعبين آخرين تأثروا بتلك الحرب، فضلاً عن النشاط العسكري الأمريكي المتزايد الذي يؤدي إلى حوادث غير مقصودة تخرج عن نطاق السيطرة".

 

أعمال انتقامية

 

واختتم التقرير بخلاصة مفادها أنه- وبالنظر إلى سياسات الولايات المتحدة تجاه إسرائيل والمبررات التي يستند إليها الحوثيون في مهاجمة السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر- فسوف يُنظر إلى الضربات الأميركية على نطاق واسع باعتبارها دعما أميركيا أكبر للدمار الإسرائيلي لغزة. وعلى هذا النحو، فإنه يدفع الولايات المتحدة بعيدًا عن نوع السياسة تجاه إسرائيل التي سيكون لها فرصة لإنهاء الدمار بدلاً من إطالة أمده.

 

وتابع بالقول إن ذلك الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل في حربها على غزة، من شأنه أن "يضعف رغبة الدول العربية في التعاون مع الولايات المتحدة في مسائل أخرى. كما أنه يزيد من احتمالات وقوع أعمال إرهابية انتقامية ضد الولايات المتحدة من قِبَل أولئك الغاضبين من تواطؤ الولايات المتحدة فيما يعتبره كثيرون في العالم إبادة جماعية" .