كيف نقلت قوى التحالف اخفاقاتها من الساحل الغربي إلى الساحل الجنوبي؟!

YNP _ حلمي الكمالي :

لم تعد تمتلك قوى التحالف أي أرضية صلبة على الساحة اليمنية، للحفاظ على بقائها فترة أطول، بعد نفاد كل الخيارات الممكنة، عسكريا وسياسيا ، ما يجعلها تدفع بكل ثقلها لنقل إخفاقاتها من منطقة إلى أخرى، تماما كما محاولاتها هذه المرة، توجيه بوصلة تلك الإخفاقات من الساحل الغربي إلى الساحل الجنوبي، وتفضيلها خيار الهروب على أي مواجهة عسكرية مع قوات صنعاء !.

في قراءة سريعة للمستجدات الطارئة في محافظتي الحديدة وشبوة، فإن ما يمكن فهمه من انسحابات الفصائل الإماراتية من سواحل الحديدة ونقل ألويتها إلى عدن وأبين، يأتي في إطار مخطط إماراتي يدفع بإصرار شديد لإقتحام عتق واسقاط سلطة الإصلاح، في القريب العاجل.

إلى جانب التقدم من المحافظة الإستراتيجية للسيطرة على الهضبة النفطية في حضرموت، وهو ما جاء بصريح العبارة على لسان القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي، أحمد بن بريك، الذي أعلن عن إقتراب " ساعة الصفر " للهيمنة على محافظة حضرموت وطرد فصائل الشرعية منها، وعلى رأسها حزب الإصلاح.

كل ما سبق هو في نطاق المخطط الإماراتي الذي انضمت إليه السعودية مؤخرا، ويسعى لتمريره على إمتداد السواحل الجنوبية للبلاد، وهو مخطط لاستباق إعلان سقوط مأرب بيد قوات صنعاء، ويتمثل، بالدفع بكيان جديد _ الإنتقالي وصالح_ بديلا عن هادي والإصلاح، والدفع أيضا لترسيم معادلة جديدة تقدم الكيان الجديد على أنه الطرف الأمثل والمهيمن على الساحة الجنوبية، ليقف أمام صنعاء، في مفاوضات سيتم إعلانها والضغط على دخولها عقب سقوط المحافظة النفطية الكبرى.

بوضوح أكثر، تعمل القوى الدولية وعلى رأسها بريطانيا وواشنطن، لتمكين الكيان الجديد من تحقيق أي سيطرة على الأرض جنوبي البلاد، ولو سيطرة رمزية، لإشراكه في أي عملية سياسية مع صنعاء قد تقرها أية مفاوضات أممية قادمة، حتى لو كانت صنعاء صاحبة الأسبقية في قيادة تلك المرحلة، بهدف ضمان تمرير مصالح تلك القوى عبر أدواتها الجديدة.

ببساطة ، فإن آخر رهانات التحالف تتعلق اليوم بإلقاء هذا الكيان الجديد، الخليط من الإنتقالي وطارق صالح، شريطة أن لا يتم إقحام الكيان في مواجهات مباشرة مع قوات صنعاء مهما كانت الأسباب والظروف، وهذا ما يعلل انسحابات الفصائل الإماراتية والقوات السعودية فيما عرف مؤخرا " بإعادة التموضع "، ولكن لماذا تتهرب فصائل التحالف المدعومة إماراتيا من مواجهة قوات صنعاء ؟!.

الحقيقية أن تلك الفصائل تخشى " الفضيحة " في حال واجهت قوات صنعاء، لأنها تدرك ضعفها مقارنة بالفصائل الأخرى التي تمتلك جيوش طويلة وعريضة وسقطت جميعها أمام ضربات صنعاء، وهو ما تدركه قوى التحالف التي تفضل خيار الهروب من المواجهة وخسارة مدن ومحافظات على أن تخسر ما تبقى من فرص لإعادة تمرير مصالحها ومشاريعها، هذا إلى جانب هروب أبو ظبي من دفع تكلفة المواجهة في حال تم استهداف عمقها من قبل صنعاء.

وفقا لهذا الطرح السابق ، لا نستبعد إنسحاب مماثل للفصائل الإماراتية من سواحل محافظة شبوة، في حال قررت قوات صنعاء السيطرة على مدينة عتق، التي تسعى لإقتحامها وطرد آخر معاقل هادي والإصلاح.

على كلا، تظل صنعاء هي صاحبة الكلمة الفصل في المشهد اليمني، فيما تبقى كل المستجدات السياسية والعسكرية الطارئة على ملعب التحالف وفصائله؛ أعراض وتداعيات لتلك الأحداث الجوهرية التي تحدثها صنعاء في مجمل تفاصيل المواجهة المفتوحة في الداخل والإقليم.