المبعوثون الأمميون الى اليمن .. تاريخ من الفشل !

YNP - قيس الوازعي :

للمرَّة الرابعة ترسل الأمانة العامة للأمم المتحدة مبعوثًا جديدًا إلى اليمن ! هذا إذا تجاهلنا مبعوثها الأسبق الأخضر الإبراهيمي في عام 1994، ليصبح عدد المبعوثين الأمميين خمسة، فضلًا عن المبعوث الأمريكي الخاص للرئيس بايدن !

 

ففي عام 1994 ظل الأخضر الإبراهيمي في صنعاء ( فندق شيرتون)  يتابع الحرب في المحافظات الجنوبية، دون أن يبدي اعتراضًا! ؟

 

تعدد المبعوثين الدوليين إلى اليمن، ما بين عرب وعجم، يشعرك أن القضية اليمنية أكثر صعوبة وتعقيدًا من القضية الفلسطينية ذاتها !

 

الغريب في أمر هذا التعدد العالمي للمبعوثين أنهم لم يتمكنوا من إنجاز أيٍ من الأهداف والمهام التي أرسلوا من أجلها أو لتحقيقها !؟

 

والعجيب أن هذا الفشل الأممي المزري لم تختص به اليمن، دون غيرها، وإنما هو فشل في حل مختلف القضايا في العالم. نذكِّر بهذا حتى لايقال إن اليمنيين، وحدهم،هم من يتسبب بفشل المبعوثين !

 

وهنا يحق لنا أن نتساءل: لماذا ترسل الأمم المتحدة مبعوثيها وقد تأكد لها فشلهم؛ الواحد بعد الآخر؟

 

هل الهدف من إرسالهم إظهار الاهتمام بقضايا العالم أم أن العملية مجرد إسقاط واجب، لا أكثر؟!

 

والسؤال الأهم هو: ما هي أسس أو شروط الكفاءة، التي تعتمد عليها الأمم المتحدة عند اختيار مبعوثها قبل إرساله ؟ ثم هل تخضع مهام المبعوثين السابقين للدراسة والتقييم، لمعرفة مواطن النجاحات والإخفاقات وأسباب كلٍّ منها، بحيث يتم اختيار المبعوث اللاحق لإنجاز مافشل فيه المبعوث السابق..مثلًا ؟

 

فشل المبعوثين المتكرر يجيب على تساؤلاتنا السابقة. أما لو خضعت نتائج المجهودات جميعها للدراسة لما تكرر الفشل .

 

في قناعات المبعوثين الأمميين أن مهامهم لا تتعدى دور (المسهِّل)، كما يقولون !

 

بمعنى أن مهمتهم محدودة، غايتها التقريب بين وجهات نظر أطراف المشكلة، وحسب. فإن حالف المبعوث النجاح، في حدود قناعاته، كان بها وإلّا فإن على الأمين العام استبداله بغيره، للخوض في ذات النقاط، وهكذا وفي حدود التسهيل ! 

 

واحدة من مشكلاتنا مع المبعوثين الأمميين تكمن في ميلهم الدائم إلى الغموض والتكتُّم وعدم المصارحة بالحقائق التي توصلوا إليها، والاستعاضة عن المصارحة ببث روح التفاؤل بقرب التوصل إلى حل. يفعلون ذلك وهم، في قرارة أنفسهم، يعيشون حالة من الإحباط والفشل، الأمر الذي يفقد الشعب الثقة فيهم وفي مصداقيتهم !؟

  

يتخذون من التكتم استراتيجية دبلوماسية هدفها عدم إلقاء اللائمة على الطرف المعرقل للحل، خشية تنفيره وخوفًا من عدم تعاطيه مع المبعوث، في المرات القادمة !

 

لكنهم لايدركون عواقب التيئيس و فقدان الثقة بهم من قِبل الشارع اليمني !

 

قد تكون هذه الاستراتيجية مناسبة في مراحل معينة من مراجل الحوار، لكنها لن تكون مناسبة في المرحلة النهائية. حيث يجب على المبعوث، عند وصول مجهوداته إلى طريق مسدود، لاأمل في تجاوزه، هو وضع النقاط على الحروف. فيذكر الطرف المعرقل بالإسم، ويعرض وجهة نظره للحل بالتفصيل !

  

الأخطر من ذلك أن تتضمن إحاطات المبعوثين لمجلس الأمن صورَا من الضبابية، التي تعيق المندوبين عن معرفة الحقيقة كاملة، غير منقوصة.

 

يحرص المبعوثون، دائمًا، على الظهور بمظهر المحايد بين الأطراف، فيجعل الخطأ مشتركًا، محاولًا التعمية بخلط الأوراق؛ فلا يفهم السامع سوى عدم رغبة كافة أطراف المشكلة في التوصل إلى حلول .

 

دعونا نتفاءل خيرًا بمقدرة المبعوث الأممي الجديد السويدي الجنسية( هانس جروندبيرغ) كونه على علم وإحاطة كافية بالقضية اليمنية وتشعباتها، بعد أن عمل سفيرًا للاتحاد الأوروبي في اليمن، منذ عدة سنوات، وإن كانت مهمته محصورة بالتسهيل أو التقريب بين وجهات نظر الأطراف، وحسب !

 

وشيء آخر يبعث الأمل في إمكانية نجاح المبعوث الجديد،هو وصول أطراف الأزمة إلى قناعات جديدة بضرورة خفض سقوف مطالبهم قليلًا ، بعد أن جرَّب كلٌّ منهم حظه في محاولات إحراز الانتصارات العسكرية والسياسية التى كان يطمح إليها، بعد السنوات الست من الصراع !

  

لانعتقد بأن الأزمة اليمنية بالغة التعقيد أو شديدة الغموض، إلى الحد الذي يستحيل عنده التوصل إلى الحل المرضي للجميع. ولا نريد الذهاب بعيدًا في الحديث وفق نظرية المؤامرة، بحيث نلقي باللائمة على الأطراف الخارجية ؛ إقليمية أو دولية، وأنها السبب في عدم التوصل إلى حل ينهي الأزمة.

 

فكل المعطيات تشير إلى رغبة الجميع في وقف الحرب والدخول في العملية السلمية.

  

وتبقى العقبة الكبرى أمام أي مبعوث إلى اليمن ربط حل القضية اليمنية بقضايا إقليمية أو دولية معقدة !

 

والصواب أن يتم التعامل مع ملف القضية اليمنية باستقلالية تامة، بعيدًا عن تأثيرات القضايا الأخرى .