صنعاء وعدن .. مفارقات ملهاة العبث !

YNP -  إبراهيم يحيى :

يتوقف خصوم الحوثيين كثيرا عند ما يعتبرونه "مفارقات تنتجها ملهاة العبث". ويقرون بمواصلة إخفاقات الشرعية وحكومة هادي، تمكين صنعاء، من تسجيل نقاط عليها، في تجسيد مظاهر الدولة ووظائفها في حدها الأدنى، إعمالا لقولهم "دولة ولو من رماد"، رغم الفارق الكبير في الإمكانات والدعم الإقليمي والدولي.

أربعة إجراءات في يوم واحد، عمدت حكومة صنعاء إلى اتخاذها، تبدو للمراقبين اعتيادية ومن صميم واجبات أي سلطة أو حكومة. لكنها في خضم الحرب الدائرة في اليمن، تبدو استثنائية، ونقاطا فارقة تسجل على الشرعية.

من هذه الإجراءات. حملة ينفذها مكتب الأشغال العامة في العاصمة صنعاء بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، لإزالة مخالفات البناء والمظاهر العشوائية، وتنظيم الأسواق والشوارع وتحسين الخدمات والحفاظ على المظهر والمخطط العام.

حسب مدير مكتب الأشغال في العاصمة صنعاء المهندس دستور غالب فقد "تم إزالة 21 دكانا مستحدثا ومخالفا داخل موقف سوق المقري بحي حدة مديرية السبعين، وأعمدة ملحق فوق الطابق السادس لمبنى مخالف بوحدة جوار (378) بعد إشعار المخالفين أكثر من مرة".

تتزامن الحملة، مع إجراءات تبدو جادة لمعالجة مشكلات الأراضي والأوقاف في العاصمة صنعاء والمحافظات الخاضعة لحكومة صنعاء، عبر إنشاء "اللجنة العدلية" وتصحيح أوضاع الأمناء الشرعيين والسجل العقاري ونشر المخططات العامة الكترونيا، واستعادة عشرات الآلاف من الاراضي.

اللجنة العدلية، عقدت الاثنين، اجتماعا موسعا لمسؤولي مختلف الجهات ذات العلاقة والمندرجة ضمن "المنظومة العدلية" وقف على سير تنفيذ قرارات اللجنة وناقش "الجوانب المتصلة بمعالجة أوضاع المتسولين والحد من جرائم الإتجار بالبشر" حسب وكالة سبأ في صنعاء.

إجراءات يتفق الجميع أنها من صلب مهام أي حكومة، لكنها ما تزال غائبة في عدن والمحافظات الخاضعة لحكومة هادي، مع تصاعد وقائع البسط والسطو المسلح على الأراضي الخاصة والعامة وأراضي الوقف من نافذين تدعهم الفصائل المسلحة المختلفة.

كذلك بدا لافتا، استمرار اللجنة الزراعية العليا التابعة لحكومة صنعاء، في تدشين زراعة ملايين الشتلات الزراعية لمحاصيل مختلفة في محافظات سلطة صنعاء، وأخرها الاثنين، تدشين مشروع زراعة مليوني شتلة فواكه وبُن وسدر ضمن المبادرات المجتمعية بمديرية جبن محافظة الضالع.

يأتي التدشين، ضمن توجه حكومة صنعاء لتحقيق اكتفاء ذاتي في الأمن الغذائي، وتحت شعار” أرضنا مصدر عزنا وفخرنا”، ويستهدف استصلاح الأراضي الزراعية الصلبة وصيانة مجاري السيول والبرك القديمة وقنوات الري" في وقت تؤكد منظمة الفاو "تراجع الإنتاج الزراعي في تعز ومحافظات جنوب البلاد".

وتتلاقى هذه الإجراءات مع تبني حكومة صنعاء حل مشكلة تأخر الزواج أو تعذره بفعل ظروف الحرب وتداعياتها الاقتصادية والمعيشية، عبر دعم مبادرات مجتمعية للتوافق على تيسير الزواج وتوقيع وثائق مجتمعية لتحديد سقف المهور، أخرها في محافظة تعز، قررت "800 ألف مهرا للمرأة البكر و500 للمرأة الثيب".

يضاف إلى ما سلف، الفارق الشاسع بين مستوى ضبط سعر العملة، وتوافر الخدمات العامة في محافظات سلطة حكومة هادي وسلطة حكومة صنعاء، فالأخيرة تشهد استمرار الكهرباء العامة والتجارية، ومياه الشبكة العمومية والصهاريج (الوايتات)، والجانب الأمني تزداد قبضته الحديدية، وخدمات النظافة وغيرها من القطاعات!.

هذا وغيره لا يجد مراقبون تفسيرا له عدا أن "الشرعية وحكومة هادي أخفقت في تجسيد مظاهر الدولة ووظائفها في محافظات سلطتها، لصالح تعزيز ما كان يمكن أن لا يعد تفوقا لحركة أنصار الله (الحوثيين) في جانب إدارة شؤون المواطنين رغم ما تواجهه من حصار بري وبحري وجوي، وافتقاد موارد اقتصادية كالنفط والغاز، والمنح الخارجية".