عدن تكتوي بنار الإرهاب

YNP- خاص :

لا يزال الإرهاب يضرب مدينة عدن الجميلة ، تلك المدينة التي لا يمكن لأي مدينة في العالم منافستها فيما تتعرض له من جرائم إرهابية، وفي تعداد ما يستخلصه منها الإرهاب من الأرواح البريئة والطاهرة .. لقد أضحت تلك المدينة (بموقعها الاستراتيجي الحيوي،

وبمكانتها ودورها وبريقها التاريخي الذهبي في عالم الاقتصاد والنقل والتجارة،) مسرحاً مفتوحاً أمام الإرهاب بشتى أنواعه ومصادره واختلاف دوافعه ومحركاته، وفيها تتواصل جرائمه بشكل شبه يومي في مسار تصاعدي ومسلسل تراجيدي حلقاته الدموية وفصوله المأساوية متواصلة يتابعها العالم - للأسف الشديد - بصمت مريب، وربما بابتسامات رضى أو سخرية في بلد لا يزال حتى اللحظة خاضعا للوصاية الدولية، وأحكام البند السابع.

ورغم ما يتحتم على الأسرة الدولية من واجبات إنسانية تجاه الشعب في مثل هذه الأوضاع الاستثنائية ، تتعمد دول ما يسمى بالتحالف وكذا دول الرباعية الدولية التجاهل وعدم الرؤية أو التقدير لحجم الخسائر المكلفة والتضحيات الجسيمة التي يدفعها هذا الشعب يومياً جراء الجرائم الإرهابية واستمرار الحرب الاستنزافية بوسائلها وأشكالها المختلفة ، التي يعرفون خفاياها وتفاصيلها الدقيقة، أكثر من غيرهم ، ورغم ذلك يتعمدون تجاهل ما ترتب عنها من صنوف وأشكال معاناة متعددة - ليست جرائم الإرهاب سوى صورة من صورها - بغية كسر إرادة هذا الشعب وإجباره على الاستسلام.

ما من شك أن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، إلى جانب دول الرباعية المعنية بملف الحرب في اليمن ،تقع على عاتقهم مسؤولية أخلاقية وإنسانية وواجبات دولية إزاء الشعب اليمني ، لا سيما فيما يتعلق بجرائم الحرب والإرهاب باعتبارها جرائم ضد الإنسانية، يجب مكافحتها وتقديم مرتكبيها إلى العدالة الدولية ( محكمة الجنايات الدولية).

غير أن شيئا من هذا القبيل لم يتحقق أو يسمع أو يشاهد باستثناء بيانات الإدانة، التي غالبا ما تنتهي بدعوة جميع الأطراف إلى تنفيذ إتفاق الرياض ، الذي أصبح بالنسبة للبعض أشبه بقميص عثمان وشماعة التسويق والتبرير لما تتعرض له عدن وأبناءها من حرب استهداف سياسي واقتصادي وعسكري وجرائم إرهابية متواصلة.

وبدلا من النهوض بواجبهم الأخلاقي والإنساني الذي يتحتم عليهم النهوض به من خلال العمل على تجفيف منابع وبؤر هذه الحرب وكذا التصدي لجرائم الإرهاب ومنعها من مصادرها يلقون باللوم - عقب تفاقم كل أزمة إنسانية تشهدها عدن أو وقوع جريمة إرهابية - على جميع الأطراف مبررين ما يجري ويحصل بعدم تنفيذ إتفاق الرياض.

وأكثر من ذلك يستمرون في تسويق الوعود ( العرقوبية اليومية ) عبر وسائل إعلامهم الرسمي، أو أثناء زيارات الوفود الأممية والدولية إلى عدن ، لا لشيئ سوى تخدير أبنائها لتحمل سكرات وربما حقنات الموت الرحيم القادم الذي يراد تسويقه لهم.

 هذه الوعود رغم كثرتها لم تعد كافية اليوم لردم الهوة المتنامية بين الصورة والواقع والأوهام والأحلام والحقيقة المعاشة يوميا في عدن ، التي تكشف في وجهها الأول عن أبشع صور الوحشية المجردة والحقد الأعمى للعدو الداخلي، فيما يحمل وجهها الآخر السم المخلوط بالعسل الذي تسوقه دول التحالف والرباعية للشعب ولعدن وسكانها بشكل خاص ، الذين يدفعون ثمن هذه اللعبة الحقيرة المجردة من كافة الأخلاق والقيم والأعراف الإنسانية مع مرور كل يوم .

وبالنظرة التأملية العميقة في كل ما تقدم ذكره يمكن القول أن صمت الرباعية الدولية والمجتمع الدولي عما تتعرض له عدن من إرهاب قد يكون جزءاً من أدوات ووسائل الإدارة والتعامل مع الملف اليمني ، وأن نشاط الجماعات الإرهابية وارتكابها لجرائم التفجير والقتل والإزهاق لأرواح الأبرياء في عدن تعد أعمال مشروعة بالنسبة لهم، طالما وهم من يمتلكون مفاتيح التحكم بهذه الجماعات وتوجيهها وطالما لا تشكل أعمالها وجرائمها خطرا على شعوبهم أو تهديداً لأمنهم القومي ومصالحهم.

تلك هي الحرب القذرة التي تتعرض لها عدن بالذات ، لتبقى الحقيقة هي حقيقة إطلاق العنان لغول الإرهاب للعبث بأمنها واستقرارها وسلمها الإجتماعي وإزهاق الأرواح البرئية الطاهرة فيها على مرأى ومسمع وصمت مريب ومعيب من دول الرباعية ودول الإقليم والعالم أجمع .